الأحزاب الكردية تنقل معركة المناصب من بغداد إلى أربيل

18 نوفمبر 2018
جرت انتخابات كردستان في 30 سبتمبر (سافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -



بعد الصراعات التي اندلعت بين الأحزاب الكردية بشأن منصب الرئيس العراقي، وعدد من الوزارات بالحكومة العراقية الاتحادية في بغداد، انتقلت المعركة السياسية بين هذه الأحزاب إلى إقليم كردستان، الذي يشهد أزمة تسبق تشكيل الحكومة الجديدة فيه، بظلّ وجود صراع بين الأحزاب الحاكمة والمعارضة. وعلى الرغم من إعلان الحزب الديمقراطي الكردستاني، بقيادة رئيس إقليم كردستان السابق مسعود البارزاني، عن فتح أبواب الحوار من أجل تشكيل حكومة الإقليم الجديدة وفقاً للاستحقاقات الانتخابية، إلا أن أحزاباً معارضة تضع خطوطاً حمراء على وجود حزب البارزاني في الحكومة الكردية الجديدة.

بدوره، أكد عضو البرلمان عن حركة الجيل الجديد الكردية المعارضة، ربوان توفيق معروف، لـ"العربي الجديد"، أن "حركته لن تشارك في أي حكومة للإقليم تضم الحزبين الرئيسيين بكردستان (الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني) حتى لو استمر ذلك 50 سنة"، موضحاً أن "هذا القرار جاء بسبب المواقف السابقة للحزبين التي تسببت بتراجع الإقليم". واعتبر أن "حركة الجيل الجديد ستبقى تمثل المعارضة الديمقراطية داخل برلمان إقليم كردستان"، مشيراً إلى أن "حزبه لن يكون جزءا من أي حكومة لا تمثل الشعب الكردي".

وكذلك الحال مع الجماعة الإسلامية الكردستانية المعارضة، التي لوّحت بالذهاب إلى المعارضة في حال لم تشكل حكومة تضم الجميع. فقد قال عضو البرلمان عن الجماعة، أحمد حمه رشيد، لـ"العربي الجديد"، إن "حزبه يرغب في أن تكون الحكومة الكردية الجديدة تشاركية"، لافتاً إلى أن "الجماعة الإسلامية تشترط تنفيذ المنهاج الوزاري الذي يخدم إقليم كردستان". وعبّر عن أمله في أن "تشمل الحكومة الكردية الجديدة الجميع"، مضيفاً أنه "بخلاف ذلك سنتوجه إلى المعارضة الإيجابية".

إلا أن الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي حصل على 45 مقعداً من أصل 111 مقعداً في برلمان إقليم كردستان، متمسك بخيار توزيع المناصب داخل حكومة الإقليم وفقاً لنتائج الاستحقاق الانتخابي. وهو ما كانت عضوة البرلمان عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، أشواق الجاف، قد أشارت إليه في حديث سابق مع "العربي الجديد"، بقولها إن "حزبها هو الأكبر والأكثر شعبية في إقليم كردستان"، موضحة أن "الحكومة الكردية، وتوزيع المناصب بداخلها، يجب أن يكون خاضعاً للاستحقاقات الانتخابية".

وفي سياق مشاوراته لتشكيل حكومة الإقليم، وصل أمس السبت، وفد رفيع المستوى يمثل الحزب الديمقراطي الكردستاني، إلى محافظة السليمانية في إقليم كردستان، والتقى قيادات من الاتحاد الوطني الكردستاني، وحركة التغيير. وقال مصدر مقرّب من الوفد إن "قيادات حزب البارزاني بحثت مع أحزاب السليمانية مسألة تشكيل الحكومة"، كاشفاً في حديث لـ "العربي الجديد" أن "الحزب الديمقراطي الكردستاني يسعى للتوصل إلى صيغة توافقية مع حزبي السليمانية (الاتحاد الوطني، والتغيير) تضمن الأغلبية داخل برلمان كردستان".



من جهته، أكد المتحدث باسم المجلس المركزي للاتحاد الوطني الكردستاني، لطيف نيروبي، أن "حزبه ناقش مع وفد حزب البارزاني تشكيل الحكومة الكردية الجديدة"، موضحاً في بيان أن "اللقاء تناول أيضاً مشاركة الأحزاب الكردية في حكومة بغداد، والتنسيق بين الجانبين من أجل ضمان مصالح شعب إقليم كردستان". مع ذلك، لم يسفر اجتماع أمس عن قرار حاسم للأحزاب الكردية بشأن تشكيل حكومة إقليم كردستان.

واكتفى المتحدث باسم حزب البارزاني، عضو الوفد المفاوض الذي ذهب إلى السليمانية محمد محمود، بالتعبير عن أمله في أن "تشهد السنوات الأربع المقبلة استقراراً سياسياً واقتصادياً"، موضحاً خلال مؤتمر صحافي أن "الاجتماعات المقبلة ستشهد تقدماً في مسألة تشكيل الحكومة".

وجرت في 30 سبتمبر/أيلول الماضي انتخابات برلمان إقليم كردستان، التي أظهرت نتائجها حصول الحزب الديمقراطي الكردستاني على 45 مقعداً، تلاه الاتحاد الوطني الكردستاني بـ 21 مقعداً، ثم حركة التغيير التي حصلت على 12 مقعداً. ووُجّهت اتهامات للقائمين على الانتخابات بالتزوير من قبل الأحزاب الكردية المعارضة، التي قالت إنها "ستقاطع برلمان وحكومة إقليم كردستان الجديدين".

ولا يجري الصراع على تشكيل حكومة إقليم كردستان بمعزل عن الخلافات السابقة التي وقعت بين الأحزاب الكردية في بغداد، وفقاً لأستاذ العلوم السياسية بجامعة صلاح الدين، خليل الجاف الذي قال لـ "العربي الجديد" إن "الخلافات وصلت إلى ذروتها أثناء تقديم الكتل الكردية مرشحها لرئاسة الجمهورية"، مشيراً إلى أن "حدة هذه الخلافات ازدادت بعد الإعلان عن تشكيلة حكومة عادل عبد المهدي، التي أظهرت وجود وزيرين من الحزب الديمقراطي الكردستاني".

وأشار إلى "وجود معسكرين كرديين يمثلان قطبي هذه الصراعات"، موضحاً أن "المعسكر الأول يؤمن بأن المناصب يجب أن توزّع وفقاً لنتائج الانتخابات، ويقوده حزب البارزاني، فيما يدعو المعسكر الآخر الذي تقوده أحزاب المعارضة إلى ضرورة توزيع المناصب بالتوافق، بغض النظر عن المقاعد التي حصل عليها أي حزب أو كتلة سياسية". وشدّد الجاف على "ضرورة تلافي هذه الخلافات بأسرع وقت ممكن، لأن الأحزاب الكردية مقبلة على معركة سياسية أخرى مع بغداد بشأن الموازنة، والمناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل".

في السياق عينه، أفاد القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، ريبين سلام، أن "حزبه قدّم ورقة مطالب كردية من 21 نقطة إلى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي"، معتبراً خلال تصريح صحافي أن "الأخير تعهد بدراستها تنفيذها وفقاً للإمكانيات المتوفرة". وأوضح أن "أول نقطة في المطالب تتعلق بحل أزمة كركوك وبقية المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل"، لافتاً إلى أن "ممثلي حزب البارزاني في البرلمان، يواصلون الحوارات والمفاوضات من أجل تنفيذ المطالب التي وردت في الورقة الكردية". وأشار إلى أن "هذه الورقة جاءت بسبب إهمال البرنامج الحكومي لحقوق الأكراد"، مؤكداً أن "هذا البرنامج أشار إلى المسائل الكردية بشكل هامشي".