الأمم المتحدة تحذر من انزلاق ليبيا نحو مستويات جديدة من الفوضى

03 سبتمبر 2020
وليامز تحذر في إحاطتها من تدهور الأوضاع (جوهانيس سيمون/ Getty)
+ الخط -

حذرت القائمة بأعمال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، ستيفاني وليامز، مساء الأربعاء، من تدهور الأوضاع في ليبيا ومن انزلاق البلد نحو مستويات جديدة من الفوضى إذا ما استمر التدخل الأجنبي وتزويد السلاح لأطراف النزاع في ليبيا رغم حظر تصدير السلاح المفروض عليها.
وجاءت أقوال وليامز، خلال إحاطة قدمتها عن بعد عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، أمام مجلس الأمن الدولي خلال اجتماعه لمناقشة آخر مستجدات الملف الليبي، حذرت خلالها من التطورات بمحيط سرت (وسط شمال ليبيا).
وبخصوص تواصل تزويد أطراف النزاع بالأسلحة قالت وليامز "منذ آخر إحاطة قدمها الأمين العام (أنطونيو غوتيريس) لكم في 8 يوليو/ تموز، هبطت نحو 70 رحلة إمداد في المطارات الشرقية"، في إشارة إلى مليشيات اللواء المتقاعد، خليفة حفتر.

وأضافت أنه "تم إرسال 30 رحلة إمداد إلى مطارات في غرب ليبيا دعماً لحكومة الوفاق الوطني". وتابعت قائلة: "على غرار ذلك، رست حوالي تسع سفن شحن في الموانئ الغربية دعماً لحكومة الوفاق الوطني، فيما أفادت التقارير وصول ثلاث سفن شحن دعماً للقوات المسلحة العربية الليبية (ميليشيا حفتر)".


وأشارت وليامز إلى إطلاق ميليشيات حفتر لصواريخ "غراد" نحو مناطق تنشط فيها قوات تابعة لحكومة الوفاق الوطني وذلك بالقرب من سرت، في 26 أغسطس/ آب، وأخرى ليل أمس من قبل قوات حفتر كذلك. وقالت إن ذلك يشكل خرقاً لوقف إطلاق النار الذي قال متحدث باسم حفتر إنه وقع عليه في يونيو/ حزيران.
وتحدثت المسؤولة الأممية عن أزمة الطاقة الحادة التي يواجهها الليبيون، وقالت "مع ارتفاع أسعار الوقود في الأسواق الدولية، يزداد النقص المحلي في الوقود أيضاً ويؤثر سلباً على قطاعات متعددة من الاقتصاد، بما في ذلك الكهرباء." وأشارت إلى انقطاع الكهرباء في العاصمة الليبية طرابلس لفترة تصل إلى عشرين ساعة يومياً، وأكدت على ضرورة الرفع التام لإغلاق حقول النفط القائم منذ يناير/ كانون الثاني. 


كذلك حذرت وليامز من عواقب انتشار وباء كورونا على الليبيين وخروجه عن السيطرة، بعدما سجلت أكثر من 15 ألف حالة إصابة و250 حالة وفاة إلى غاية أمس الثلاثاء. ورجحت أن يكون النطاق الحقيقي لانتشار الوباء أوسع مما تم تسجيله بسبب النقص في قدرات الاختبار. ولفتت الانتباه كذلك إلى أن "نظام الرعاية الصحية، الذي كان على حافة الانهيار التام بعد أكثر من تسع سنوات من النزاع، غير قادر على الاستجابة للعبء الإضافي الذي يلقيه عليه مرضى كورونا إلى جانب الحفاظ على الخدمات الصحية العادية، بما في ذلك برامج تطعيم الأطفال". وقدرت أن هناك قرابة مليون شخص في ليبيا يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية في العام الحالي.
كما عبرت عن قلقها الشديد إزاء أوضاع المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا، معرضين بذلك حياتهم لخطر كبير. وقالت "لقد حاول أكثر من 7 آلاف مهاجر ولاجئ العبور هذا العام؛ توفي من بينهم أكثر من 300 شخص".

ووجهت انتقادات للدول الأوربية قائلة "من غير الممكن اعتبار ليبيا ميناءً آمناً للإنزال حيث أُعيد العديد من المهاجرين واللاجئين الذين تم اعتراضهم في البحر إلى ليبيا ووضعوا قيد الاحتجاز." وفيما تحدثت عن وجود قرابة 2400 طالب لجوء ومهاجر في مراكز الاحتجاز الليبية الرسمية، لفتت إلى أنهم "يتعرضون بشكل يومي لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وهناك عدد أكبر منهم في مواقع غير رسمية لا تستطيع الأمم المتحدة الوصول إليها". وحثت السلطات الليبية على إيجاد البدائل لمراكز الاحتجاز واتخاذ خطوات أكبر ضد مهربي البشر.  
من جانب آخر، عبرت المسؤولة الأممية عن تفاؤل حذر إثر "إصدار رئيس المجلس الرئاسي، فائز السراج، ورئيس مجلس النواب (بطبرق)، عقيلة صالح، بيانين متزامنين، وإن كانا منفصلين، يدعوان فيهما إلى وقف فوري لإطلاق النار وإنهاء حالة الإغلاق النفطي والعودة إلى العملية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة". وقالت "ما زلت متفائلةً بأنه في ظل وجود العديد من أوجه التقارب بين كلا الإعلانين، فقد تكون لدينا فرصة للمضي قدماً فيما يتعلق بالمناقشات السياسية والأمنية بين الليبيين مع الاستمرار في التواصل مع القوى السياسية والعسكرية الرئيسية الأخرى في جميع أنحاء البلاد."
وحول المباحثات المتعلقة بالجانب العسكري قالت "واصلت البعثة مباحثاتها مع وفود الجانبين تحت رعاية اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5"، مشيرة إلى عقد ثلاث جولات من المحادثات خلال الأسابيع الستة الأخيرة عبر الاتصال المرئي مع حكومة الوفاق الوطني وجولتين مع وفد حفتر، وذلك في مسعى للحث على وقف التصعيد على الفور. وأشارت إلى حثها الطرفين على إنشاء تدريجي لمنطقة منزوعة السلاح بدءاً من سرت مدعوماً بمجموعة شاملة من تدابير بناء الثقة، مضيفة أن هذا المقترح يشمل أيضاً إنشاء آلية دولية مشتركة مصغرة لرصد وقف إطلاق النار. 

إلى ذلك قال السفير الليبي لدى لأمم المتحدة، طاهر السني، خلال مداخلته أمام المجلس إن "تحقيق وقف فعلي لإطلاق النار وإنجاحه يقتضي أن تصبح منطقتا سرت والجفرة منزوعتي السلاح"، داعياً إلى "ضرورة خروج القوات الأجنبية والمرتزقة منهما ومن كافة مناطق ليبيا، لأن الغاية الأساسية هي استرجاع السيادة الكاملة على التراب الليبي".
وأوضح أن ذلك "يتضمن أيضاً إعادة فتح الموانئ والحقول النفطية على الفور، والتي ثبت للجميع أن قرار إقفالها جاء بإيعاز خارجي، فكفى لعباً بقوت الليبيين، فقد وصل حجم الخسائر حتى اليوم حوالي 9 مليارات دولار، ومع حدوث أضرار جسيمة للبنية التحتية للمنشآت والمرافق النفطية".


ثم رحب السني بـ "بيان القيادات السياسية في الشرق فيما يخص وقف إطلاق النار وضرورة عودة إنتاج النفط، لكننا وحتى اللحظة لم نر أي تجاوب أو موقف واضح لكلا الأمرين من المجموعات العسكرية التي يمثلها حفتر وميليشياته." وقال إنه "يجب على مجلس الأمن هذه المرة والمجتمع الدولي إظهار الجدية في تنفيذ قراراته وتفعيل وقف إطلاق النار وإلزام الطرف الآخر بذلك رسمياً، لأن الكل يتساءل، ما هي ضمانات تنفيذ وقف النار وعدم تكرار العدوان من جديد كما حدث قبل مؤتمر غدامس العام الماضي؟ ما جدوى محادثات 5+5 إذا لم يعلن التزامه بالاتفاق؟".


وأكد على ضرورة الإسراع في تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية بحلول مارس/ آذار 2021، وفق قاعدة دستورية مناسبة، بدعم كامل من الأمم المتحدة وبتنسيق مع باقي المنظمات الإقليمية. وطالب "الأمم المتحدة بالاستعجال في تعيين منصب المبعوث الأممي"، محذراً من أن "هناك من يستغل هذا الأمر لإفشال المساعي الأممية، ولا نرى مانعاً في المقترحات المقدمة لتعيين ممثل خاص للأمين العام ورئيس للبعثة، المهم لدينا إتمام التعيين واستئناف الحوار السياسي الشامل على وجه السرعة".

من جهته، رحب مندوب ألمانيا، غونتر زاوتر، والذي ترأس بلاده كذلك لجنة العقوبات الخاصة بليبيا، بوقف إطلاق النار المعلن. وأكد على ضرورة أن يختار المجلس مبعوثاً للأمين العام للأمم المتحدة لليبيا على وجه السرعة. وفيما قال إن دولاً أعضاء في مجلس الأمن وأخرى اشتركت في مؤتمر برلين مستمرة بخرق حظر توريد السلاح، تحدث عن ارتفاع عدد الضحايا من المدنيين بسبب مخلفات السلاح والألغام التي تركتها قوات حفتر خلفها.