أعادت موجة الأمطار التي شهدها العراق، أخيراً، الحياة إلى البادية الجنوبية التي شهدت خلال السنوات الأخيرة هجرة ملحوظة لكثير من سكانها بسبب الجفاف.
وسجّلت البادية الجنوبية سفرات سياحية داخلية من سكان المحافظات إليها بدلاً من الذهاب كما جرت العادة إلى محافظات شمال العراق، وشهدت بوادي السماوة والبصرة وبدرة وجصان والمثنى سفرات وتخييم وحفلات شواء وصيد للطيور البرية والحيوانات التي تنتشر في تلك المنطقة.
وأنعشت الأمطار نسبة كبيرة من المناطق الصحراوية الواقعة غرب وجنوب البصرة، حيث تحولت إلى مناطق خضراء صالحة للرعي، وفقا لما أكده حيدر سامي، وهو أحد كبار مالكي الأغنام في بلدة الزبير بالبصرة، الذي قال لـ"العربي الجديد"، إنّ مواسم الجفاف في السنوات الماضية كلفته خسائر كبيرة، لأنه اضطر للانتقال من البادية إلى الريف، واستئجار مزارع بمبالغ كبيرة من أجل الرعي.
وأضاف "أما الآن فإن وجود بادية خضراء يوفر علينا الكثير من المال والجهد"، معبرا عن أمله بهطول الأمطار مجددا ليستمر ظهور العشب لفترة أطول.
من جهته، قال مدير بلدة سفوان، جنوب غرب البصرة، طالب الحصونة، إنّ الأمطار الغزيرة هذا العام أعادت الحياة إلى المناطق الصحراوية، مشيرا خلال تصريح صحافي، إلى ازدياد عدد السفرات السياحية للمواطنين إلى هذه المناطق من أجل التمتع بالمساحات الخضراء المفتوحة بعيدا عن ضجيج المدينة.
Facebook Post |
ولفت إلى أن هذه الجولات يتخللها أيضا التنقيب عن فطر "الكمأ" الذي عاد بعد غياب اضطراري لسنوات بسبب شحّ الأمطار، مؤكدا عودة البدو الرحل بمواشيهم إلى الأماكن المناسبة للرعي، للتخلص من ارتفاع أسعار العلف.
Facebook Post |
كما شهدت بادية محافظة المثنى (جنوبا)، التي تمتد حتى حدود العراق مع السعودية، عودة ملحوظة للبدو الذين غادروها مرغمين خلال السنوات الماضية.
وأوضح صكبان الشمري، وهو من البدو الذين اعتادوا العيش في بادية المثنى، أنّ المنطقة تحولت هذا العام إلى مراعٍ خضراء دفعت أعدادا كبيرة من البدو الذين غادروها سابقا للعودة إليها، مشيرا في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى وجود أمل بأن تعود الحياة للمناطق الصحراوية بشكل كامل.
وأضاف "في السابق كان البدو موردين مهمين للحوم الأغنام والإبل والألبان بأنواعها إلى المدن، وهذا الأمر كان يدّر عليهم أموالا كثيرة، حتى اشتهر كثيرون منهم بالغنى"، مستدركا "إلا أن مواسم الجفاف خلال السنوات الماضية ألحقت خسائر فادحة بالبدو الذين اضطر كثيرون منهم لشراء أراضٍ في مناطق ريفية والاستقرار فيها لتعويض غياب العشب عن الصحراء، وبعضهم تزوج وكوّن أسرة في الريف والمدينة، ومن الصعب أن يعود للصحراء مجددا".
وتوقع مختصون في وقت سابق، أن تشهد المناطق الصحراوية الواقعة جنوب العراق، لا سيما بادية المثنى، انتعاشا بعد سقوط الأمطار فيها بكميات كبيرة، موضحين أن كميات "الكمأ" ستتزايد فيها خلال فصل الشتاء.