بدأت مظاهر استقبال شهر رمضان المبارك في الأردن، بإخراج الفوانيس من أدراجها، وإضاءتها على مداخل البيوت وفوق الشرفات، في عادة درج الأردنيون عليها منذ سنوات، تعبيراً عن فرحتهم بقدوم شهر الصيام.
وازدانت شوارع، العاصمة عمّان، خاصة منطقة وسط البلد القديمة، بالأهلّة "الهلال" والنجوم المضيئة، تكاد لا ترى محلاً تجارياً، إلا وعلقت على مدخله تلك الزينة، فيما اكتظت الأحياء الشعبية بحبال ووصلات الزينة المضيئة على مداخلها.
وبدا الأطفال أكثر فرحة وسعادة وهم يعاونون أهاليهم وأبناء منطقتهم، في رسم أشكال الحبال البلاستيكية الملونة التي سيّجت شوارع بأكملها في مناطق عمّان الشرقية (الشعبية)، فيما بدت شرفات المنازل وكأنها مزدانة بالحلي البراقة.
قصة الأردنيين مع هذه الظاهرة حديثة العهد، فلم يكن الناس يستخدمونها قبل 15 سنة مضت، إلا أنها باتت اليوم وكأنها إرث شعبي يرافق قدوم الشهر المبارك، فتبدأ إضاءتها عند ساعة الغروب حتى وقت السحور فجراً، في أجواء يصفها المواطن محمد علي (35 عاماً) لـ الأناضول بـ"الروحانية"، والتي تبث الفرح في نفوس الأطفال أكثر من غيرهم.
ويضيف علي: "نأمل أن تسهم إنارة هذه الفوانيس والأهلّة في بث الشعور لدى عامة الناس لتلمس حاجات الفقراء، في شهر أراد الله منه أن يكون فرصة للشعور مع الفقراء، ومساعدتهم، ومحاولة جيدة للتوبة وغسل الذنوب".
وفي التاريخ الإسلامي قيل إن الفانوس استخدم في صدر الإسلام، لإضاءة الطريق ليلاً أمام المسلمين، في ذهابهم إلى المساجد أو في طريقهم لزيارة أقاربهم.
وفي الإطار التأصيلي ذاته، قيل إن هذه الظاهرة، المصرية المنشأ، ابتدعها الخلفاء الفاطميون، حين كانوا يخرجون إلى الشوارع ليلة استطلاع وتحري هلال شهر رمضان، وكان الأطفال يخرجون معهم ليضيئوا لهم الطريق، وينشدون معاً بعض الأهازيج الجميلة، تعبيراً عن سعادتهم باستقبال الزائر الفضيل.
وهذا ما أكده، هشام المعايطة، صاحب واحدة من أقدم مكتبات العاصمة الأردنية، "مكتبة خزانة الجاحظ"، وسط البلد، بقوله لـ "الأناضول": "إن فانوس رمضان اشتهرت به القاهرة في العصر الفاطمي، وكان هذا العصر مشهوداً له بالفن والزخارف والانفتاح على المعرفة والعلوم، واليوم نراه في الأردن، منظراً جميلاً تزدان به الشوارع بهاءً وبهجة، ونأمل أن ينعكس على أفئدة الناس ويعظم من تكاتفها ورحمتها لبعضها في شهر من أفضل الشهور عند الله".
وفي منطقة السوق التجاري للخضار والفاكهة، قبالة الآثار الرومانية القديمة، وسط عمّان، بدا منظر السوق قبل يوم واحد من بدء الشهر الفضيل، مضيئاً لحد تقاطعت فيه الألوان وانعكست على البضائع المعروضة، فيما كان الأطفال يلحّون على آبائهم بشراء الفوانيس والأهلّة. وشهدت المحال التجارية التي تبيع الفوانيس والأهلة إقبالاً ملحوظاً في الأيام الثلاثة الأخيرة، وبقي سعرها مقارباً إلى ما كانت تباع عليه في الأعوام الماضية.
ويؤكد فراس عليان، مالك دكان لبيع الزينة أن سعر الفانوس الصغير يختلف من حيث المنشأ، فمعظمها صينية المنشأ، ويتراوح سعرها من (4-7 دولارات) فيما يبلغ سعر المصرية المنشأ (7 دولارات) في حدها الادنى، ذلك أنها تصل بسعر أغلى من الصيني، بسبب جودتها أحياناً، فيما يبلغ سعر الفانوس الكبير 25 دولاراً. وذكر عليان أن الأهلّة المضاءة بالهلال والنجوم يتراوح سعرها من 15-20 دولاراً، وهي بطبيعة الحال تختلف من منطقة لأخرى وفقاً للتاجر واعتماداً على حجم الطلب.
هذا وأعلن في الأردن وعدة دول عربية وإسلامية أن غداً الخميس أول أيام الشهر الفضيل، وذلك لتعذر رؤية هلال رمضان يوم الأربعاء، ومن هذه الدول: "السعودية، وتركيا، ومصر، وإندونيسيا، وفلسطين، والإمارات، وماليزيا، وأستراليا".
اقرأ أيضاً: خارطة البرامج التلفزيونية في رمضان