استطلاع رأي مثير في الخليج العربي

28 أكتوبر 2014

شمل الاستطلاع المواطنين في الإمارات والسعودية والكويت (Getty)

+ الخط -

استطلاع رأي جديد في الخليج العربي، يكشف، على نحو مثير جداً، توجهات التفكير لدى مواطني ثلاثة من دول الخليج العربية، أجرته شركة محلية "رائدة في مجال المسح التجاري" في السعودية والكويت والإمارات، وبتكليف من معهد واشنطن في سبتمبر/أيلول الماضي، وهو معهد بحث أميركي معروف أسسته عام 1985 لجنة العلاقات الأميركية الإسرائيلية، المعروفة اختصارا بـ "أيباك". وحسب موقعه الإلكتروني، فإنه يستهدف ترقية "فهم متوازن وواقعي للمصالح الأميركية في الشرق الأوسط"، وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من الحزبين الكبيرين، الجمهوري والديمقراطي، من أجل "توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأميركية في هذه المنطقة الحيوية من العالم"!

استند الاستطلاع على مقابلات شخصية، أجريت مع عينة احتمالية جغرافية، تمثيلية على الصعيد الوطني، شملت 1000 مشارك من كل دولة، ما يعني أنها تتضمن هامش خطأ إحصائي يبلغ حوالي 3% زيادة أو نقصاناً، حسب المعهد. وشمل الاستطلاع "المواطنين" فقط في كل بلد؛ أما العمال الأجانب، و"المقيمون" العرب، ويفوق عددهم عدد المواطنين بإثنين إلى واحد في الكويت وأربعة إلى واحد في الإمارات، فقد تم استثناؤهم من العينات.

من أهم النتائج التي يكشفها الاستطلاع، هناك 5 % فقط من السعوديين، وحتى عدد أقل من الكويتيين والإماراتيين، الذين عبّروا عن وجهة نظر إيجابية تجاه تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، الذي أعاد تسمية نفسه "الدولة الإسلامية"، وهي نسبة مفاجئة، مقارنة بالأرقام التي تُبث بين حين وآخر عن حجم مؤيدي تنظيم "الدولة الإسلامية"، خصوصاً في الجزيرة العربية، حيث يتم تسريب أرقام عبر مواقع جهادية، ومنتديات تؤيد التنظيم، تبالغ في حجم هؤلاء، بل تذهب معلومات إلى القول إن ثمة خلايا "نائمة" كثيرة في بلاد الجزيرة، تتهيأ للانقضاض في حال سنحت لها الفرصة، ولا تتناقض هذه النسبة الضئيلة مع هذا "الزعم"، وإن كانت تبعث على شيء من اطمئنان من يرصدون تمدد هذا التنظيم الذي يعتمد استراتيجية "التخويف"، وبث الرعب في قلوب خصومه، سواء بالأفلام الخشنة التي يبثها عن أفاعيله، أو تضخيم عدد مؤيديه في الدول "المستهدفة"!

وفيما يخص "الإخوان المسلمين"، فقد صنفهم بصورة إيجابية حوالي الثلث في كل دول: 31% من السعوديين، و 34% من الكويتيين، و 29% من الإماراتيين، وهي نتائج مفاجئة أيضا، خصوصاً بعد الحملة الشعواء التي شنتها أنظمة عربية بقيادة حكومة مصر، لشيطنة هذا التنظيم، وإلحاقه بما يسمى "الإرهاب"، وإظهاره جزءاً من حركة الفوضى التي تستهدف تقويض أنظمة الحكم في البلاد العربية، كما أن هذه النسب تبعث غير قليل من الهلع من هذا التنظيم الذي يحظى بمثل هذا التأييد الواسع لدى شعوب الدول التي أجري فيها الاستطلاع، ويثبت، طبعاً، عبث حملة التشويه التي قادتها الأنظمة، لتلطيخ سمعة منتسبي "الإخوان".

وبشأن حركة حماس، وهي الجناح الفلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين، فحصلت على تأييد أكبر من مواطني هذه الدول حيث يدعمها: 52 % من السعوديين، و 53% من الكويتيين، و44% من الإماراتيين. (بالمقارنة، تحصل السلطة الفلسطينية في رام الله على نسبة أقل إلى حد ما، حوالي 40% في البلدان الثلاثة التي شملها الاستطلاع)، وهي نسبة معقولة، نظرا لإنجازات المقاومة في العدوان الإسرائيلي على غزة أخيراً، وإن بدا أن أقل من نصف من شملهم الاستطلاع في كل بلد يقولون إنه من غير المرجح أن تؤدي التكتيكات العسكرية التي استخدمتها "حماس" إلى هزيمة إسرائيل بشكل حاسم في المستقبل، فيما يظهر الاستطلاع أن أقلية كبيرة جداً في كل بلد (40-45%) توافق على أن سياسة "حماس تؤدي إلى الإضرار بالفلسطينيين أكثر من جلب المنفعة لهم".

من نتائج مثيرة للاهتمام، أيضا، ما يكشفه الاستطلاع بخصوص القضية الفلسطينية التي لا تزال تتمتع بشعبية، حيث أغلبية كبيرة، في كل بلد، "لا تتفق" مع الفكرة القائلة إنه "يتوجب على الدول العربية إيلاء مزيد من الاهتمام بالقضايا الداخلية الخاصة بها من إيلائها اهتمام مقابل للفلسطينيين". وتتراوح نسب الذين يرفضون هذا التأكيد بين 60% من الكويتيين، إلى 63% من الإماراتيين، وإلى 65% بين السعوديين، وتثبت هذه النتيجة فشل الأقلام المتصهينة التي اصطفت إلى جانب العدوان على غزة، وحاولت تشويه المقاومة والانتقاص من إنجازاتها.

وحصلت الولايات المتحدة في المجتمعات العربية الخليجية الثلاثة على نتيجة متدنية، فنسب التعبير حتى عن رأي "إيجابي إلى حد ما" تجاه الولايات المتحدة، "نظراً لسياساتها الأخيرة،" هي 12% بين السعوديين، و14% بين الكويتيين، و18% بين الإماراتيين. وعلى العكس، هناك أقلية كبيرة في كل دولة تعبّر عن رأي "سلبي جداً" عن الولايات المتحدة: 47% في المملكة العربية السعودية، و 45% في الكويت، و 38% في الإمارات، فيما تحصل الصين على تأييد حوالي 40% في جميع البلدان الثلاثة!

هذه ملامح سريعة للاستطلاع المثير، الفريد من نوعه، والذي يفسر هلع الأنظمة العربية من "شبح" صندوق الانتخابات، ويؤكد مدى "نجاح" تحريض اللوبي الصهيوني ضد الاتجاهات الإسلامية المعتدلة، عبر التخويف من قوتها، ومدى شعبيتها في أوساط المواطنين العرب، عبر استطلاعات رأي تحظى بغير قليل من المصداقية، مع الأخذ بالاعتبار طريقة صياغة أسئلة مثل هذه الاستطلاعات، التي قد تفضي إلى التأثير على فحوى الأجوبة.