تصدر الزعماء وكبار الشخصيات من أستراليا ونيوزيلندا وتركيا جمهوراً قدّر بالآلاف في مراسم جرت فجر اليوم السبت، في غاليبولي بتركيا، إحياءً للذكرى المئوية لواحدة من معارك الحرب العالمية الأولى التي أسهمت في تشكيل هوية بلدانهم.
وأُقيم "قداس الصباح"، فجر اليوم السبت، في منطقة "غاليبولي"، الواقعة على مضيق الدردنيل والتابعة لمحافظة جناق قلعة غربي تركيا، إحياءً لذكرى المحاربين الأستراليين والنيوزيلنديين الذين يُطلق عليهم اسم "الأنزاك"، والذين سقطوا في معارك "جناق قلعة" البرية إبان الحرب العالمية الأولى.
ولا تزال الأجيال تتناقل مآسي معركة غاليبولي التي وقعت في شبه جزيرة غاليبولي التركية، وترثي آلاف الجنود من الفرقتين الأسترالية والنيوزيلندية (الأنزاك) اللتين مزقتهما نيران الرشاشات العثمانية بينما كانوا يجاهدون للوصول إلى شاطئ ضيق.
وقتل في هذه المعركة أكثر من 130 ألف شخص منهم 87 ألفاً في الجانب العثماني المتحالف مع ألمانيا في الحرب العالمية الأولى.
ووضع رئيس الوزراء الأسترالي توني أبوت ورئيس الوزراء النيوزيلندي جون كي وولي العهد البريطاني الأمير تشارلز أكاليل الزهر على وقع موسيقى القرب عند خليج الأنزاك شمالي المنطقة التي وقعت فيها إنزالات الحلفاء في ذلك الحين، على مرأى أكثر من عشرة آلاف شخص.
وتحدث أبوت أمام الحشود عن أرواح الجنود الذين سقطوا خلال هذه المعركة وأسهموا في تشكيل الهوية الأسترالية. وقال: "مع ولادة كل جيل منذ ذلك الحين نقف هنا عند غاليبولي لأننا نعتقد أن الفرقتين تمثلان الأستراليين في أفضل حالاتهم".
وأمضى الكثير من الحضور ليلة باردة في أكياس النوم لتأمين موقع لحضور المراسم عند الفجر وسط الحشود المشاركة.
وكانت غاليبولي هي المرة الأولى التي يقاتل فيها الجنود الأستراليون والنيوزيلنديون جنباً إلى جنب تحت علمي البلدين، وهي راسخة في الوعي الوطني على أنها المحطة التي بلغت فيها الدولتان سن الرشد وخرجتا من تحت عباءة الإمبراطورية البريطانية.
وتحولت المنطقة التركية مزاراً للراغبين في تكريم ضحايا بلادهم في الطرف الآخر من العالم، خصوصاً من أستراليا ونيوزيلندا في يوم الأنزاك من كل عام.
وقال رئيس الوزراء النيوزيلندي في المناسبة "بالنسبة لنا غاليبولي هي لفظ مرادف لأفضل ما يميز الأستراليين والنيوزيلنديين، خصوصاً عندما يعملان جنباً إلى جنب عند المحنة".
وبالنسبة إلى تركيا شكلت هذه المعركة محكاً وطنياً وشهدت بدء سطوع نجم مصطفى كمال أتاتورك الذي قاد كضابط شاب الدفاع عن جاليبولي وصد هجوم الحلفاء.
وأسس أتاتورك في وقت لاحق تركيا الحديثة وبنى جمهورية علمانية على أنقاض الإمبراطورية العثمانية.
وتجد تركيا وأستراليا نفسيهما الآن حليفتين في وجه تهديد جديد يجسده العنف المتشدد الذي تمثله تنظيمات مثل "داعش" و"بوكو حرام".
وفي أستراليا جرت المراسم وسط إجراءات أمنية مشددة، خصوصاً بعد مداهمة نفذتها الشرطة في الأسبوع الماضي في مدينة ملبورن، وأحبطت هجوماً قالت إنه كان سيستهدف التجمع بمناسبة الذكرى السنوية لغاليبولي.
وخرج عشرات الآلاف في سيدني وتجمعوا في منطقة مارتن بليس على وقع موسيقى القرب على مقربة من المكان الذي قتل فيه العام الماضي مسلح واثنان من الرهائن، عندما اقتحمت الشرطة مقهى لإنهاء حصار مجموعة من الرهائن.
وفي نيوزيلندا قدر متحف أوكلاند مشاركة 30 ألف شخص في مراسم إحياء الذكرى عند الفجر هناك.
ونظم 100 راقص أميركي فعالية عند نصب "لينكولن" الشهير في العاصمة الأميركية واشنطن؛ من أجل "السلام" و"الـ 100 سنة القادمة"، حيث حمل الأميركيون علماً تركياً ضخماً بطول 50 متراً مربعاً.
وأقام "المنتدى التركي" الفعالية بهدف تشجيع تطوير التعاون بين تركيا وأرمينيا، في الوقت الذي نظم آلاف من أبناء الجالية التركية والإسلامية مسيرة منددة بحملات التشويه التي يقوم بها اللوبي الأرمني ضد تركيا، إذ انطلقت المسيرة من أمام البيت الأبيض باتجاه السفارة التركية في واشنطن.
وشهدت العاصمة الأميركية واشنطن ومدينة لوس أنجلوس مظاهرات متبادلة أمام السفارة والقنصلية التركيتين مع حلول 24 نيسان/أبريل، وهو التاريخ الذي يعتبره الأرمن الذكرى السنوية لأحداث عام 1915.
وشارك نحو سبعة آلاف شخص في مسيرة نظمتها "لجنة التوجيه" المكوّنة من 145 منظمة مجتمع مدني تركية - أميركية، في العاصمة واشنطن، تحت عنوان "السلام والتضامن"، واعتصموا أمام السفارة التركية، مع مجموعة أخرى كانت قد بدأت اعتصامها أمام السفارة منذ 14 أبريل/نيسان الجاري من أجل الحيلولة دون تنظيم الأرمن مظاهرات أمامها.
ونظم الاتحاد النمساوي التركي الديمقراطي (غير حكومي)، مساء أمس الجمعة، بالعاصمة فيينا، مظاهرة حاشدة احتجاجاً على بيان البرلمان النمساوي حول اتهامات الأرمن للإمبراطورية العثمانية بشأن أحداث عام 1915.