الأدوات الاستثمارية الإسلامية الحديثة

20 مايو 2015
نمو التعاملات الاستثمارية المالية الإسلامية (Getty)
+ الخط -
فرضت الدول الإسلامية بتعاملاتها المالية والاستثمارية حضوراً بارزاً في خلق أدوات ذات طبيعة خاصة تتفق مع النهج الإسلامي في رسم أسس التعاملات المالية ذات الطبيعة الاقتصادية. تعاملات لم تكن في الحقيقة وليدة اليوم أو الحاضر، فهي موجودة ما إن وضع الإسلام أسس العلاقات كافة، بما فيها النظام السياسي والاجتماعي والأخلاقي وبالطبع الاتصال الاقتصادي لتكوين الدولة.

إلا أن الكثير من التغيّرات التي طرأت على أشكال الدولة على مر العصور أدت إلى تدخل كبير في تلك النظم من قبل متخذي القرار، مما أدى إلى تغيّرات كثيرة في نظام التعاملات المالية، وهذا ما انعكس تأثراً في مراحل الاستعمار الحديث في تلك التعاملات ومما حدا بأنظمة الدول الإسلامية لاتباع نظم مالية غير إسلامية تسمى اليوم بالنظم التقليدية، كونها ذات ارتباط خارجي أو ارتباط بالدول الغربية تحديداً، وهي من قام بتصميم النظام المالي العالمي ليتوافق مع منظورها المالي والنقدي.

وبعد أن تغيّرت اللعبة السياسية والاستعمارية لتلك الدول، منحت الفرصة للعقول الإسلامية بطرح الكثير من الأدوات ذات البعد الاستراتيجي الناجح. ليقوم بعد ذلك عدد من الدول بتبني هيكلة إسلامية جديدة في تعاملاته المالية المحلية والمصرفية تحديداً.

وكان للقطاع الخاص الدور التنفيذي الذي قام بتغيير أصول اللعبة الاستثمارية والتي أدت إلى انتشار تلك الأدوات عبر مختلف الشركات والمؤسسات المالية، لتنتقل إلى الدول الغربية وتقوم باستنساخ تلك الأدوات في تعاملاتها المالية اليومية. فكانت في البداية تعاملات مصرفية نمطية كون تغيير قلب التعامل من نظام الفائدة المتغيرة إلى المرابحات والبيع بطريقة تعزز من قدرة رأس المال، تساهم في تعظيم الإيرادات العامة.

ففي البداية، كانت هناك السندات في طابعها التقليدي، ليدخل الصك والمرابحات والإجارة محلها في تعاملات واضحة لكل من البائع والمشتري. وبذلك تم تقليل المخاطر السوقية المتقلبة بفعل تغيّر الفائدة من جانب، وتغيّر التأثر النفسي بسبب سرعة انتشار المعلومات مع التقدم التكنولوجي وتوسّع شبكات التواصل.

وعلى الرغم من ذلك، إلا أن المخاطر لم تصل إلى حد المستوى الصفري في التعاملات الإسلامية، وذلك بسبب عدم التكامل الشامل ما بين الأدوات الجديدة والأدوات الجديدة والنظام التقليدي الذي لا يزال يطغى على أنظمة وتشريعات الدول بشكل عام وحتى الدول الإسلامية التي لا تزال تشريعاتها التي تأثرت بالاستعمار موجودة.

ومن التحولات التي طرأت على التعاملات المالية، قامت شركات استثمارية وخدمية وغيرها بالتحول إلى النظام المالي الإسلامي ذلك بتعيين لجان وهيئات شرعية تراعي تعاملات تلك الشركة وفق الشريعة. وهذا أيضاً تطور عبر الزمن من خلال وجهين أو قسمين من التعامل المالي ما بين متوافق ومطابق للتعاملات الإسلامية.

والفرق يقوم على أساس كل أو جزء من تلك التعاملات الخاصة للشركة أو محل المشروع مقابل الصك أو صك المنفعة والإجارة، ويقوم كثير من الهيئات الشرعية التابعة لشركات استشارية أو مصارف أو شركات استثمار بتصنيف تلك الشركات والأوراق المالية المتنوعة تسهيلاً للمتلقي النهائي والمستفيدين من تلك التعاملات.

وانتشرت تلك الأوراق المالية لتفرض على مؤسسات التصنيف العالمية بدراسة تلك الأدوات الجديدة على عالمها الغربي والتقليدي وغير الإسلامي، وتقوم تلك المؤسسات بوضع تصنيفات متفقة مع خبراتها وبالمنظور الإسلامي، وذلك بعدما برزت الحاجة لذلك. وهذا أيضاً تحقق من خلال إفرازات الأزمات المالية المتتالية عالمياً بل وتبني عدد من الدول الغربية تلك الأدوات بعد نجاحات لافتة للنظر.

لم تكن الأدوات المالية الاستثمارية الإسلامية بعيدة عن التعثرات والمصاعب والعراقيل التي أصابت مستثمرين بعينهم وهم جزء من تلك المنظومة التي أدت بدورها إلى تعثر السداد للشركات الاستثمارية. وقد انتشرت الظاهرة في مطلع الفترة اللاحقة من أزمة عام 2008، وهذا ما أدى إلى تفاقم مشاكلها لتصل للصناديق المالية، ولتتفاقم معها أيضاً مشاكل الإدارة وهي إدارة حديثة في عالم الأدوات الإسلامية ولذلك كانت الثقة المفقودة بتلك الشركات كبيرة.

ولربما عمليات إعادة الهيكلة المالية الإسلامية تعتبر من أصعب العمليات، بسبب عدم وجود فوائد قابلة للتغيّر وخصومات للدفع المقدم أو المسبق، ولهذا يعتبر تجنيب المخصصات في المصارف الإسلامية من الأعلى والأكبر ما بين المصارف بشكل عام، ليكون العميل محوراً مهماً في مخاطر الاستثمار الإسلامي بجميع الأدوات ذات المدة طويلة الأجل على حساب عوامل أخرى ذات أهمية نسبية في أدوات الاستثمار التقليدي، ومع كل تلك المخاطر يبقى التوسع والانتشار للأدوات الاستثمارية الإسلامية مزدهراً في عالم المال والأعمال.

إقرأ أيضا: التأمين الأردني... فرص استثمارية واعدة
المساهمون