الأردن... إجراءات حكومية لا توقف الحراك

10 نوفمبر 2019
احتجاجات سابقة على الفساد (فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت الحكومة الأردنية، قبل أيام، عن جملة إجراءات قالت إنها لتحفيز الوضع الاقتصادي وتحسين الأوضاع المعيشية، إلا أن انطباعات الرأي العام وقراءة الخبراء لبنود الخطة الحكومية، تؤكد أن حراك الشارع لن يتوقف، بل سيأخذ زخماً كبيراً خلال الفترة المقبلة، خاصة مع تضاؤل سقف التوقعات من إحداث تغيير إيجابي على المستوى الاقتصادي في المنظور القريب.

وقالت حكومة عمر الرزاز، إن الخطة تتضمن حزمة إجراءات لتنشيط الاقتصاد وتحفيز الاستثمار وتحسين جودة الخدمات في إطار برنامج متكامل سيتم تنفيذه ضمن خطة زمنية تبدأ خلال أيام وتمتد لعدة أشهر، بينما يقول خبراء إن هذه البنود ليست بالجديدة وبعضها مطبق منذ سنوات، ولم تنعكس إيجابا على الأداء الاقتصادي أو المساهمة في تحسين مستويات المعيشة.


وتجددت منذ أيام الاحتجاجات الشبابية المطالبة بتوفير فرص عمل للعاطلين من العمل، وتجمهر العشرات منهم أمام الديوان الملكي وسط العاصمة عمان للضغط على الحكومة لتشغيلهم، كما عادت المطالب بزيادة الرواتب إلى الظهور بقوة، في مؤشر على إمكانية اشتعال الحراك الشعبي المطالب بتحسين مستويات المعيشة ومنح المواطنين هدنة من الغلاء والفقر.

وكان الأردن قد شهد في مايو/أيار من العام الماضي 2018، احتجاجات واسعة ضد رفع الأسعار وزيادة الضرائب، انتهت بإقالة حكومة هاني الملقي، والتراجع عن قرار رفع أسعار المحروقات وإقرار قانون جديد لضريبة الدخل.


وقال جمال قموه، عضو مجلس النواب، إن "على الحكومة أن تعي جيدا حالة الاحتقان التي يمر بها الشارع، بسبب ارتفاع الأسعار، وعدم توفر فرص العمل، ولا توجد لدى المواطن القناعة الكافية بجدية الحكومة بمحاربة الفساد".

وأضاف قموه لـ"العربي الجديد" أن "الساحة العربية باتت مفتوحة على بعضها البعض، وبالتالي فإن الشارع يتأثر حاليا بما يجري تحديداً في لبنان والعراق، وقبلها في عدد من الدول العربية، ما يستدعي تخفيض الضرائب والرسوم الجمركية، خاصة على السلع الغذائية وهذا ما سيهم المواطن بشكل مباشر".

وتابع أن فترة الشهرين التي حددتها الحكومة لتطبيق الإجراءات التي أعلنت عنها نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، غير كافية على الاطلاق، حيث إن الحكم على مدى نجاح تلك الإجراءات يحتاج إلى فترة زمنية أطول، حتى تكون النتائج إيجابية بالشكل المخطط له.

ويشهد الأردن معدلات مرتفعة للبطالة التي وصلت وفق بيانات رسمية صادرة في وقت سابق من العام الجاري إلى 19.5 في المائة، كما زادت نسبة الفقر إلى أكثر من 15.7 بالمائة، وتجاوزت الديون 42 مليار دولار.

وقال خليل الحاج توفيق، رئيس غرفة تجارة عمان إن القرارات التي تهم المواطن وحمايته معيشيا غابت عن الحزمة الاقتصادية، فلم تتضمن تخفيضاً للرسوم الجمركية وضريبة المبيعات خاصة على السلع الغذائية أو إجراءات رفع القدرات الشرائية وتحسين مستويات المعيشة بشكل مباشر.

وتوقع نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أن يشتد حراك الشارع في الأسابيع المقبلة، خاصة مع استمرار الثورة اللبنانية وتصاعد الاحتجاجات في العراق، وكلها تتقاسم ذات المطالب الخاصة بتحسين الأوضاع المعيشية ومحاربة الفساد وتخفيض الأسعار.


وقال خليف الخوالدة، وزير تطوير القطاع العام الأسبق، إن الإجراءات الحكومية المعلنة لتحسين الوضع الاقتصادي غير كافية وإنها جاءت تكراراً لقرارات سابقة.

وتسببت الضغوط المعيشية المتزايدة في ارتفاع ديون المواطنين، الذين لجؤوا إلى الاستدانة من المصارف ومؤسسات الإقراض لتدبير احتياجات السكن والمعيشة.


ووفقا لتقرير الاستقرار المالي الذي أصدره البنك المركزي، قبل أيام، فقد واصلت مديونية الأفراد في الأردن ارتفاعها لدى البنوك والمؤسسات المالية غير المصرفية من 14.7 مليار دولار عام 2017 إلى 15.3 مليار دولار في نهاية عام 2018، بزيادة بلغت نسبتها 3.7 في المائة.

وقال حسام عايش، الخبير الاقتصادي، لـ"العربي الجديد" إن المواطن معني في هذه المرحلة بقرارات تخفيض الأعباء المعيشية، التي تثقل كاهله، بسبب ارتفاع الأسعار والضرائب، التي تفاقمت في السنوات الأخيرة.

وأضاف عايش أن إزالة حالة الاحتقان التي يعيشها الشارع الأردني تتطلب تخفيض ضريبة المبيعات التي تبلغ حاليا 16 بالمائة، خاصة على السلع والمواد التموينية، وكذلك ضريبة الدخل التي طاولت غالبية المواطنين، إضافة إلى الضرائب الخاصة على المحروقات التي تجاوزت على بعض الأصناف 60 و70 في المائة وضرائب متعددة أخرى.

وأشار إلى ضرورة أن تعمل الحكومة على توفير التأمين الاجتماعي الأساسي، دون إطلاق الوعود، وعلى وجه الخصوص التأمين الصحي وتخفيض الفوائد البنكية على التسهيلات الائتمانية والقروض الشخصية، وتمكين المواطنين من امتلاك المساكن بأسعار تمويل مدعومة وتوفير قطع أراض سكنية مؤهلة في مختلف المناطق.

المساهمون