15 سبتمبر 2023
الأردنيون وصفقة القرن: ما المطلوب؟
ما أن صدرت خطة ترامب – نتنياهو، والتي سمّيت صفقة القرن، حتى تفاعل معها الجمهور الأردني، قيادة ونخباً وعامةً، ومؤسسات مجتمع مدني، بالرفض والتنديد، بالإعلان عن عدم التخلي عن الحقوق الفلسطينية، مهما كان الثمن، إذ عبّرت النقابات والأحزاب والشارع الأردني بجملته عن الرفض الشديد للصفقة وللسياسات الأميركية في المنطقة. واستند هذا الرفض لموقف الحكم والقيادة الأردنية التي أكدت أكثر من مرة، وفي الداخل والخارج، جمود العلاقات الأردنية الإسرائيلي ثم توقفها. وقبل أسبوعين من إعلان الصفقة، كان العاهل الأردني، عبدالله الثاني، يتحدّث في البرلمان الأوروبي في بروكسيل عن حتمية الحلول السلميّة، ورفض الاستيطان والعنف والتنازل عن القدس، والتركيز على مستقبلٍ أفضل لشباب المنطقة.
ومعنى هذا أن الرأي العام الأردني، الذي أعاد أخيرا فتح ملف العلاقة مع إسرائيل من باب رفض اتفاقية الغاز الموقعة بين شركتي الكهرباء الأردنية وأينيرجي الأميركية، كان على استعداد لاستقبال الصفقة بالرفض، ولكن الانسجام مع الموقف الحكومي وموقف الحكم من الصفقة يذكّر بما حدث في الأردن عام 1990 في حرب الخليج الثانية. وهنا يؤكد رئيس الوزراء الأسبق، عبد الرؤوف الروابدة، أن الرهان اليوم في مقاومة الصفقة على الأردنيين والفلسطينيين معاً. وهو يرى أن كلفة الرفض الأردني لن تكون أبهظ من كلفة موقفه من عدم الذهاب إلى حفر الباطن عام 1990، فيما سميت حرب الخليج الثانية (أغسطس/ آب
1990- فبراير/ شباط 1991)، والتي يرى الروابدة أن الموقف الأردني اتحد فيها شعباً وحكماً، مع أن كلفته كانت باهظة وقاسية، وخرقت السيادة الأردنية وتمثلت بحصار اقتصادي، بإجبار الأردن على أن تمر بضائعه في ميناء جدة، ثم وضع لجنة مراقبة دولية على ميناء العقبة، ووقف المساعدات العربية والغربية. واجتماعياً استقبل الأردن نحو نصف مليون عائد فلسطيني من الكويت، بالإضافة إلى العراقيين الذين وصلوا بحلول العام 2003 إلى 800 ألف عراقي... إلخ، ولكن الاستجابة الأردنية آنذاك كانت في اعتماد خطوات سياسية واجتماعية لحماية الدولة، تمثلت بإطلاق الميثاق الوطني، واستئناف الحياة السياسية بقانون الأحزاب وتعزيز الديمقراطية، وكل هذا ارتبط ببرنامج تصحيح اقتصادي صارم.
هذا السلوك السياسي آنذاك، يستحضره الروابدة وينادي به، ويرى أن الحل اليوم أردنيا لمواجهة كلفة الصفقة واضطراب الراهن العربي، واحتمالية الغضب الأميركي أو العربي المؤيد للصفقة، يكون، بحسب الروابدة، "بقانون انتخاب جديد، وحكومة مدنية وإجراءات وحدوية أكثر، تزيد متانة المجتمع، مع تعزيز نهج العدالة والانفتاح السياسي". ويستدرك الروابدة من التاريخ، فيؤكد "أن كل أزمات الأردن الإقليمية عبرها الأردنيون، حكما وشعبا، عبر الالتفات إلى
الداخل وتعزيز المتانة والقوة الوطنية". وفي الحديث عن سجال قرار فك الارتباط القانوني الإداري والقانوني مع الضفة الغربية وإلغاء القرار، يقول الروابدة: كان من الأردن إصدار قرار فك الارتباط، ولكن ليس من حقه العودة عنه؛ لأن الوضع مختلفٌ بين اللحظتين، فاليوم هناك سلطة فلسطينية تملك الضفة الغربية.
وقد دخل رئيسا الوزراء السابقان، عون الخصاونة وعبد الكريم الكباريتي، في سجال الرد النخبوي الأردني على صفقة القرن، واعتبراها تصفيةً ورشوةً رخيصة في حفلة رديئة، كما رفضتها بقية النخب الحزبية والقيادات الوطنية. وخرج أردنيون في مظاهرات في مختلف المدن، وإن كان زخم الحضور قليلا، وهذا مبرّر؛ فالشارع والحكم اتفقا على موقف موحد رافض لما جرى، كما أن الرأي العام الأردني كان على تهيئة وحالة إحماء مستمرة منذ شهور ضد كيان الاحتلال.
وفي السؤال عن النتائج، وعن تداعيات الصفقة داخل منظومة المشهد الأردني، إن أصرّت إسرائيل والولايات المتحدة عليها، يرى كثيرون أن الداخل الفلسطيني هو الورقة الوحيدة التي يمكن الرهان عليها، مع الإقرار بأن النتائج ستنعكس على آمال (وأحلام) الملايين من الفلسطينيين من اللاجئين في الأردن بنسبة أكبر من غيرها من بقية الدول العربية. وصحيح أن من اللاجئين الفلسطينيين في الأردن وزراء ونواب وأصحاب مصالح، وأنهم يشاطرون الأردنيين من أصل أردني العيش والهم والجوع والفقر وحب الأرض الأردنية، لكن هذا لا يمنعهم من حق الحلم بالعودة الذي بات مشكوكا به في ظل السياسات الصهيو- أميركية التي تقفز على التاريخ والجغرافيا. ومع أن كل ذلك الكلام مباح، إلا أن السؤال في أذهان كثيرين: ماذا لو أجرى الأردن سلسلة إجراءات داخلية لتعزيز مشاركة الفلسطينيين في العملية السياسية، بمعنى قانون انتخاب مفتوح، وتمكين حقيقي للوجود الفلسطيني؟ الجواب: هذا ما تفكر به نخب أردنية فلسطينية، وهذا هو سبب التأخر الديمقراطي، ولا سبيل للأردن القوي إلا بدولةٍ عادلةٍ وديمقراطية مفتوحة للجميع. وذلك كله يجب أن يساعد العاهل الأردني، عبدالله الثاني، في مواجهة ضغوط وتحديات كثيرة، يمارسها كيان الاحتلال الاسرائيلي في المسألة الفلسطينية، وفي إثارة مشكلاتٍ في الداخل الأردني، ودلالة ذلك حملات الإعلام الإسرائيلي المستمرة ضد الأردن.
هذا السلوك السياسي آنذاك، يستحضره الروابدة وينادي به، ويرى أن الحل اليوم أردنيا لمواجهة كلفة الصفقة واضطراب الراهن العربي، واحتمالية الغضب الأميركي أو العربي المؤيد للصفقة، يكون، بحسب الروابدة، "بقانون انتخاب جديد، وحكومة مدنية وإجراءات وحدوية أكثر، تزيد متانة المجتمع، مع تعزيز نهج العدالة والانفتاح السياسي". ويستدرك الروابدة من التاريخ، فيؤكد "أن كل أزمات الأردن الإقليمية عبرها الأردنيون، حكما وشعبا، عبر الالتفات إلى
وقد دخل رئيسا الوزراء السابقان، عون الخصاونة وعبد الكريم الكباريتي، في سجال الرد النخبوي الأردني على صفقة القرن، واعتبراها تصفيةً ورشوةً رخيصة في حفلة رديئة، كما رفضتها بقية النخب الحزبية والقيادات الوطنية. وخرج أردنيون في مظاهرات في مختلف المدن، وإن كان زخم الحضور قليلا، وهذا مبرّر؛ فالشارع والحكم اتفقا على موقف موحد رافض لما جرى، كما أن الرأي العام الأردني كان على تهيئة وحالة إحماء مستمرة منذ شهور ضد كيان الاحتلال.
وفي السؤال عن النتائج، وعن تداعيات الصفقة داخل منظومة المشهد الأردني، إن أصرّت إسرائيل والولايات المتحدة عليها، يرى كثيرون أن الداخل الفلسطيني هو الورقة الوحيدة التي يمكن الرهان عليها، مع الإقرار بأن النتائج ستنعكس على آمال (وأحلام) الملايين من الفلسطينيين من اللاجئين في الأردن بنسبة أكبر من غيرها من بقية الدول العربية. وصحيح أن من اللاجئين الفلسطينيين في الأردن وزراء ونواب وأصحاب مصالح، وأنهم يشاطرون الأردنيين من أصل أردني العيش والهم والجوع والفقر وحب الأرض الأردنية، لكن هذا لا يمنعهم من حق الحلم بالعودة الذي بات مشكوكا به في ظل السياسات الصهيو- أميركية التي تقفز على التاريخ والجغرافيا. ومع أن كل ذلك الكلام مباح، إلا أن السؤال في أذهان كثيرين: ماذا لو أجرى الأردن سلسلة إجراءات داخلية لتعزيز مشاركة الفلسطينيين في العملية السياسية، بمعنى قانون انتخاب مفتوح، وتمكين حقيقي للوجود الفلسطيني؟ الجواب: هذا ما تفكر به نخب أردنية فلسطينية، وهذا هو سبب التأخر الديمقراطي، ولا سبيل للأردن القوي إلا بدولةٍ عادلةٍ وديمقراطية مفتوحة للجميع. وذلك كله يجب أن يساعد العاهل الأردني، عبدالله الثاني، في مواجهة ضغوط وتحديات كثيرة، يمارسها كيان الاحتلال الاسرائيلي في المسألة الفلسطينية، وفي إثارة مشكلاتٍ في الداخل الأردني، ودلالة ذلك حملات الإعلام الإسرائيلي المستمرة ضد الأردن.