اعتداءات بالجملة على صحافيي فلسطين تصاعدت نهاية العام

30 ديسمبر 2017
يتعمّد جنود الاحتلال الاعتداء على الصحافيين (عباس موماني/فرانس برس)
+ الخط -
يعيش الصحافي الفلسطيني تحت مطرقة الاعتداءات في الضفة الغربية المحتلة. وأشارت إحصائيات المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية "مدى" إلى تصاعد الانتهاكات ضد الصحافيين الفلسطينيين، حيث سجل المركز 292 انتهاكاً من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال الأشهر الماضية، عدا عن الانتهاكات بحق الصحافيين في كانون الأول/ ديسمبر الجاري، والتي شهدت تزايداً كبيراً في وتيرة المواجهات مع الاحتلال.


في المقابل، رصد المركز نحو 146 انتهاكاً ضد الصحافيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، من قبل جهات فلسطينية، تمثلت في اعتقال واستدعاء واعتداء على صحافيين، بالإضافة إلى حجب مواقع إلكترونية. أما على صعيد انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحافيين، فتمثلت الاعتداءات بإطلاق النار بشكل مباشر باتجاههم والاعتداء بالضرب عليهم ومنعهم من التغطية ومصادرة واحتجاز معدات، وإتلاف مواد واحتجاز لساعات.

ويقول مدير مركز "مدى" موسى الريماوي، في حديث إلى "العربي الجديد"، إنّ العام الحالي شهد انتهاكات كبيرة وارتفاعاً واضحاً بالتعدي على الحريات الصحافية من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً في الفترة الحالية التي تشهد اعتداءات يومية وبالجملة على الصحافيين خلال تغطيتهم للأحداث، مشيرا إلى أن الاعتداءات الجسدية أو بإطلاق الرصاص، تزداد بشكل متعمد خلال الهبات الشعبية، كما حدث خلال أحداث البوابات الإلكترونية، وما يجري الآن ردا على قرار ترامب بخصوص مدينة القدس المحتلة.

ويلفت إلى أنّ أحد أخطر الانتهاكات بحق الصحافة في فلسطين، خلال عام 2017، كان إغلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي لمؤسسات إعلامية، وهو إجراء يعبر عن المنهجية الإسرائيلية التي تسعى للتضييق على حرية التعبير ومحاولة إسكات الصوت الفلسطيني ومنعه من نقل الحقائق والأحداث وما يجري من انتهاكات في فلسطين.

ويؤكد الريماوي أن إغلاق مؤسسات "ترانس ميديا" و"بال ميديا" و"رامسات" أخذ منحى خطيراً جداً، خصوصاً أن هذه المؤسسات الإعلامية تزود العديد من الفضائيات الفلسطينية بالمواد الإعلامية، بالإضافة إلى إغلاق مكتب فضائية فلسطين، والتهديد بإغلاق مكتب قناة الجزيرة في مدينة القدس المحتلة.

على صعيد الانتهاكات من قبل جهات فلسطينية، يقول الريماوي إن "أبرز الانتهاكات الفلسطينية، هو قانون الجرائم الإلكترونية، وهو قانون ينتهك بشكل واضح حرية التعبير، ويتعارض في بعض بنوده مع القانون الفلسطيني الأساسي والمعايير الدولية، وحتى بعد إجراء بعض التعديلات على القانون، فهي تغييرات لا تذكر، ويجب حذف كافة المواد والفقرات التي تتعارض مع القانون الأساسي والتي تحد من حرية الإعلام والتعبير وتنتهك الخصوصية".

ويشير الريماوي إلى أن المسبب الرئيسي للانتهاكات ضد الصحافيين الفلسطينيين هو الانقسام الفلسطيني، لافتاً إلى أن وتيرة الاعتداءات على الصحافيين خلال الفترة الأخيرة قلّت مقارنةً بالنصف الأول من العام الجاري، وذلك نتيجة لجهود المصالحة الفلسطينية والحوار بين طرفي الانقسام.

لكنّ الأحداث الأخيرة التي شهدها كانون الأول/ ديسمبر ليست من ضمن الأرقام المدرجة في إحصائيات "مدى"، فقد زادت وتيرة الاعتداءات بشكل كبير ضد الصحافيين، إذ أصيب العشرات منهم بالأعيرة المعدنية المغلفة بالمطاط وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، وحالات كثيرة من الاختناق بالغاز، بالإضافة إلى منع التغطية والاعتداء الجسدي واللفظي، وتكسير معدات وحذف مواد. 

يعود ذلك إلى احتدام المواجهات ما بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي خلال المسيرات الغاضبة التي تخرج تنديداً ورفضاً لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى مدينة القدس المحتلة، والاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال. 

ويؤكد مصور الوكالة الأوروبية للتصوير EPA، علاء بدارنة، لـ"العربي الجديد"، أنّ "هناك استهدافاً مباشراً بناءً على تعليمات من قبل ضباط الاحتلال، إذ يتم إطلاق الرصاص المعدني والقنابل الصوتية والغازية بشكل مباشر باتجاه الصحافيين، بناء على أوامر واضحة للجنود بمنع التغطية الصحافية وإيقافها". 

وبحسب مشاهداته في المواجهات التي يغطيها بشكل يومي في الميدان، يقول بدارنة: "نحن ندرك أن هناك اعتداءات على الصحافيين تكون بسبب خطورة الموقف والمكان، إلا أن الأخطر من ذلك هو الاعتداء المباشر والاستهداف للطواقم الصحافية وهي ترتدي زي الصحافية". 

وأصيب بدارنة خلال المواجهات التي اندلعت عند المدخل الشمالي لمدينة البيرة في الآونة الأخيرة، ووفق ما قاله، فإنه كان يقف مع ثلاثة صحافيين وطواقم الإسعاف في منطقة محايدة، بعيداً عن المتظاهرين، حيث تم استهدافه بقنبلة غازية أصابته بجروح وحروق في رقبته. وأشار إلى أن قوات الاحتلال استهدفت سيارات البث المعروفة لدى الجميع، وذلك لمنعها من التغطية. 

وفي جمعة الغضب الثانية، أصيب ثمانية عشر صحافياً خلال تواجدهم في عدة نقاط تماس بالضفة والقدس. كذلك، احتجزت قوات الاحتلال طاقم تلفزيون فلسطين الرسمي وعدداً آخر من الصحافيين أثناء تغطيتهم لمسيرة خرجت للتنديد بقرار ترامب. ويقول مراسل "تلفزيون فلسطين"، أمير شاهين، لـ"العربي الجديد": "وقفنا في بداية الأحداث في منطقة محايدة بعيدا عن المتظاهرين وجنود الاحتلال، إلا أن الجنود أطلقوا علينا قنابل الغاز، وعقب ذلك وقف الجنود أمام الكاميرات ومنعونا من التصوير، واحتجزونا لمدة ساعتين". 
ويشير إلى أن قوات الاحتلال اعتقلت ثلاثة صحافيين واحتجزتهم لساعات، واعتدت عليهم وضربتهم بأعقاب البنادق، حيث أطلقت سراحهم بعد أن أفرغت هواتفهم وكاميراتهم من المواد المصورة. 

أحمد طلعت حسن، وهو مصور حر يتواجد دائماً في الميدان لتغطية المواجهات، تعرض أيضاً لاعتداء من قبل أحد جنود الاحتلال، ويقول لـ"العربي الجديد": "أثناء تغطيتنا لمواجهات المدخل الشمالي لمدينة البيرة، وعندما أعدم الجنود الشهيد أيمن عقل، هاجموا الصحافيين والمسعفين، وأطلقوا النار بشكل عشوائي، وعندها قام أحد الجنود بالاعتداء علي، ما أدى إلى كسر الكاميرا الخاصة بي". 

ويشير حسن إلى أن قوات الاحتلال تستهدف الصحافيين بشكل مباشر أثناء تغطيتهم للمواجهات، إذ إنها تطلق قنابل الغاز المسيل للدموع والصوت باتجاههم كي تبعدهم عن منطقة المواجهات.





المساهمون