اقتصاد البوط العسكري

21 نوفمبر 2014
نظام بشار الأسد يطالب الشعب السوري بالتقشف (أرشيف/Getty)
+ الخط -
عاش السوريون عقوداً من الخوف والألغاز، فككت الثورة بعض طلاسمها، وبقي البعض مرهوناً بسقوط النظام، ولعل قيّم عائدات الثروات الباطنية، وطرائق إنفاقها، من تلك الخفايا التي وصلت حدود أسرار الدولة.
بيد أن تسليح الجيش والتوازن الاستراتيجي مع العدو الصهيوني، كانت الشماعة التي يعلق عليها الإنفاق وتبديد مال السوريين، إلى أن اندلعت ثورة كرامة السوريين عام 2011، ليتأكدوا أن أموالهم المسروقة عبر عقود، إنما تحولت لأسلحة لحماية كرسي الأسد ونظام دولته الأمنية العميقة، وكل ما قيل عن "الأعداء والإمبرياليين" كانت ذرائع مرحلية، كشفها عدم إطلاق طلقة باتجاه إسرائيل منذ 40 عاماً، وفضحها التعاون مع "الشيطان الأكبر" لضرب السوريين، والوقوف معه بخندق واحد، بحسب مانشيت بصحيفة مملوكة لابن خال بشار.
واليوم، يعيد التاريخ نفسه، رغم كل ما تكشّف عن مليشيات الأسد وأسرار بناء "الجيش العقائدي"، إذ ثمة حدثان نبشا ألم الجميع حتى المؤيدين للنظام.
الأول، تم نشر بوط عسكري "مارينز" على لوحات الإعلانات الطرقية "مواقف الحافلات" وسط العاصمة دمشق، وكتب إلى جانب الحذاء "نداوي جراحكن". في دلالة خالية من أي رمزية، لمدى الامتهان والاستخفاف حتى بجراح وقتلى المؤيدين للأسد، وأن الممانعة ولو بالحذاء العسكري، هو الخيار الأخير للنظام.
أما الحدث الآخر، فقد جاء عبر تصريح وزير المال السوري، والذي نسف حتى احتمال التغييب والفصام الاقتصادي.
فالسيد الوزير ودونما تقديم، رد على مطالب السوريين بزيادة الأجور، أن وزارة المال غير معنية بالأمر، وأن الحكومة تدعم السوريين، وليس من الضروري أن يكون الدعم عبر زيادة الرواتب.
ولكن، وانطلاقاً من استراتيجية المحافظة على البوط العسكري الذي يداوي الجراح، أكد وزير المال: بالنسبة لرواتب العسكريين، القضية هامة جداً، ولا يجب المقاربة بين العسكري والمدني.
نهاية القول: ثمة سياسة تنامي ثروات للمسؤولين السوريين جراء "الأسرار العسكرية" كانت منذ زمن الأسد الأب واستمرت عبر وريثه الابن، لم تكشفها الأرصدة الخارجية ولا الظهور المفاجئ للرساميل عبر استثمارات محرمة على السوريين والمستثمرين الأجانب.
أما ما يتعلق بالشعب وجوعه وحرمانه، فقد جاءت الإجابة واضحة لا لبس فيها على لسان وزير المال: "إن على الشعب السوري، ليس الترشيد والتقنين في الصرف المالي، بل التقشف أيضاً".
المساهمون