استهداف غلال اليمن... معارك الحديدة تصيب المصانع والمتاجر

11 نوفمبر 2018
الحرب تتسبب في تجويع ملايين اليمنيين(عيسى أحمد فرانس برس)
+ الخط -

 

أصابت المعارك المتجددة في مدينة الحديدة المطلة على البحر الأحمر بالساحل الغربي لليمن، النشاط الصناعي والتجاري في مقتل، وعطلت سبل العيش ومظاهر الحياة العامة، فيما أضحى الميناء التجاري بالمدينة الذي يستقبل نحو 70% من واردات البلاد من المواد الغذائية والوقود مهددا بالإغلاق.

وعكست أخبار المعارك أهمية مدينة الحديدة كواحدة من أهم المراكز الصناعية في اليمن، وقالت وكالة الأنباء اليمنية في نسختها الحكومية، إن القوات الحكومية سيطرت على مصنع الألبان الذي ينتج حليب "يماني"، وعلى مطاحن وصوامع الغلال، ومصانع حليب "نانا".

وتسببت المعارك في دمار جزئي لثلاثة من المصانع المحلية المملوكة للقطاع الخاص، وأكدت مصادر تجارية إصابة عدد من العمال في إحدى المناوبات بجروح متفاوتة جراء سقوط قذائف على خطوط الإنتاج.

وأعلنت القوات الحكومية، مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، استئناف العمليات العسكرية لتحرير مدينة الحديدة ومينائها من الحوثيين، بعد شهرين من التوقف.

وأفادت منظمات دولية بأن اﻟﺷرﮐﺎء ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺎل اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ بدأوا ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن أﮐﺛر اﻟﻣﺳﺎرات أﻣﺎنا ﻟﻣﺳﺎﻋدة اﻟﻣﺣﺗﺎﺟﯾن. وبما أن المدخل الشرقي لمدينة الحديدة لا يزال يتعذر الوصول إليه بسبب القتال على طول طريق الحديدة - صنعاء، فإن الشركاء يستخدمون الآن طرقا بديلة في الشمال للوصول إلى الحديدة.

وقال سكان محليون إن القتال أثر على حركة المدنيين داخل المدينة ولم تعد الخدمات العامة تعمل مثل محطات ضخ المياه والمستشفيات والمخابز والبنوك، وأغلقت نحو 90% من المتاجر في المدينة، ويوما عن آخر ينخفض المعروض من المواد الغذائية.

ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، فإن انهيار قيمة العملة المحلية الريال والحالة الأمنية العامة أثرا على أسعار السلع الغذائية الأساسية في الحديدة، حيث زاد الديزل بنحو 48% والبنزين 42% والقمح 22% والسكر 10%.

وأدت المعارك إلى تضرر مستودعات الحبوب التابعة لمطاحن البحر الأحمر (شركة تجارية خاصة) الواقعة بالقرب من مناطق النزاع والتي تحتوي على 45 ألف طن متري من السلع الغذائية، تكفي لإطعام 3.5 ملايين شخص لمدة شهر.

ويتزامن تصاعد القتال مع تدهور اقتصادي على خلفية التراجع المستمر في العملة اليمنية، إذ جرى تداول الدولار، أمس السبت، مقابل 660 ريالا، بينما كان يجري تداوله بنحو 425 ريالا في يناير/كانون الثاني الماضي.

ودان الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية اليمنية في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ما تعرضت له مطاحن وصوامع البحر الأحمر لإنتاج الدقيق التابعة لمجموعة المحسن اخوان للتوكيلات والتجارة العامة من استهداف مباشر في السادس من هذا الشهر.

وأفاد الاتحاد في بيان اطلعت عليه "العربي الجديد"، بأن مطاحن وصوامع الغلال ذات طبيعة تجارية بحتة ومتخصصة في استيراد المواد الأساسية مثل القمح والأرز والسكر وتعمل كمورد رئيسي لبرنامج الأغذية العالمي، داعيا أعضاء ومكونات القطاع التجاري الخاص إلى التآزر والتكاتف للوقوف في وجه التحديات التي تعصف بالٌقطاع التجاري.

من جانبه، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن تزايد الصراع في الحديدة وبالقرب منها أدى إلى القلق من احتمال تضرر البنية التحتية الأساسية أو تعطل الواردات الغذائية الأساسية والتجارة، معتبراً أن الأضرار التي لحقت بمخزن الأغذية التابع لبرنامج الأغذية العالمي، وإغلاق الطريق الرئيسي بين الحديدة وصنعاء، مصدر قلق شديد.

وقال المكتب في تقرير، إن إغلاق الطريق التجاري الرئيسي بين الحديدة وصنعاء، أدى الى ارتفاع أسعار المواد الأساسية في معظم الأسواق في اليمن.

وتركت المعارك تداعيات خطيرة على سكان المدينة البالغ عددهم نحو 700 ألف نسمة حسب آخر إحصاء رسمي عام 2004، ونزح نحو نصف سكان المدينة هربا من القتال وفقا للمنظمات الدولية، فيما فقد آلاف آخرون مصادر رزقهم ويتطلعون لمساعدة منظمات الإغاثة.

وقال أحمد معلم، وهو عامل في مصنع خاص لـ"العربي الجديد": "أنا ضمن مئات من سكان المدينة نعمل بالأجر اليومي في مصانع القطاع الخاص بما يكفي لتغطية قوت يومنا، وقد فقدنا مصادر رزقنا بسبب المعارك، وفي حال طالت فترة القتال سنموت جوعاً".

ويؤكد خبراء اقتصاد أن معركة الحديدة تهدد بأزمات خانقة في السلع والوقود وارتفاع قياسي للأسعار، وسيكون الوضع كارثياً في حال تضرر الميناء وإغلاقه لفترة طويلة.

وقال المحلل الاقتصادي حسام السعيدي لـ"العربي الجديد" إن مدينة الحديدة واحدة من أهم المدن الاقتصادية في اليمن، فبجانب تواجد أكبر حركة تجارية في مينائها فإنها أيضا تمثل سلة غذائية تنتج العديد من المحاصيل الزراعية والمنتجات.

وأكد نقابيون في جمعيات زراعية لـ"العربي الجديد" أن القتال على طول خط الساحل الغربي أثر على بداية موسم زارعة بذور الذرة الرفيعة، وهي أحد أهم الحبوب المنتجة محلياً، وتوقف المزارعون عن العمل مما عطل سبل العيش لنحو 50 ألف أسرة تعتمد على الزراعة.

المساهمون