تتعدد جبهات المفاوضات التي تخوضها حكومة تيريزا ماي حول "بريكست" على مختلف الأصعدة، وآخرها كانت مع "الحزب القومي الاسكتلندي". وكما هو حال المفاوضات الأخرى، سواء مع الاتحاد الأوروبي، أو ضمن "حزب المحافظين"، لا يبدو أن ماي تمتلك السلطة المطلوبة لتمرير خطها السياسي.
وتراجعت تيريزا ماي أمام مطالب "الحزب القومي الاسكتلندي" بنقل السلطات التي ستستعيدها بريطانيا، والخاصة باسكتلندا، إلى الحكومة والبرلمان الاسكتلنديين، بدلاً من الحكومة المركزية في لندن.
وقال مايك راسل، الوزير في الحكومة الاسكتلندية، إن الحكومة البريطانية قد سلمت من حيث المبدأ بانتقال 111 من السلطات العائدة لبريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي إلى البرلمان الاسكتلندي بدلاً من ويستمنستر.
وكان آدم تومكينز، المتحدث باسم الحزب، قد حذر من أن "بريكست" لن يحدث ما لم يتم التوافق بين الحكومة المركزية الاسكتلندية حول تفسير قانون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، والذي لا يزال في مرحلة النقاش في ويستمنستر.
إلا أن حزب المحافظين الاسكتلندي، الذي أقر بانتقال سلطات تتعلق بالسياسات الزراعية وحصص الصيد إلى الحكومة الاسكتلندية، طالب ببقاء بعض هذه الصلاحيات في يد الحكومة المركزية، كي لا يتم بناء الحدود التجارية بين اسكتلندا وبقية المملكة المتحدة.
ويخشى حزب المحافظين، ذو النزعة المركزية، من أن يستغل الحزب القومي الاسكتلندي "بريكست" لتحقيق هدفه باستقلال اسكتلندا عن بريطانيا. ويعتقد حزب المحافظين الاسكتلندي، بأن الصلاحيات التي ستنتقل إلى الحكومة الاسكتلندية ستسمح للحزب القومي بتنفيذ سياسات تجارية تفصل اسكتلندا عن بريطانيا.
وقد كانت نيكولا سترجون، زعيمة الحزب الاسكتلندي، قد قالت إنها ستقرر فيما إذا كان حزبها سيطالب باستفتاء جديد على الاستقلال عن بريطانيا لاحقاً هذا العام، بعد تبلور ملامح الصفقة التجارية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
وكانت اسكتلندا وإيرلندا الشمالية قد صوتتا لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي في استفتاء "بريكست" الذي أجري عام 2016.
وترى سترجون أن الوضع تغير منذ عام 2014؛ تاريخ الاستفتاء الاسكتلندي الأول على الاستقلال، وهو ما يعد سبباً كافياً لإعادة الاستفتاء على الاستقلال، وخاصة أن اسكتلندا ترغب في البقاء ضمن الكتلة الأوروبية.
ولكن الحزب القومي الاسكتلندي كان قد خسر 21 من 56 مقعداً في مجلس العموم خلال الانتخابات العامة التي أجريت عام 2017، لصالح حزب المحافظين الاسكتلندي، والذي سجل أفضل أداء للمحافظين على مستوى البلاد. ودفع ذلك الحزب القومي إلى تأجيل المطالبة بالاستقلال.
وأعلنت سترجون عن رغبة حزبها في بقاء اسكتلندا في السوق الأوروبية المشتركة، وهو موقف يناقض رغبة حكومة تيريزا ماي، التي ترغب بالخروج الكلي من الاتحاد الأوروبي.
وترى سترجون أن حزب العمال والأحزاب المعارضة الأخرى، وبعضاً من نواب حزب المحافظين في مجلس العموم، يؤيدون البقاء في الاتحاد الأوروبي، ودعت حزب العمال إلى اتخاذ موقف حازم من الأمر.
وكان زعيم "حزب العمال"، جيريمي كوربن، قد تجنب، خلال عطلة نهاية الأسبوع، الرد بالنفي أو الإيجاب على دعم حزب العمال لإجراء استفتاء ثان على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في استمرار لموقفه الغامض من "بريكست".
وبينما أكد كوربن أن ما يطالب به حزب العمال هو منح البرلمان البريطاني حق تصويت ذا معنى على الصفقة النهائية مع الاتحاد الأوروبي، صرحت وزيرة الخارجية في حكومة الظل العمالية، إيملي ثورنبيري، بأن حزبها سيدعم استفتاء ثانياً إذا أيده 90 في المائة من الشعب البريطاني.
إلا أن كوربن يرى أن بريطانيا يجب أن تحافظ على عضويتها في الاتحاد الجمركي بعد "بريكست"، بسبب العلاقات التجارية بين الطرفين، فهو يرى "أنك إذا كنت في علاقة تجارية، لا تستطيع فرض الرسوم الجمركية على البضائع في ذات الوقت."
ومن ناحية أخرى، نفى كوربن في المقابلة التي أجراها مع محطة "آي تي في" البريطانية وجود علاقة خاصة بين بريطانيا والولايات المتحدة، مؤكداً على أن العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والهند والصين تعد بالأهمية ذاتها.
كما وجه انتقاداً لتصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، التي يحط فيها دائماً من النساء والأقليات والأديان المختلفة، بينما كانت ثورنبيري قد وصفت ترامب بالعنصري.