خلف القتال المستمر منذ سنواتٍ في العراق جيشاً من الأرامل والأيتام، إذ تجاوز عدد الأرامل مليوني امرأة في بلد لم يذق طعم الراحة منذ الغزو الأميركي عام 2003، وضاعف مآسيه اجتياحُ تنظيم "داعش" مساحات شاسعة منه عام 2014.
وأكدت رئيسة لجنة المرأة والأسرة في البرلمان العراقي، لمى الحلفي، في مؤتمر صحافي عقدته بمناسبة يوم المرأة العالمي، أن عدد الأرامل في العراق تجاوز مليوني أرملة.
وسبق تصريح الحلفي بيانٌ لوزارة التخطيط العراقية، بعد مسح أجري عام 2016، لكنه لم يشمل محافظات الأنبار (غرب) والموصل(شمال) وبعض الأقضية في كركوك وصلاح الدين(شمال)، بسبب عدم استقرارها أمنياً ورزوحها تحت سيطرة "داعش"، وأكد أن عدد الأرامل وصل إلى "نحو مليون أرملة، منهن 203 آلاف أرملة بين عمر 14 و30 عاماً".
وأوضح مصدر مقرب من مركز القرار في الحكومة العراقية لـ"العربي الجديد" أن ما يصدر من إحصاءات حكومية عن خسائر وضحايا ليست دقيقة، مشيراً إلى أن "الحكومة العراقية تحاول التقليل من حجم الخسائر التي تتكبدها في شتى المجالات، مقابل تضخيم أعمالها وإلباسها لبوس الإنجازات".
وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن "عدد ضحايا المعارك مع داعش لا تذكر الجهات الرسمية أعدادهم الصريحة. التستر الإعلامي مستمر. لكن من هم على صلة بمصادر القرار، يعلمون حجم الخسائر".
وتابع "أعداد الأرامل ترتفع باستمرار، وأغلبهن في العقد الثاني والثالث من العمر، وهذا ما وصل إلى القيادات في الحكومة من مصادر ذات شأن".
الأعداد الكبيرة للأرامل تتأكد في العراق من خلال انتشار يافطات النعي على جدران الشوارع العامة التي صارت أشبه بلوحة إعلانات الموتى، ويذكر أكثرها عبارة "ترك برحيله أرملة"، كما ترتفع مبيعات الأقمشة والملابس السوداء النسائية في البلاد.
ذلك أكده لـ"العربي الجديد" مشتغلون في صناعة يافطات النعي، وبائعو الأقمشة والملابس النسائية، لافتين إلى أن المهن التي تتعلق بالموتى تواصل الانتعاش.
وتقول سلوى جمال (26 عاماً) وهي أم لثلاثة أطفال، لـ"العربي الجديد" إنها فقدت زوجها في معركة تحرير الرمادي مطلع 2016، وسبقتها في الترمل شقيقتها الصغرى (24 عاماً)، ولديها طفلان، وقضى زوجها بتفجير "إرهابي" في بغداد. وتعيش الشقيقتان اليوم في بيت والدهما، وتحاول سلوى إيجاد عمل لمساعدة والدها في إدارة شؤون العائلتين.
الزواج مرة ثانية تتمناه أرامل كثيرات، بحسب ما تكشف لـ"العربي الجديد"، لأنه يبعد عنهن نظرة المجتمع "القاسية والظالمة"، كما تقول سلوى عن المجتمع الذي لا يرحم والناس الذين يكيلون الاتهام بلا أي دليل للأرملة في حال خروجها إلى مكان.
ريم الزبيدي (31 عاماً) تحدثت عن صديقتها التي ترملت نتيجة مقتل زوجها في تفجير انتحاري. وتشير إلى أنها تلقت عروض زواج كثيرة، على الرغم من أنها في الثانية والأربعين من عمرها، وبينهم شبان في العشرين من العمر، بسبب ما ورثته من زوجها، "بيت واسع ومحال لبيع الملابس، وعدد من الأراضي التجارية، فضلاً عن رصيد في البنك".
الزبيدي فقدت زوجها الذي كان ينتمي لصفوف إحدى المليشيات، وقتل في 2016 بهجوم شنه تنظيم داعش. وتشير إلى أنها تلقت عروضاً للزواج وإنما "من رجال بضعف عمري، وأفضلهم حالاً لديه راتب تقاعدي ويملك محلاً صغيراً لبيع الحاجيات المستعملة. هذا لأني فقيرة الحال".