مهما تكن النتيجة التي سيسفر عنها تصويت 4 ملايين إسكتلندي في الاستفتاء المصيري، فلا ريب أنّ ما بعد اليوم، لن يكون كما هو عليه منذ 300 سنة، من عمر العلاقات بين اسكتلندا وباقي مكونات المملكة البريطانيّة.
إذا اختار الإسكتلنديون، المضي في طريق الانفصال عن المملكة المتحدة، وتأسيس دولتهم المستقلّة، فهذا يعني أنّهم "فازوا" في طيّ صفحة من التبعيّة، متجذّرة في التاريخ، وقرروا خوض غمار مستقبل ضارب في المجهول، أو على أقلّ تقدير، في المقامرة والمغامرة. أما إذا اختاروا البقاء في عرين المملكة المتحدة، ومواصلة كتابة التاريخ، بالقلم ذاته وعلى السطر ذاته، الذي جمعهما طيلة ثلاثة قرون خلت، فهذا يعني أنّهم "فازوا" أيضاً بالبقاء في كنف الدولة القوية، مع تحقيق امتيازات تشريعيّة وتنفيذيّة موسّعة وعدتهم بها حكومة لندن، ومعها كل القوى السياسيّة الناشطة في "ويستمنستر".
فوز الإسكتلنديين بالاستقلال عن المملكة المتحدة، يعني أنّ "المملكة خسرت" كثيراً، ولن تعد بعد اليوم "عظمى"، وسيتراجع قدرها ودورها على الساحتين الاوروبيّة والدوليّة، كما أنها ستفقد الكثير من ديموغرافيتها وجغرافيتها وثرواتها. أما إذا اختار الإسكتلنديون التصويت ضد الانفصال عن المملكة المتحدة، فهذا يعني أن الأخيرة قد نجت، من دون أن تحقق فوزاً مظفراً.
صحيح أن تصويت الإسكتلنديين بـ "نعم" للاستقلال، سيمنحهم دولة وعلماً ونشيداً وطنياً، لكنّه سيطرح عليهم أيضاً، أسئلة قاسية في السياسة والاقتصاد والدفاع. ماذا سيكون عليه شكل واقتصاد وعملة هذه الدولة؟ وأيّ ثقل سياسي سيكون لها؟ هل ستنجح الدولة الوليدة في الحصول على مقعد في الاتحاد الأوروبي وآخر في حلف الناتو؟ أم أنها ستكون دولة هامشيّة في أوروبا التي تكره معظم دولها الحركات الانفصالية، ولا تحبّذ تشجيع هذا التوجّه الانفصالي؟ ثم هل سيكفي النفط والمشروبات الروحية، وما توفّر من المنتجات الزراعية، لإقامة اقتصاد دولة يدعم قطاعات الصحة والتعليم والمرافق العامة؟ كلّها أسئلة من الوزن الثقيل، سترمى صباحاً في حضن كل إسكتلندي. لا فرق هنا بين من صوّت بـ "نعم" أو من صوّت بـ "لا".
إذا اختار الإسكتلنديون، المضي في طريق الانفصال عن المملكة المتحدة، وتأسيس دولتهم المستقلّة، فهذا يعني أنّهم "فازوا" في طيّ صفحة من التبعيّة، متجذّرة في التاريخ، وقرروا خوض غمار مستقبل ضارب في المجهول، أو على أقلّ تقدير، في المقامرة والمغامرة. أما إذا اختاروا البقاء في عرين المملكة المتحدة، ومواصلة كتابة التاريخ، بالقلم ذاته وعلى السطر ذاته، الذي جمعهما طيلة ثلاثة قرون خلت، فهذا يعني أنّهم "فازوا" أيضاً بالبقاء في كنف الدولة القوية، مع تحقيق امتيازات تشريعيّة وتنفيذيّة موسّعة وعدتهم بها حكومة لندن، ومعها كل القوى السياسيّة الناشطة في "ويستمنستر".
فوز الإسكتلنديين بالاستقلال عن المملكة المتحدة، يعني أنّ "المملكة خسرت" كثيراً، ولن تعد بعد اليوم "عظمى"، وسيتراجع قدرها ودورها على الساحتين الاوروبيّة والدوليّة، كما أنها ستفقد الكثير من ديموغرافيتها وجغرافيتها وثرواتها. أما إذا اختار الإسكتلنديون التصويت ضد الانفصال عن المملكة المتحدة، فهذا يعني أن الأخيرة قد نجت، من دون أن تحقق فوزاً مظفراً.
صحيح أن تصويت الإسكتلنديين بـ "نعم" للاستقلال، سيمنحهم دولة وعلماً ونشيداً وطنياً، لكنّه سيطرح عليهم أيضاً، أسئلة قاسية في السياسة والاقتصاد والدفاع. ماذا سيكون عليه شكل واقتصاد وعملة هذه الدولة؟ وأيّ ثقل سياسي سيكون لها؟ هل ستنجح الدولة الوليدة في الحصول على مقعد في الاتحاد الأوروبي وآخر في حلف الناتو؟ أم أنها ستكون دولة هامشيّة في أوروبا التي تكره معظم دولها الحركات الانفصالية، ولا تحبّذ تشجيع هذا التوجّه الانفصالي؟ ثم هل سيكفي النفط والمشروبات الروحية، وما توفّر من المنتجات الزراعية، لإقامة اقتصاد دولة يدعم قطاعات الصحة والتعليم والمرافق العامة؟ كلّها أسئلة من الوزن الثقيل، سترمى صباحاً في حضن كل إسكتلندي. لا فرق هنا بين من صوّت بـ "نعم" أو من صوّت بـ "لا".
تصويت الاسكتلنديين بـ "لا" للانفصال، يعني بالنسبة إلى القوميين "خسارة أقلّ من الفوز"، وبالنسبة إلى الوحدويين "الخيار الأفضل أو فوزاً مضاعفاً".
يقول المراقبون إنّ الزعيم القومي الاسكتلندي، يهمس في آذان المقربين منه، أنّه سيكون الرابح كيفما كانت نتيجة الاستفتاء. فإن كانت الغلبة للاستقلال، يكون قد حقّق فوزاً تاريخياً، وإن كانت الغلبة لمعارضي الاستقلال، فقد تمكّن من تحقيق مكاسب سياسيّة، تجعل اسكتلندا تكسب مزايا البقايا ضمن الاتحاد البريطاني، وما سيمنح لها من سلطات موسّعة وُعدت بها من قبل الأحزاب السياسيّة الحاكمة والمعارضة في لندن. وفي حقيقة الأمر، قد تصدق رؤى بعض المحللين، الذين يرجّحون أن السياسي المحنك، زعيم الحزب القومي الإسكتلندي، أليكس سالموند، نجح في إدارة هذه اللعبة السياسيّة بشكل مثير للإعجاب. فالرجل يدرك أكثر من غيره، أنّ اسكتلندا خارج المملكة المتحدة ستكون ضعيفة وبلا وزن على المستوى العالمي، وبالتالي هو لا يسعى حقاً الى الاستقلال التام، لكنّه رفع سقف المطالب الإسكتلندية الى أقصاها، حتى يتمكّن من انتزاع أوسع قدر من السلطات الذاتيّة لإقليم اسكتلندا، مما يجعل الأخيرة تتمتّع بنعمة "حكم ذاتي" داخل المملكة المتحدة. وبالفعل، نجح سالموند، حتى الآن، في أن ينتزع من الأحزاب البريطانيّة الثلاثة: المحافظون، والأحرار الديمقراطي (قطبا الائتلاف الحاكم) وحزب العمال المعارض، وثيقة تعهدات بمنح الإسكتلنديين "سلطات موسّعة"، سيبدأ التفاوض حول تفاصيلها، في غضون ستّة أسابيع، إذا صوّت الإسكتلنديون لصالح البقاء ضمن المملكة المتحدة.
وفي مقابل، النصر الذي سيدّعيه الحزب القومي الإسكتلندي كيفما مالت نتيجة الاستفتاء، فإنّ حكومة لندن، ورئيسها، ديفيد كاميرون، لن يكون بإمكانهما إدعاء أيّ نصر، مهما كانت نتيجة الاستفتاء. إذا فضّل الإسكتلنديون الاستقلال والمضي بعيداً عن بريطانيا، فهذا يعني أنّ "الجمعة السوداء" ستطيح برأس كاميرون ومستقبله السياسي، ليكون الرئيس الذي خسر ثلث مساحة بلاده، و10 في المئة من سكانها، والكثير من وزنها السياسي وثقلها الاقتصادي، في معركة سلميّة باردة، يرى الكثيرون انه أدارها بشكل سيئ وعبر خطاب دعائي "سلبي"، حفل بالكثير من الترهيب والقليل من الترغيب. وشبّه جين ــ بول فوجيت في صحيفة "الاندبندنت"، صباح الخميس، ديفيد كاميرون بالرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن، الذي دخل التاريخ كأسوأ رئيس عرفته الولايات المتحدة، وهو ما سيكون عليه حال كاميرون، في حال خسر اسكتلندا.
يقول المراقبون إنّ الزعيم القومي الاسكتلندي، يهمس في آذان المقربين منه، أنّه سيكون الرابح كيفما كانت نتيجة الاستفتاء. فإن كانت الغلبة للاستقلال، يكون قد حقّق فوزاً تاريخياً، وإن كانت الغلبة لمعارضي الاستقلال، فقد تمكّن من تحقيق مكاسب سياسيّة، تجعل اسكتلندا تكسب مزايا البقايا ضمن الاتحاد البريطاني، وما سيمنح لها من سلطات موسّعة وُعدت بها من قبل الأحزاب السياسيّة الحاكمة والمعارضة في لندن. وفي حقيقة الأمر، قد تصدق رؤى بعض المحللين، الذين يرجّحون أن السياسي المحنك، زعيم الحزب القومي الإسكتلندي، أليكس سالموند، نجح في إدارة هذه اللعبة السياسيّة بشكل مثير للإعجاب. فالرجل يدرك أكثر من غيره، أنّ اسكتلندا خارج المملكة المتحدة ستكون ضعيفة وبلا وزن على المستوى العالمي، وبالتالي هو لا يسعى حقاً الى الاستقلال التام، لكنّه رفع سقف المطالب الإسكتلندية الى أقصاها، حتى يتمكّن من انتزاع أوسع قدر من السلطات الذاتيّة لإقليم اسكتلندا، مما يجعل الأخيرة تتمتّع بنعمة "حكم ذاتي" داخل المملكة المتحدة. وبالفعل، نجح سالموند، حتى الآن، في أن ينتزع من الأحزاب البريطانيّة الثلاثة: المحافظون، والأحرار الديمقراطي (قطبا الائتلاف الحاكم) وحزب العمال المعارض، وثيقة تعهدات بمنح الإسكتلنديين "سلطات موسّعة"، سيبدأ التفاوض حول تفاصيلها، في غضون ستّة أسابيع، إذا صوّت الإسكتلنديون لصالح البقاء ضمن المملكة المتحدة.
وفي مقابل، النصر الذي سيدّعيه الحزب القومي الإسكتلندي كيفما مالت نتيجة الاستفتاء، فإنّ حكومة لندن، ورئيسها، ديفيد كاميرون، لن يكون بإمكانهما إدعاء أيّ نصر، مهما كانت نتيجة الاستفتاء. إذا فضّل الإسكتلنديون الاستقلال والمضي بعيداً عن بريطانيا، فهذا يعني أنّ "الجمعة السوداء" ستطيح برأس كاميرون ومستقبله السياسي، ليكون الرئيس الذي خسر ثلث مساحة بلاده، و10 في المئة من سكانها، والكثير من وزنها السياسي وثقلها الاقتصادي، في معركة سلميّة باردة، يرى الكثيرون انه أدارها بشكل سيئ وعبر خطاب دعائي "سلبي"، حفل بالكثير من الترهيب والقليل من الترغيب. وشبّه جين ــ بول فوجيت في صحيفة "الاندبندنت"، صباح الخميس، ديفيد كاميرون بالرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن، الذي دخل التاريخ كأسوأ رئيس عرفته الولايات المتحدة، وهو ما سيكون عليه حال كاميرون، في حال خسر اسكتلندا.
أكثر من ذلك، يرجّح المراقبون أن يكون كاميرون الضحية الأولى أيضاً، حتّى في حال بقاء اسكتلندا ضمن الاتحاد البريطاني، لأنه لن يتمكّن من مواجهة تداعيات "السلطات الموسّعة" التي تعهّد بمنحها للإسكتلنديين، وستفتح النار عليه من أنصاره قبل خصومه، في انجلترا وويلز وايرلندا الشمالية، وهي مكوّنات الاتحاد البريطاني، التي ستشعر بأن اسكتلندا، "ذات السلطات الموسّعة"، باتت تتمتّع بامتيازات أكبر من حجمها ودورها في الاتحاد. بل أنّ عدداً من أعضاء مجلس النواب البريطاني، غير الإسكتلنديين، واجهوا تعهّدات كاميرون بالاستنكار، وأعلنوا أنّ أيّ سلطات ستمنح لإسكتلندا، لا بدّ أن تُقرّ من قبل السلطات التشريعيّة، أي مجلس العموم في لندن، وهم سيعارضونها إن كان فيها أيّ إجحاف بحقوق وامتيازات الأقاليم البريطانية الأخرى.
إذاً، إما هو فوز مظفّر ومتوّج بالاستقلال التام لإسكتلندا، أو أنه فوز يقلّ عن الاستقلال ويلامس الحكم الذاتي، وبالتالي فإن اسكتلندا فائزة في كلتا الحالين.
في المقابل، ستجد حكومة بريطانيا نفسها، إما أمام هزيمة نكراء، أسوأ من فقدان أميركا عام 1776، على حدّ تعبير عمدة لندن، بوريس جونسون، أو في أحسن الأحوال، أمام هزيمة ستترك في جسد المملكة المتحدة جرحاً عميقاً، وشرخاً غائراً قد يحتاج لأجيال من التصالح والتسامح والتعايش لكي يلتئم، قبل أن يأتي من ينكأه مجدداً.