استهداف قيادات الحزب الديمقراطي الكردي الإيراني: رسالة تحذير مزدوجة

10 سبتمبر 2018
مقرّ الحزب الكردي المُستهدف يوم السبت (سافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -


في أول هجوم من نوعه منذ عام 1996، استهدف قصف صاروخي إيراني، أول من أمس السبت، مدينة كويسنجق وسط إقليم كردستان العراق شرقي أربيل التي تبعد حوالي 70 كيلومتراً عن الحدود الإيرانية العراقية، والتي تضم عددا من مقار الحركات الكردية المعارضة لطهران، ليتبين أن الهدف كان اجتماعاً لأركان الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني المعارض. وأدى القصف إلى إصابة ومقتل أبرز قيادات الحزب السياسية والعسكرية، في تطور لا ينفصل عن رغبة إيران في توجيه رسائل في أكثر من اتجاه، عكسها بوضوح بيان الحرس الثوري الإيراني الذي سارع في بيان رسمي صادر عنه أمس الأحد، إلى تبني القصف، فيما دانت وزارة الخارجية العراقية القصف، واصفةً إياه بأنه "خرق السيادة العراقية من خلال قصف أي هدف داخل الأراضي العراقية من دون تنسيق مسبق مع الجهات العراقية تجنيبا للمدنيين من آثار تلك العمليات".

وأشار بيان الحرس الثوري إلى استهداف مقر اجتمعت فيه قيادات وأعضاء من الحزب الديمقراطي الكردستاني المعارض (حدكا) في إقليم كردستان العراق. وبحسب البيان الذي نشرته المواقع الرسمية الإيرانية، فإن "قوات الحرس الثوري وجّهت سبعة صواريخ أرض-أرض نحو المقر"، كما أكد سقوط عدد من قيادات الحزب بين قتيل وجريح وفقاً للمعلومات التي وصلت للحرس. ووضع البيان العملية في إطار "الرد على تحركات مجموعات إرهابية مرتبطة بقوى الغطرسة العالمية وتنطلق من إقليم كردستان العراق لتقوم بعمليات على الحدود مع إيران، بهدف ارتكاب أعمال تخريبية وقض مضجع الأمن في محافظات أذربيجان الغربية وكردستان وكرمانشاه الواقعة غربي إيران". وأوضح الحرس أيضاً أن "عسكرييه في القوات البرية قاموا بأكثر من عملية خلال الأسابيع الأخيرة، فوجهوا ضربات موجعة للإرهابيين في منطقتي مريوان وكامياران الحدوديتين. كما تمّ اتخاذ قرار صارم لوضع حد للخطوات العدائية والإرهابية، فشاركت الوحدات الصاروخية التابعة للقوات الجوفضائية في الحرس مع وحدات طائرات من دون طيار في العملية الأخيرة، والتي استهدفت اجتماعاً لقيادات الحزب المعارض والذي كان يبحث على طاولته خططاً لمهاجمة إيران".

ودعا البيان المعنيين والمسؤولين في إقليم كردستان العراق لمراقبة الحدود المشتركة بين الطرفين والوقوف بوجه هذه التحركات، محذراً بلهجة شديدة من "تبعات القيام بأي عمليات جديدة تستهدف إيران"، فقال الحرس في بيانه إن "الرد المقبل سيكون صعباً وصارماً".

من جهتها، أفادت مصادر أمن كردية بقوات "الأسايش" الكردية، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن "القصف الإيراني الذي استهدف كويسنجق، جاء خلال اجتماع لأركان الحزب الديمقراطي الكردي الايراني المعارض يعقد بشكل شهري". ووفقاً لضابط في قوات "الأسايش" فإن "القصف استهدف مبنى دائرة تجارة وتموين سابقة تستخدمه كوادر الحزب كمقر لها"، مؤكداً أن "القصف تسبب بمقتل 14 عنصراً من الحزب بينهم عناصر متقدمة في القيادة بالجناح المسلح، ومنهم حمه علي وطالب مسلم. كما أصيب نحو 40 آخرين من بينهم الأمين العام للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني المعارض مصطفى مولودي والأمين العام السابق خالد عزه عزيزي الذي يعد الأب الروحي للحزب". ولفت إلى أن "الأخير بحالة حرجة وبخضع للعلاج في مركز طبي خاص بعد أن تم نقله من المستشفى العام في كويسنجق من قبل زملائه في الحزب لأسباب أمنية".

وأكدت مصادر محلية في مدينة كويسنجق، الواقعة بين أربيل وكركوك والسليمانية وتضم أكراداً مسلمين ومسيحيين إضافة إلى آشوريين ويتحدث أغلب سكانها الكردية إلى جانب الآرامية، أن "القصف تكرر مرات عدة خلال 15 دقيقة، وبشكل مركّز، ما يشير إلى وجود معلومات مسبقة حول أهمية الشخصيات الموجودة بالاجتماع".

وفي السياق نفسه، أكد الضابط في شرطة قضاء كويسنجق، كامران حاجي رشيد في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "القصف نُفّذ بواسطة صواريخ موجّهة وقصف جوي وكانت بالتزامن هناك طائرات مسيرة تحلق في المنطقة".



ولفت إلى أن "القصف استهدف ثلاثة مواقع متقاربة وليس موقعاً واحداً كما أعلنت وسائل اعلام، لكن كوادر الحزب كانوا في دائرة تموين قديمة"، مشيراً إلى أن "الحزب لا يملك أي نشاط عسكري بالمدينة لكنه سياسي فقط".

من جانبه، قال ابراهيم جوكلي، وهو عضو في الحزب، لتلفزيون "كردستان 24"، إن "عدداً من الصواريخ أُطلقت من الجانب الإيراني، على المقرّ الرئيسي لحزبه في البلدة"، التي تبعد نحو 65 كيلومتراً عن الحدود الإيرانية على الجانب الشرقي من إقليم كردستان، وأضاف أن "القصف أوقع ضحايا في صفوف الحزب بواقع 14 قتيلاً واصابة 42 آخرين كانوا في اجتماع ومن بين الجرحى سكرتير الحزب".

وسبق لإيران أن شنّت عمليات ضد الحزب الديمقراطي الإيراني المعارض داخل مدينة كويسنجق عام 1996، عندما هاجم الحرس الثوري الإيراني قاعدة للحزب الكردي في المدينة. وكان عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، لقمان أحمدي، قال أخيراً في تصريحات صحافية، إن "طهران تخطط لشنّ هجوم واسع النطاق على الأحزاب الكردية المعارضة في العراق، في الوقت الذي تشهد فيه إيران احتجاجات واضطرابات اقتصادية للتغطية على ذلك داخلياً".

وفي يوليو/تموز الماضي، حذّر نائب وزير الداخلية الإيراني للشؤون الأمنية حسين ذو لفقاري، من أن "بلاده ستأخذ على عاتقها ملاحقة مقاتلي الأحزاب الكردية المسلحة داخل حدود الدول المجاورة، ما لم يتم وضع حد لتحركات تلك الأحزاب المعارضة لطهران".

في يونيو/حزيران الماضي، وقعت اشتباكات مسلحة في منطقة مريوان الحدودية في محافظة كردستان الواقعة غربي إيران، ما أدى إلى مقتل 11 عسكرياً إيرانياً وإصابة 8 آخرين من قوات الباسيج والحرس الثوري على حد سواء. وقبلها كان الحرس قد كشف عن تفكيك خليتين في منطقتي آشنويه وسرو أباد الواقعتين شمال غربي البلاد، بعد مواجهات مسلحة أدت إلى مقتل عناصر من الطرفين. ووجّهت إيران أصابع الاتهام لكل من حزب الحياة الحرة الكردستاني (بيجاك) والذي يمثل جناح حزب العمال الكردستاني، فضلاً عن الحزب الديمقراطي الكردي المعارض (حدكا) بالتورط.

في غضون ذلك، أشار أحد أعضاء الحزب الديمقراطي بزعامة مسعود البارزاني، إلى أنه "قد يكون من ضمن المستهدفين قيادات إيرانية كردية لها صلات مباشرة مع الجانب الأميركي، الذي كثّف أخيراً من اتصالاته مع حركات معارضة إيرانية كردية تنشط شمال العراق". وبالنسبة إليه فإن "الإيرانيين يوجهون رسائل لحلفاء واشنطن من الأكراد الموجودين في الإقليم".



المساهمون