استقالة 2015

21 اغسطس 2015
أبو مازن يلوّح بهذه الورقة من وقت لآخر (Getty)
+ الخط -
ماذا يريد الرئيس الفلسطيني من "حفلة الاستقالة" التي يثيرها شخصياً، أو يثيرها من حوله، حتى باتت تتكرر مثل حفلات الميلاد أو المناسبات الوطنية التي يُحتفل بها سنوياً؟ وما الجديد في استقالة 2015، طالما أن الرجل سبق واستقال أو "حرد" من مختلف المناصب والمهام التي أوكلت إليه أكثر من 80 مرة خلال عمره السياسي، أي بمعدل مرة في كل سنة من عمره البيولوجي؟

على كل حال، تنقسم مصادر المحللين بين من يؤكدون جدية استقالة الرئيس، وبين المشككين في الأمر، وإن جمعت بين الفريقين نظرية "خُذ مني"، الأكثر شيوعاً في الأوساط الفلسطينية. يُعلل من يعتقدون بجدية عزم أبو مازن على الاستقالة بحالة الإحباط التي يمر بها الرئيس، وذلك لأسباب عدة؛ أولها الإحباط من المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة التي لم تساعد أبو مازن على تحقيق مشروع الدولة الفلسطينية على حدود الـ67.

ثانياً، فشل براغماتيته السياسية التي لا ترى بديلاً عن المفاوضات إلا المفاوضات. أما ثالثاً فيتعلق بتراجع أهمية القضية الفلسطينية على جدول الأعمال الإقليمي، حيث "دول الطوق" وما وراءها غارقة في الدم والفوضى وعدم الاستقرار الأمني. أما رابعاً فيتعلق بحالة الانقسام الفلسطيني، وفشل بناء "دولة" المؤسسات التي طالما قال أبو مازن إنه سيفرضها أمرا واقعاً. أضف إلى ذلك أن الرجل يشعر حقيقة بأنه بحاجة إلى الراحة وقد تقدم به العمر، وبالتالي يسعى إلى تفصيل "مخرج كريم" له، و"مخرج آمن" لأبنائه.

أما الفريق المُشكك في جدية استقالة الرئيس، فيرى أن أبو مازن يلجأ إلى التلويح بهذه الورقة من وقت لآخر، وذلك لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد. أولاً استعادة اهتمام العالم بالقضية الفلسطينية وبشخصه، على اعتبار أن قضية فلسطين هي أساس مشاكل الشرق الأوسط، وعلى العالم الاستفادة من وجوده لحل هذه القضية. تأكيد شرعيته كلما شعر بأن هناك من يحاول قضم هذه الشرعية، سواء كان هؤلاء من خصومه في حماس أو من داخل بيت منظمة التحرير. وليس بعيداً عن النقطة الأخيرة، يرى أصحاب هذا الرأي أن أبو مازن يحاول عبر التلويح بالاستقالة أو الاستجابة لرغبته في "تجديد الدماء"، تمكين قبضته على السلطة والمنظمة والحركة، لا سيما وهو يراقب مناورات الساعين إلى الانقضاض على خلافته وهو على قيد الحياة.
المساهمون