استغلال نزاع بغداد ـ أربيل: "العمال الكردستاني" يبتلع مناطق عراقية

02 يناير 2018
مقاتلو "العمال" في كركوك سابقاً (فريق فيريك/الأناضول)
+ الخط -

بدا حزب "العمال الكردستاني" المعارض لتركيا، أكثر الرابحين من الأزمة الأخيرة بين العراق وإقليم كردستان، فعملية "فرض القانون" التي أطلقتها بغداد  في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لانتزاع المناطق المتنازع عليها من سيطرة أربيل، وفّرت للحزب الموجود في مناطق سهل نينوى وسنجار، فرصة كبيرة لإعادة ترتيب أوضاع قواته بعد تلقيه ضربات موجعة من سلاح الجو التركي في أبريل/نيسان الماضي، أسفرت عن تدمير أغلب مقراته وثكناته هناك.

العملية العسكرية التي انتزعت بغداد فيها السيطرة على كركوك و28 بلدة وناحية صغيرة، كانت البشمركة مسيطرة عليها، ضمن "المناطق المتنازع عليها". وعلى مساحة مقدّرة بأكثر من 34 ألف كيلومتر مربّع بدت المناطق هشة بين خطوط البشمركة الدفاعية على أطراف أربيل ودهوك ومواقع الجيش العراقي و"الحشد الشعبي"، ما سمح للحزب بإعادة بناء مقراته ومعسكرات تدريبه، الأمر الذي أنذر بأزمة جديدة بين بغداد وأنقرة، خصوصاً مع توفّر معلومات وتقارير ميدانية تحدثت عن تواجد أعداد كبيرة من مقاتلي الحزب مع مقراتهم، في مناطق خاضعة لسيطرة الجيش العراقي، شمال سنجار وجنوب شيخان، وجميعها ضمن الحدود الإدارية لمحافظة نينوى وعاصمتها المحلية الموصل.

في هذا السياق، كشفت مصادر كردية وأخرى عراقية رفيعة المستوى، أمس الاثنين، عن "بناء الحزب أكثر من 20 مقراً جديداً له من بينها عدد من المقرات في جبال سنجار عدا المقرات السابقة، يُعتقد أن من بينها مقرات تُستخدم لتصنيع الأسلحة وأخرى كمستشفيات ميدانية، خصصها لعلاج عناصره الذين يسقطون في المواجهات مع الجيش التركي".

ومواقع الحزب الجديدة واقعة في مناطق نفوذ القوات العراقية التابعة للحكومة ببغداد، وقوات البشمركة التابعة لمسعود البارزاني، غير أنه فعلياً لا سيطرة لإقليم كردستان عليها، بسبب تجنبهم أي مشاكل أو صدام مسلح مع الحزب. وهناك اتفاقية مرور لعناصر الحزب إلى دهوك لشراء المواد الغذائية والاحتياجات اللازمة، وُقّعت أخيراً.

وتحركات الحزب هي الأولى من نوعها منذ القصف الجوي التركي لمواقعه في هذه المنطقة في أبريل الماضي، التي أسفرت عن مصرع وجرح العشرات منهم. وهي أيضاً أول عملية تركية استهدفت مناطق الحزب ضمن حدود محافظة نينوى. وأبلغ مسؤول رفيع في قيادة عمليات نينوى الفرقة 16 بالجيش العراقي "العربي الجديد"، أن "مقاتلي الحزب أسسوا كياناً مستقلاً لهم في تلك المناطق، وهناك عمليات حفر أنفاق داخل الجبال لتجنب أي سيناريو قصف جوي تركي محتمل على مواقعهم". وأضاف أن "النازحين لم يعودوا إلى البلدات والقرى الواقعة تحت سيطرة حزب العمال".



وحول سبب تغاضي الحكومة العراقية، أعرب المسؤول عن اعتقاده بأن "ذلك يعود إلى علاقتهم الجيدة مع إيران وبسبب تلكؤ أنقرة في سحب قواتها من بعشيقة شمال العراق"، مؤكداً أن "عدداً كبيراً من مقاتلي الحزب من الجنسية التركية والسورية استقدموا عائلاتهم إلى تلك المناطق".

بدوره، كشف النائب عن التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي، ماجد شنكالي، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن أن "حزب العمال الكردستاني وسع من نفوذه أخيراً في مناطق عدة من شمال العراق". وبيّن أن "مقاتلي الحزب اتخذوا من ناحية سنونو مقراً رئيسياً لهم، وكذلك من جبال سنجار القريبة منها وضموا قرى أخرى مجاورة إلى نفوذهم".

ووفقاً لشنكالي فإن "حزب العمال قام بتشكيل مفارز أمنية وشرطة مرور وعيّن مديراً للناحية منه بشكل غير قانوني، كُلّف بإدارة البلدة مدنياً". ولفت إلى أن "جميع تلك المناطق تقع في ما يعرف اليوم بالمناطق المتنازع عليها وليس داخل الحدود الفعلية لإقليم كردستان، وحكومة الإقليم تتجنّب أي صراع أو صدام مسلح كردي ـ كردي معهم". وتابع أنه "يجب إخلاء الحزب لهذه المناطق حتى يعود سكانها إليها سواء من العرب أو الأكراد أو المسيحيين وغيرهم، فالموجودون حالياً هم من أتباع الحزب أو مناصريه". وأكد أن "سنونو والقرى والبلدات المجاورة بما فيها جبل سنجار حالياً، من المفترض أنها تابعة لسلطة بغداد الاتحادية بعد انسحاب البشمركة منها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي".

من جانبه، اعتبر القيادي في مليشيا "الحشد الشعبي"، النائب أحمد الأسدي لـ"العربي الجديد"، أن "المناطق التي يتواجد بها مقاتلو الحزب تابعة للبشمركة وغير صحيح أنها تحت سلطة الجيش العراقي". وأضاف أن "المناطق التي سيطر الجيش عليها ضمن حملة فرض القانون التي بدأت من كركوك منتصف أكتوبر الماضي، غادرها أفراد الحزب وانتقلوا إلى مناطق ضمن إقليم كردستان". وتابع: "كيف يمكن دعم مسلحي حزب العمال كما يدعي البعض، وهم من قاتل قواتنا عند دخولنا كركوك واعترضوا طريق تقدمهم في مناطق عدة".

وقدّرت بعض الأوساط عدد مقاتلي حزب "العمال" في مناطق سهل نينوى وفي البلدات والمناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد، بأكثر من 1500 مقاتل، منهم نحو 800 مقاتل من الأكراد الأيزيديين، وهم من حملة الجنسية العراقية ومن سكان المنطقة ذاتها. وقد قام الحزب بعد دخوله المنطقة بفتح باب التطوع وتسليح المنضمين الجدد وتدريبهم وأطلق عليهم اسم (وحدات مقاومة سنجار)، ثم فصيل آخر باسم (قوات حماية إيزيد خان). وتلقّى أفراد تلك المليشيات دروساً ومحاضرات عرفت باسم (إضاءات على فكر عبد الله أوجلان) واجهت اعتراضاً من المقاتلين الجدد، ما دفع بأكثر من 300 عنصر منهم إلى الانشقاق عن حزب العمال والانضمام إلى الحشد الشعبي رسمياً، الذي قام بدوره في استقبالهم وصرف مرتبات شهرية لهم. وكان سبب الانشقاق ما اعتبر طروحات الحزب التي تمس بمعتقدات الديانة الأيزيدية وتهينها".