21 فبراير 2018
الأصفار الثلاثة
تحت هذا العنوان، أصدر أخيرا البنغالي المسلم محمد يونس، كتابا يبشّر باقتصاد الأصفار الثلاثة، صفر بطالة صفر فقر صفر تلوث، يرى فيه أن هذا ممكن في الشرق وفي الغرب، في أفريقيا وآسيا وأميركا، بشرط واحد، التفكير في الاقتصاد بمنطق جديد، والاعتراف بأن النموذج الرأسمالي الحالي المتحكم في اقتصاديات العالم اقتصاد أناني وفردي ومدمر للبيئة، ولا يفكر في الضعيف والفقير.
حصل محمد يونس على جائزة نوبل للسلام سنة 2006، على أعمال جليلة، منها تأسيسه بنكا للفقراء في بلاده، حيث أخرج مئات آلاف من مواطنيه من الفقر إلى الكفاف. ومنذ ذلك الوقت وهو يجرّب وصفته لمحاربة الفقر والهشاشة، في أكثر من بلد، بطرق جديدة ومبتكرة.
يحكي محمد يونس، في الكتاب، عن تجارب عدة تدعم نظرية الأصفار الثلاثة، ويقول "عندما تسمعون مقاولات ناجحة وشركات مربحة، بلا شك تفكرون في وادي السليكون في كاليفورنيا، حيث تستوطن الشركات العملاقة التي تنتج البرمجيات المتطوّرة، والتطبيقات الأكثر ذكاء على الويب. ربما تفكرون في الأقطاب العملاقة لصناعة الروبو والبيوتكنولوجي في بوسطن، أو في وادي البانغلوا في الهند، أو في شركات Vancouver في كندا. بالقطع لا تفكرون في أوغندا، البلد الأفريقي الذي يتوفر على أعلى نسبة في العالم من المقاولات، حيث لدى 28% من السكان مقاولات، أي ست مرات أكثر مما في أميركا. وإذا كنتم تعتبرون هذا الرقم مستحيلا أو مفاجئا أو حتى صادما، فهذا لأن نظرتكم إلى المقاولات جد محدودة. لا يحتاج الأمر دبلوما في الهندسة أو المعلومات، أو رأسمالا كبيرا. لا، جل المقاولات في أوغندا ترمي رجلها إلى الأمام، وتفتح دكان بقالة صغير، أو شركة تاكسي بسيارة واحدة، أو شركة حليب ببقرة واحدة، أو شركة تبيع منتجات تقليدية من صنع يدوي.. وهكذا، فإن هذه الشركات الصغيرة مثل الكبيرة في أوروبا وأميركا، تستثمر وقتها ومواردها وفكرة تنطلق منها، مع جهد في الابتكار، لتحقيق القيمة المضافة، وهذا هو المطلوب من أي شركة. وإذا نجحت تطور أنشطتها، وتوسع عملها، فتخلق فرص عمل، وتوسع دائرة المستفيدين، وتطور الاقتصاد المحلي، وتراكم الخبرة...".
ليس هذا الكلام نظريا، بل جرّبه محمد يونس في أوغندا التي يكتب عنها أنها نموذج طور الاقتصاد الاجتماعي، وأعطى مثالا رائعا عن ذلك "ملايين المقاولات الصغيرة التي تشتغل في أوغندا لا تخلق فقط مناصب شغل، ولا تخرج الملايين من الفقر، بل إنها أيضا تنشئ الثقافة المقاولاتية التي تعتمد على الذات، وتقبل بالمخاطرة، وتستثمر في الوقت والموارد والذكاء.. أسسنا في أوغندا شركةً تعنى بمساعدة الفلاحين على تأسيس مقاولاتهم وتطويرها، وهي في الغالب مقاولات تشتغل في الميدان الزراعي وتربية النحل، فوجدنا أن الفلاحين المعزولين في قراهم لا يتوفرون سوى على فلاحة معاشية، يأكلون منها ولا يصدرون شيئا إلى المدن، ولا إلى الخارج. ولأن المحصول محدود، والنسل يتكاثر، صارت الفلاحة أحد أسباب فقر هؤلاء، عوض أن تكون سبب غنى لهم، فماذا فعلنا معهم؟ أولا، نقلنا إليهم خبرات جديدة، لتطوير المحصول الزراعي، وساعدناهم على الوصول إلى أسواق المدن وكبريات الفضاءات التجارية في العاصمة. وموّلنا بناء دكاكين صغيرة، يبيعون فيها محاصيلهم مباشرة للمستهلكين، من دون المرور بشبكة الوسطاء الذين يمتصون قسطا كبيرا من العائد. وثالثا أخبرناهم أن العسل الذي ينتجونه منذ ألف سنة مطلوب في أسواق عالمية في أوروبا وأميركا وكندا، وأن العسل ليس إلا نصف المنتوج الذي يمكن تسويقه، وأن الشهد الذي يضع النحل فيه العسل يمكن بيعه أيضا لمعامل مستحضرات التجميل، ولمختبرات الأدوية، فيما كان الفلاحون الأوغنديون لا يستغلونه على الوجه المطلوب. ولنضعهم على سكّة الفلاحة التصديرية إلى الخارج، ساعدناهم على احترام المعايير الدولية في إعداد العسل والشهد وتعليبه وتصديره. وأعطى هذا كله نتائج مبهرة في فترة وجيزة، حيث تضاعف دخل الفلاحين مرات، وتوسعت أنشطتهم، وانخرط أبناؤهم في مسلسل للتأهيل على التسويق والإدارة وتطوير المقاولات، خصوصا على الإنترنت".
أعطى محمد يونس لهولاء الفقراء ليخرجوا من فقرهم الفكرة والمعلومة والخبرة، ثم المساعدة على الوصول إلى السوق وإلى البنية التجارية من أجل تحرير الطاقات، والباقي كان موجودا في القرية، وفِي تجارب أهلها.
حصل محمد يونس على جائزة نوبل للسلام سنة 2006، على أعمال جليلة، منها تأسيسه بنكا للفقراء في بلاده، حيث أخرج مئات آلاف من مواطنيه من الفقر إلى الكفاف. ومنذ ذلك الوقت وهو يجرّب وصفته لمحاربة الفقر والهشاشة، في أكثر من بلد، بطرق جديدة ومبتكرة.
يحكي محمد يونس، في الكتاب، عن تجارب عدة تدعم نظرية الأصفار الثلاثة، ويقول "عندما تسمعون مقاولات ناجحة وشركات مربحة، بلا شك تفكرون في وادي السليكون في كاليفورنيا، حيث تستوطن الشركات العملاقة التي تنتج البرمجيات المتطوّرة، والتطبيقات الأكثر ذكاء على الويب. ربما تفكرون في الأقطاب العملاقة لصناعة الروبو والبيوتكنولوجي في بوسطن، أو في وادي البانغلوا في الهند، أو في شركات Vancouver في كندا. بالقطع لا تفكرون في أوغندا، البلد الأفريقي الذي يتوفر على أعلى نسبة في العالم من المقاولات، حيث لدى 28% من السكان مقاولات، أي ست مرات أكثر مما في أميركا. وإذا كنتم تعتبرون هذا الرقم مستحيلا أو مفاجئا أو حتى صادما، فهذا لأن نظرتكم إلى المقاولات جد محدودة. لا يحتاج الأمر دبلوما في الهندسة أو المعلومات، أو رأسمالا كبيرا. لا، جل المقاولات في أوغندا ترمي رجلها إلى الأمام، وتفتح دكان بقالة صغير، أو شركة تاكسي بسيارة واحدة، أو شركة حليب ببقرة واحدة، أو شركة تبيع منتجات تقليدية من صنع يدوي.. وهكذا، فإن هذه الشركات الصغيرة مثل الكبيرة في أوروبا وأميركا، تستثمر وقتها ومواردها وفكرة تنطلق منها، مع جهد في الابتكار، لتحقيق القيمة المضافة، وهذا هو المطلوب من أي شركة. وإذا نجحت تطور أنشطتها، وتوسع عملها، فتخلق فرص عمل، وتوسع دائرة المستفيدين، وتطور الاقتصاد المحلي، وتراكم الخبرة...".
ليس هذا الكلام نظريا، بل جرّبه محمد يونس في أوغندا التي يكتب عنها أنها نموذج طور الاقتصاد الاجتماعي، وأعطى مثالا رائعا عن ذلك "ملايين المقاولات الصغيرة التي تشتغل في أوغندا لا تخلق فقط مناصب شغل، ولا تخرج الملايين من الفقر، بل إنها أيضا تنشئ الثقافة المقاولاتية التي تعتمد على الذات، وتقبل بالمخاطرة، وتستثمر في الوقت والموارد والذكاء.. أسسنا في أوغندا شركةً تعنى بمساعدة الفلاحين على تأسيس مقاولاتهم وتطويرها، وهي في الغالب مقاولات تشتغل في الميدان الزراعي وتربية النحل، فوجدنا أن الفلاحين المعزولين في قراهم لا يتوفرون سوى على فلاحة معاشية، يأكلون منها ولا يصدرون شيئا إلى المدن، ولا إلى الخارج. ولأن المحصول محدود، والنسل يتكاثر، صارت الفلاحة أحد أسباب فقر هؤلاء، عوض أن تكون سبب غنى لهم، فماذا فعلنا معهم؟ أولا، نقلنا إليهم خبرات جديدة، لتطوير المحصول الزراعي، وساعدناهم على الوصول إلى أسواق المدن وكبريات الفضاءات التجارية في العاصمة. وموّلنا بناء دكاكين صغيرة، يبيعون فيها محاصيلهم مباشرة للمستهلكين، من دون المرور بشبكة الوسطاء الذين يمتصون قسطا كبيرا من العائد. وثالثا أخبرناهم أن العسل الذي ينتجونه منذ ألف سنة مطلوب في أسواق عالمية في أوروبا وأميركا وكندا، وأن العسل ليس إلا نصف المنتوج الذي يمكن تسويقه، وأن الشهد الذي يضع النحل فيه العسل يمكن بيعه أيضا لمعامل مستحضرات التجميل، ولمختبرات الأدوية، فيما كان الفلاحون الأوغنديون لا يستغلونه على الوجه المطلوب. ولنضعهم على سكّة الفلاحة التصديرية إلى الخارج، ساعدناهم على احترام المعايير الدولية في إعداد العسل والشهد وتعليبه وتصديره. وأعطى هذا كله نتائج مبهرة في فترة وجيزة، حيث تضاعف دخل الفلاحين مرات، وتوسعت أنشطتهم، وانخرط أبناؤهم في مسلسل للتأهيل على التسويق والإدارة وتطوير المقاولات، خصوصا على الإنترنت".
أعطى محمد يونس لهولاء الفقراء ليخرجوا من فقرهم الفكرة والمعلومة والخبرة، ثم المساعدة على الوصول إلى السوق وإلى البنية التجارية من أجل تحرير الطاقات، والباقي كان موجودا في القرية، وفِي تجارب أهلها.