الأمراض السرطانية تتزايد في البصرة

14 يونيو 2019
صغير بمستشفى البصرة ينتظر مصيره (حيدر محمد علي/فرانس برس)
+ الخط -

مع تفاقم أزمتَي انقطاع الكهرباء وشحّ المياه اللتَين تزامنتا مع ارتفاع قياسي في درجات الحرارة والرطوبة، تشير تقارير محلية صدرت أخيراً إلى ارتفاع كبير في نسب الإصابة بأمراض سرطانية في البصرة، الواقعة في أقصى جنوب العراق، الأمر الذي يضيف سبباً آخر لتجدّد التظاهرات والاحتجاجات هناك على غرار العام السابق، وقد تكون أكثر اتساعاً وحدّة. وعلى الرغم من وعود الحكومة العراقية في بغداد ببناء مستشفى متخصص للسرطان في البصرة وتوفير العلاجات اللازمة والرعاية للمصابين به منذ عام 2005، فإنّ تلك الوعود المتكررة لم ترَ النور حتى يومنا.

وتُعَدّ البصرة والفلوجة (غرب)، المنطقتَين اللتَين تُسجَّل فيهما أعلى نسبة إصابات بالسرطان، ويعيد مسؤولون ومراكز بحوث وجامعات عراقية الأمر إلى مخلّفات الحرب، لا سيّما اليورانيوم وسواها من الأسلحة الخبيثة التي استخدمتها القوات الأميركية في البصرة في عام 2003 والفلوجة في عام 2004، بالإضافة إلى التلوّث البيئي الناجم عن حقول النفط ومخلفات الشركات النفطية الأجنبية والمحلية العاملة في البصرة.

قبل أيام، أعلن مدير مكتب مفوضية حقوق الإنسان في البصرة، مهدي التميمي، عن ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض سرطانية، مؤكداً تسجيل 700 إصابة كمعدّل شهري في المحافظة البالغ عدد سكانها نحو ثلاثة ملايين نسمة. وأكّد التميمي في بيان صحافي، أنّ "هذه النسبة تعدّ الأعلى في محافظة عراقية"، معيداً الأسباب إلى مخلفات الحرب الملوّثة باليورانيوم، وكذلك الملوّثات النفطية. ورجّح التميمي ارتفاعاً أكبر في معدلات إصابة سكان البصرة بالأمراض السرطانية في خلال الأشهر المقبلة، وذلك وسط تعمّد الحكومة العراقية عدم وضع حلول لمواجهة "الكارثة الإنسانية" التي تحلّ بالبصرة. أضاف أنّ الحكومة العراقية لا تملك أيّ برنامج لمواجهة الأمراض السرطانية في البصرة، وهي تجاهلت كل المناشدات التي وُجّهت إليها منذ أشهر.




من جهته، صرّح المتحدث الإعلامي باسم وزارة الصحة، سيف البدر، لوسائل إعلام محلية، بأنّ رصد الوزارة لحالات الإصابة بالسرطان يشير إلى 20 ألف إصابة في العام الماضي وحده، لافتاً إلى أنّ سرطان الثدي هو الأكثر انتشاراً في العراق. وأكّد البدر أنّ "الوزارة تعمل وفق الأموال التي خصّصتها الحكومة، لكنّ الأعداد في تزايد. نحتاج إلى وقت من أجل التعاقد مع شركات رصينة توفّر الأدوية بأسعار لا ترهق المواطن العراقي البسيط".

في السياق، يؤكد عضو لجنة الصحة والبيئة النيابية، الدكتور جواد الموسوي، أنّ "مرضى السرطان في العراق في تزايد، لا سيّما في المناطق الجنوبية، وتحديداً في البصرة". يضيف لـ"العربي الجديد"، أنّ "ذلك يعود إلى عوامل كثيرة طبيعية وغير طبيعية، ولعلّ أبرزها ‏زيادة عدد السكان وكذلك التغيّرات البيئة في العراق، فضلاً عن الحروب وما رافقها من عمليات قصف تقليدية وغير تقليدية عبر استخدام اليورانيوم وغيره" ويتحدّث كذلك عن "التلوّث البيئي الهائل الناتج عن عمل شركات النفط وعدم وجود أيّ ضوابط عملية للحدّ من ذلك التلوث".

أمّا النائب عن البصرة، عبد الأمير المياحي، فيؤكد لـ"العربي الجديد"، أنّ "مستشفى البصرة ليس بمستوى الطموح لمعالجة هذه الأمراض، خصوصاً مع شحّ في الأدوية"، لافتاً إلى أنّ "أطباء المستشفى أكدوا أنّ الارتفاع كبير في تلك الإصابات، والأسباب تتعلق بالتلوّث المتفشّي في المحافظة". بالنسبة إلى النائبة عن البصرة زهرة البجاري، فإنّ "ارتفاع معدّل الإصابات بالسرطان في مناطق متفرقة من المحافظة ناتج عن التلوّث الإشعاعي"، مؤكدة لـ"العربي الجديد"، أنّ "المحافظة صارت مركزاً للتلوّث الإشعاعي والتلوّث النفطي اللذَين يتسببان بأمراض مختلفة لدى الأهالي ومنها السرطان".



وفي السياق، يدعو الناشط المدني حسن التميمي إلى "العمل الفوري من أجل معالجة المواقع الملوّثة إشعاعياً ورفع المخلفات الحربية منها"، مشدداً في حديثه لـ"العربي الجديد"، على "ضرورة إلزام شركات النفط بخطوات جادة وحقيقية لمعالجة الملوّثات القاتلة الناتجة عن مشاريعها، وتعويض ذوي المتوفّين بسبب السرطان وكذلك المصابين بالمرض، خصوصاً الذين يسكنون في مناطق قريبة من مواقع مشاريع ومنشآت نفطية". ويحمّل التميمي الحكومة مسؤولية "رفع دعوى قضائية على الدول التي استخدمت أسلحة محرّمة دولياً، خصوصاً القذائف التي تحتوي على اليورانيوم المنضّب".
المساهمون