الأغنية السوداء اللعوب.. قط بعين واحدة

25 يوليو 2015
بيغ جو تيرنر
+ الخط -


لم يكن لدى المستمع الأبيض، وهو يرقص على أغنية "اهتز، اصخب وتقلّب" بصوت بيل هيلي، فكرة عن كلمات الأغنية الأصلية والدلالة الجنسية لـ "القط ذي العين الواحدة" المتلصص في محل لبيع الأسماك.

كانت الأغنية (Shake, Rattle And Roll) التي تنتمي إلى ما يعرف بـ "هوكام بلوز" ناجحة جداً بصوت المغني الأميركي الأفريقي بيغ جو تيرنر (1953). لكن الكلمات تعرضت للتعقيم على يد هيلي (1954) لتصبح أغنية "نظيفة" وتصلح لسهرات الطبقة الوسطى البيضاء في المجتمع الأميركي، بعد الحرب العالمية الثانية، وقبل ولادة الـ روك أند رول بقليل.

وفي حين أصبحت أغنية تيرنر معروفة بـ "نسخة السرير" - إذ تبدأ بعبارة: "انهضي من السرير واغسلي وجهك.. ادخلي إلى المطبخ وقرقعي بالمواعين... الطريقة التي ترتدين بها فساتينك، الشمس تعبر من خلالها... لا أصدق عيني"- باتت أغنية هيلي تُعرف بـ "نسخة المطبخ". وتبدأ هكذا: "انهضي من السرير وحركي القدور والمقالي...حضري لي الفطور فأنا رجل جائع. ترتدين هذه الفساتين وشعرك مسرّح ومرفوع...".

أما القط ذو العين الواحدة، فكان عند تيرنر يحتاج إلى امرأة بالغة يعاشرها: "أنا قط بعين واحدة في محل لبيع السمك، لا أستطيع النظر إليك إلا حين تصبحين امرأة". بينما أصبح بصوت هيلي قطاً متفانياً في الحب: "أنا قط بعين واحدة يمكنني أن أظل أحدق فيك حتى تكفّي عن حبي".

ولكيلا نبالغ في التعميم باقتصار أغاني "الهوكام بلوز" على الأصوات الأفريقية الأميركية، فإن هناك مغنّين بيضاً جرّبوا هذا النمط وحققوا نجاحات صغيرة فيه، مثل جيمي رودجرز وأغنيته الإيروتيكية "بيستول".

ليس جديداً أن السود سبقوا البيض في حرية التعبير في غنائهم، كانت أجسادهم كلمات قوية تملأ أفواههم، يقولونها بخشونة وعذوبة ويصدحون بها على المسارح ليرقص على إيقاع حريتها المئات. في هذا الوقت كان الرجل الأبيض يعيش خرافة "ستاغر لي"، معتبراً أن الـ "هوكام بلوز" يستهدف عذرية بناته. لكن هذا لم يمنعه، كلما نجحت أغنية سوداء في ترقيص وتطريب عشاقها، من أن يأخذها ويدخلها غرفة التعقيم لتصبح صالحة لعقليته المتزمتة، ويحقق منها أرباحاً أكثر من صاحبها الأصلي.

كانت الأغنية السوداء اللعوب، حتى وهي مكتنزة بالإيحاءات الجنسية، تفعل ذلك بكثير من البهجة والمشاكسة. وكانت المجازات تقول الكثير دون أن تسقط في الابتذال. يمرح المغني وتتلاعب الموسيقى والكلمات، بينما يفهم الكل ما تلمّح إليه ويرددها دون حرج. أمر لم يفهمه المجتمع الأبيض، في ذلك الوقت، وكان يرى في حرية تعبير السود في أغانيهم الجنسية انتهاكاً لعفّة عائلته هو.

باعت أغنية "اهتز اصخب وتقلّب" أكثر من مليون نسخة وقتها، لكن حين غنّاها تيرنر لفيلم سيعرض في التلفزيون، استخدم نسخة الرجل الأبيض. لن نعتبر هذه نهاية محزنة لأغنية جميلة، فكثير من مؤرخي الموسيقى يعتبرونها أول الأغاني الـ "ضاربة" التي افتتحت عصر الـ "روك أند رول"، وأصبحت واحدة من أنجح أغاني ألفيس برسلي.

المساهمون