تفاصيل المعاناة عند العائلة تبدأ حين سماعها بقرب أيّ منخفض أو حتى زخة مطر، إذ تشمّر عن سواعدها استعداداً لمياه الأمطار، التي تدخل إلى بيتهم من السماء والأرض.
ويضمّ البيت المتهالك، الواقع في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غربي مدينة غزة، ثمانية أفراد، بينهم الأطفال، وطلاب المدارس. وعندما تشتد الأمطار، فإنها تغمر كافة أركانه وجدرانه القديمة.
ويقول إياد رضوان أبو رائد (46 عاماً)، لـ"العربي الجديد"، إنه يعاني وأسرته أوضاعاً إنسانية ومادية صعبة للغاية، نتيجة توقفه عن العمل منذ سنوات بفعل الأوضاع الاقتصادية السيئة في قطاع غزة، علاوة على أنه لا يتمكن من ترميم بيته، أو إضافة أي جديد عليه، إذ بالكاد يوفر "الخبز الحاف" لأطفاله وعائلته من عمله في البناء.
ويشير إلى أنه يحصل على شيك الشؤون الاجتماعية من وزارة التنمية الاجتماعية كل ثلاثة أو أربعة شهور، إلى جانب كوبونة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، مبيناً أن أيا منها لا يكفي العائلة سوى لأيام معدودة.
الحال لا يختلف كثيراً عند جاره منير أبو علي، الذي يقطن إلى جواره في "بلوك أربعة"، الواقع ضمن بلوكات معسكر الشاطئ للاجئين الفلسطينيين، إذ نُقشت ملامح المعاناة على جدران بيته المتهالك، وسقفه الآيل للسقوط، وأرضيته التي لا تصلح لبيت يعيش فيه بشر.
الفقر المدقع ظهر كذلك على زوايا بيت أبو علي ومحتوياته وفراشه وملابسه، علاوة على ملامحه التي حملت البؤس والألم المرافق له نتيجة تعرّضه لإصابة في خاصرته، وكسر في قفصه الصدري.
ويقول منير أبو علي (42 عاماً)، لـ"العربي الجديد"، إنه لا يحصل سوى على شيك الشؤون الاجتماعية، وكوبونة "أونروا"، مضيفاً: "تذهب أموال الشيك إلى أصحاب الديون قبل وصولي إلى البيت، وأقضي بقية الشهور على الاستدانة، أو حرمان أطفالي".
ويعيش مع أبو علي تحت "شبه سقف بيته" اثنان من أولاده واثنتان من بناته وزوجته، وهو متوقف عن عمله في خياطة الملابس منذ عام 2006، مبيناً أنه ومنذ ذلك التاريخ لا يوفر لأطفاله سوى أشد الضروريات، إن تمكن من توفيرها، وفق وصفه.
سواد الجدران والأرضية والممرات، كذلك، انتقل إلى عائلة أم نادر أبو علي، والدة منير، والتي تعيش في بيت ملاصق له، وتتقاسم معه الألم والحرمان، وتفاصيل الحياة القاسية.
وتوضح، لـ"العربي الجديد"، أن البيت المكون من ثلاثة طوابق مهترئة ومتصدعة، يسكن فيه حوالي 25 فردا، مضيفة: "نغرق في ماء الدلف منذ بدء هطول الأمطار، إذ تدخل علينا المياه من السقف والجدران المشققة".
ليست هذه العائلات وحدها من تعاني طيلة العام، وتزداد معاناتها مع هطول أمطار فصل الشتاء، إذ يشبه حالها مئات العائلات الأخرى المنتشرة من شمال قطاع غزة وحتى جنوبه، تقتات على خبز المساعدات، وتوفر حاجياتها الأساسية، بينما تعيش أسر أخرى أوضاعاً اقتصادية أكثر سوءاً من جراء عدم حصولها على أي مساعدات.