الأمطار تظهر ألغام العراق

26 ديسمبر 2016
ساعدت الأمطار في كشف الألغام (أحمد الربيع/Getty)
+ الخط -
تسبّبت الأمطار الغزيرة، التي ما زالت تهطل على المدن العراقية منذ 72 ساعة، في تجريف عشرات الألغام والعبوات الناسفة، وإظهارها على سطح الأرض في المدن التي تمت استعادتها مؤخراً من قبضة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ما خفف العبء عن فرق التفتيش المتخصصة في نزع وتفكيك الألغام وقلص نسبة الخسائر البشرية.

وقال مسؤولون في وزارة الداخلية العراقية، الإثنين، إنّ "الأمطار التي غمرت مساحات واسعة من المدن العراقية، وخاصة المناطق التي كانت تحت سيطرة تنظيم "داعش"، جرفت أعداداً كبيرة من الألغام والعبوات الناسفة التي كانت مزروعة ومدفونة تحت التربة، ولم تكتشفها فرق الأمم المتحدة لنزع الألغام أو الفرق الهندسية التابعة للجيش العراقي".

وأوضح ضابط عراقي رفيع، لـ"العربي الجديد"، أنه "تم اكتشاف 6 ألغام في مدينة الفلوجة جرفتها مياه الأمطار، و10 عبوات ناسفة كبيرة في الرمادي، وعدد من الألغام الأخرى في مدينة تكريت والقرى والطرق التي كانت مزروعة بالألغام ".

وجاءت الأمطار الغزيرة منقذةً للكثيرين من فتك الألغام والعبوات الناسفة، بعد أن أظهرتها على السطح وكشفتها لفرق التفكيك المتخصصة، ما سهل عملها وقلص نسبة احتمال وقوع خسائر بشرية في حال انفجارها.

وقال حازم الشمري، متطوع في فرق تفكيك المتفجرات، إنّ "الأمطار الغزيرة كشفت عشرات الألغام في المناطق الساخنة، وسهلت عملية استخراجها وتفكيكها بعد إظهارها على السطح، ما يقلل احتمال انفجارها وتسببها بخسائر بشرية".


وتابع الشمري لـ"العربي الجديد": "خلفت الحرب عشرات الآلاف من الألغام في مناطق الصراع تشكل خطراً محدقاً بالمواطنين، وأغلبها ما زالت مدفونة ومزروعة تحت سطح الأرض ويتطلب كشفها وتفكيكها جهداً ووقتاً كبيرين".

ولعل مدينة الرمادي إحدى أكثر المدن التي تعرضت للتفخيخ وزرع العبوات والألغام، إذ كشف مجلس الأنبار، في بيان سابق، عن وجود أكثر من 200 ألف عبوة ولغم في مختلف شوارع ومنازل وبنايات الرمادي تشكل خطراً على المواطنين. وكذلك الحال في الفلوجة وتكريت وبيجي، إذ تنتشر آلاف العبوات الناسفة التي تواجه الفرق الهندسية المتخصصة في كشفها وتفكيكها صعوبات بالغة في الوصول إليها.



وقال خبير المتفجرات، سامر العبيدي، إنّ "هذه العبوات والألغام تقوم الجماعات المسلحة بزراعتها تحت سطح التربة بعمق نصف متر إلى متر تقريباً، لذلك ليس من السهل كشفها، والمشكلة أن آلافاً منها مزروعة في مختلف الشوارع والطرقات والساحات العامة".

وتابع العبيدي: "الأمطار جاءت منقذة للكثيرين عبر تجريفها عشرات العبوات والألغام وإظهارها على السطح، ما يسهل عملنا في تفكيكها وتقليص نسبة الخسائر البشرية".

وراح ضحية الألغام والعبوات الناسفة، عشرات المدنيين في المناطق التي استعادتها القوات العراقية، نتيجة عمليات التفخيخ المعقدة التي مارسها تنظيم "داعش" في تلك المناطق والمدن.

وتشكو الفرق الهندسية للكشف عن الألغام والعبوات الناسفة من قلة الأجهزة الحديثة المخصصة للكشف، ما يعقد عمليات البحث عن الألغام.

وكانت أمطار العام الماضي قد كشفت عشرات الألغام والعبوات الناسفة بعد أن جرفتها مياه الأمطار، ما سهل عمليات تفكيكها من قبل الفرق الهندسية المتخصصة، واكتشفت فرق الهندسة العسكرية، العام الماضي، عدداً من حقول الألغام في مدينة الرمادي، بعد أن جرفت وكشفت الأمطار عشرات العبوات التي كانت مزروعة في الشوارع والأراضي الزراعية، ما سهل عملية تفكيكها حسب المختصين.

وقال مواطنون إن الأمطار والسيول ساعدتهم في معرفة حقول الألغام، وتحديد أماكنها لتفادي الاقتراب منها بعد أن ذهب العديد منهم ضحية لتلك الألغام والمتفجرات المزروعة تحت سطح الأرض.

ويعتبر الخبراء أن السيول عامل مهم جداً في كشف حقول الألغام، كما حصل في الأعوام الماضية حينما كشفت السيول حقول ألغام كبيرة في المناطق الحدودية مع إيران، وجرفت مئات الألغام المزروعة منذ ثمانينات القرن الماضي إبان الحرب العراقية الإيرانية.

وشدد خبير مكافحة الألغام، عبد السميع القريشي، على أنّ "السيول والأمطار من أهم عوامل كشف حقول الألغام، كما حصل في العام الماضي حينما كشفت السيول الناجمة عن الأمطار الغزيرة عدداً من حقول الألغام، وسهلت على الفرق المختصة عملية تفكيكها".

وبين القريشي لـ"العربي الجديد"، أن "السيول الناجمة عن الأمطار هذا العام ساهمت في كشفت الألغام، إذ تقوم بتجريف سطح التربة في بعض المناطق بعمق نصف متر أو أكثر، ما يسهل كشف الألغام المزروعة، وبالتالي تفكيكها وتقليص نسبة احتمال انفجارها وتقليل الخسائر البشرية".