في مشهد بدا هزلياً إلى حدّ بعيد، ناقش مجلس النواب المصري، اليوم الثلاثاء، أول استجواب ضد الحكومة منذ انعقاده في 10 يناير/كانون الثاني 2016، والمقدّم من النائب محمد الحسيني ضد وزيرة الصحة والسكان هالة زايد، بشأن تهالك مستشفى بولاق الدكرور العام بمحافظة الجيزة، إذ طالب العديد من النواب بسحب الثقة من الأخيرة، في وقت أشادوا فيه بأداء الرئيس عبد الفتاح السيسي في ملف الصحة، مع العلم أنه من جدد الثقة في الوزيرة خلال التعديل الوزاري الأخير.
واحتد رئيس مجلس النواب علي عبد العال، على النائب المخضرم كمال أحمد، خلال مناقشة الاستجواب، على خلفية قول الأخير: "الوزيرة نجحت، ولم ينجح المجلس... أنا حضرت الاستجوابات في هذه القاعة، وكان الوزير يحضر معه وزيرين أو ثلاثة لمساندته... وما يحدث الآن ليس استجواباً بالمعنى العلمي الذي مارسناه"، وهي الكلمة التي لاقت استحسان بعض النواب الذي صفقوا طويلاً.
ووجه عبد العال بحذف كلمة النائب أحمد من مضبطة الجلسة، قائلاً: "الاستجواب هو اتهام مباشر للحكومة، وكلّ الشروط اللائحية تحققت في الاستجواب محل المناقشة... الاستجواب يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء، أو أحد أعضاء الحكومة، وينصرف إلى رسم السياسة العامة للحكومة... وهذا ما استقر عليه القضاء الدستوري في كل دول العالم".
وأضاف عبد العال: "الاستجواب يجب أن يكون وارداً في وقائع مُحدَّدة، وينصرف إلى بعض الوقائع المادية، مثل تصوير جسر معين فيه خطأ فني، وهذا أمر كافٍ للاستجواب"، مستكملاً "صورة واحدة كافية لاستجواب الوزير، ومساءلته، ومن يشكك في ذلك ليرجع لأحكام القضاء الدستوري... وقد حفظت كثيرا من الاستجوابات المقدمة من النواب لعدم مطابقتها للشروط اللازمة".
وزاد: "مجلس النواب نجح دائماً، وسيظل ناجحاً في كل ما يتناوله من موضوعات، وكان يمكن استخدام حقي اللائحي في فتح التحقيق بواقعة تصفيق بعض النواب، لمخالفتها التقاليد البرلمانية، لأنها تصادر حقاً دستورياً ممنوحاً لنائب، فالمجلس لم ينتهِ من قراره، فلماذا التصفيق؟ اقرأوا اللائحة جيداً، والصور التي عُرضت تكفي لمساءلة الحكومة مجتمعة!"، حسب تعبيره.
اقــرأ أيضاً
من جهته، طالب مقدم الاستجواب بسحب الثقة من الوزيرة، بسبب ما يعانيه قطاع الصحة في مصر من حالة تردٍّ وإهمال، خصوصاً في المستشفيات الحكومية، محملاً إياها مسؤولية أرواح المواطنين "الغلابة"، بعدما استعرض العديد من الصور التي تظهر انتشار الكلاب الضالة داخل حرم مستشفى بولاق الدكرور، وانهيار الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين بشكل ملحوظ.
وشدد الحسيني على أن المستشفى يعاني من نقص في أطقم الأطباء والممرضين، وعجز في الأجهزة والمعدات الطبية، بالإضافة إلى استفحال مشكلات الصرف الصحي والنظافة ونقص المياه، منوهاً إلى أن المستشفى يخدم ما يقرب من 4 ملايين مواطن، وتدهور الأوضاع داخله هو مثال للأوضاع بكافة مستشفيات الحكومة على مستوى الجمهورية.
وزعم الحسيني أن السيسي هو نموذج للعمل والاجتهاد، وفي المقابل لا يعمل العديد من الوزراء بنفس الوتيرة من الأداء، بل إنهم "يكبرون رؤوسهم" على المواطن، مشيراً إلى أنه من أبناء المناطق الشعبية، وما حدث من تجاهل على مدار أربع سنوات ماضية، وعدم الرد على مطالبه بشأن تطوير المستشفى، هو أمر غير مقبول، ورسالة سلبية تستوجب سحب الثقة من الوزيرة.
وقال الحسيني: "المرضى يموتون على السلم بسبب تعطل المصاعد، وغياب أطباء الرعاية داخل المستشفى"، وهو ما عقبت عليه الوزيرة بالحديث بعيداً عن موضوع الاستجواب. وقالت زايد: "لدينا 3 مبادرات قومية لرئيس الجمهورية خلال 2020 سيُعلن عن موعدها قريباً، والمبادرة الأولى حول السيدات الحوامل لمنع الأمراض التي تنتقل من الأم إلى الطفل وعلاجها".
وأضافت أن المبادرة الثانية هي للكشف عن اعتلال الكلى لمنع انتشار الفشل الكلوي في مصر، من خلال توفير 3100 جهاز غسيل كلوي، و1300 كرسي متحرك، وإحلال وتجديد 100 % من أجهزة الفشل الكلوي المتهالكة بدعم من صندوق "تحيا مصر" (غير خاضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات).
اقــرأ أيضاً
وقالت زايد إنه من المستهدف تخصيص 150 مليون جنيه لتطوير مستشفى بولاق الدكرور، في شكل إدخال خدمات عاجلة، ولكن عبر إمدادات مالية متعاقبة، مستطردة: "لقد تسلمنا مبنى عليه نزاع قضائي منذ 17 عاماً، واشترينا 100 مصعد لتوزيعها على المستشفيات التي تحتاج إلى ذلك بشكل عاجل، ووجهنا 6 مصاعد لمستشفى بولاق الدكرور لتركيبها بحلول عام 2021".
من جهتها، قالت النائبة مي محمود: "وزيرة الصحة لا تستحق أن تكون مسؤولة عن صحة وحياة المواطنين، بسبب حالة الإهمال التي تعاني منها كافة المستشفيات على مستوى الجمهورية"، متابعة "لا يجب أن يقف الأمر عند سحب الثقة من الوزيرة، ولكن لا بد من محاسبتها بتهمة إهدار حياة الكثير من المصريين".
وأشارت محمود إلى أن كلام الوزيرة بشأن زيارة كافة المناطق على مستوى الجمهورية غير صحيح، لأنها لو كانت تمر بالفعل على المستشفيات، "ما وصل حال الصحة في مصر إلى هذا الوضع المتدهور"، وهو الحديث الذي أيده النائب محمود بدر، متهماً الوزيرة بإهدار ما يربو على مليار و54 مليون جنيه في قطاع الصحة، بسبب غياب رؤيتها إزاء التطوير.
ودعا بدر إلى سحب الثقة من الحكومة بأكملها "لأنها لم تؤدِ دورها على الوجه الأكمل"، منتقداً حصول وزارة الصحة على العديد من القروض الخارجية، وعدم استغلالها بالشكل الأمثل. واتفق معه النائب مجدي ملك، متمسكاً بسحب الثقة من الوزيرة، بسبب حالة الإهمال الجسيم بجميع المستشفيات على عموم الجمهورية. واستشهد برسالة وصلته من أحد المواطنين، الذي توفي أحد أقاربه، يقول فيها: "حسبي الله ونعم الوكيل فيكم"، في إشارة إلى نواب البرلمان.
فيما قال النائب ضياء الدين داوود إنه "لا يمكن إلقاء اللوم على وزيرة الصحة، ولكن إلقاء اللوم على من اختارها لتتولى مسؤولية هذه الحقيبة المهمة"، موضحاً أن "الأغلبية البرلمانية ممثلة في ائتلاف (دعم مصر)، وحزب (مستقبل وطن)، هي التي منحت الثقة للحكومة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولاحقاً تعرضت الدولة لهزة كبيرة جراء سياساتها".
ورفض عبد العال ما ذكره داوود، قائلاً: "هذه الكلمة لا يجب أن تُقال، البلد صامدة وقوية، ولا تهتز إطلاقاً"، الأمر الذي ردّ عليه داوود، بالقول: "بدلاً من أن ترد الوزيرة على الاستجواب بهذه الكلمات، كان يجب عليها أن تتحمل المسؤولية السياسية، وتتقدم باستقالتها من الوزارة. فما تتشدق به من منظومة التأمين الصحي في بورسعيد لا يعتمد عليه، في ظل ما تعانيه المستشفيات هناك".
واستشهد داوود بالحادث المروع الذي وقع في بورسعيد أخيراً، وراح ضحيته 23 مواطناً، وكان التكييف في العناية المركزة مُعطلاً، وواجهات المستشفى مُنهارة على الرغم من مرور أشهر قليلة على إنشائها.
واحتد رئيس مجلس النواب علي عبد العال، على النائب المخضرم كمال أحمد، خلال مناقشة الاستجواب، على خلفية قول الأخير: "الوزيرة نجحت، ولم ينجح المجلس... أنا حضرت الاستجوابات في هذه القاعة، وكان الوزير يحضر معه وزيرين أو ثلاثة لمساندته... وما يحدث الآن ليس استجواباً بالمعنى العلمي الذي مارسناه"، وهي الكلمة التي لاقت استحسان بعض النواب الذي صفقوا طويلاً.
وأضاف عبد العال: "الاستجواب يجب أن يكون وارداً في وقائع مُحدَّدة، وينصرف إلى بعض الوقائع المادية، مثل تصوير جسر معين فيه خطأ فني، وهذا أمر كافٍ للاستجواب"، مستكملاً "صورة واحدة كافية لاستجواب الوزير، ومساءلته، ومن يشكك في ذلك ليرجع لأحكام القضاء الدستوري... وقد حفظت كثيرا من الاستجوابات المقدمة من النواب لعدم مطابقتها للشروط اللازمة".
وزاد: "مجلس النواب نجح دائماً، وسيظل ناجحاً في كل ما يتناوله من موضوعات، وكان يمكن استخدام حقي اللائحي في فتح التحقيق بواقعة تصفيق بعض النواب، لمخالفتها التقاليد البرلمانية، لأنها تصادر حقاً دستورياً ممنوحاً لنائب، فالمجلس لم ينتهِ من قراره، فلماذا التصفيق؟ اقرأوا اللائحة جيداً، والصور التي عُرضت تكفي لمساءلة الحكومة مجتمعة!"، حسب تعبيره.
وشدد الحسيني على أن المستشفى يعاني من نقص في أطقم الأطباء والممرضين، وعجز في الأجهزة والمعدات الطبية، بالإضافة إلى استفحال مشكلات الصرف الصحي والنظافة ونقص المياه، منوهاً إلى أن المستشفى يخدم ما يقرب من 4 ملايين مواطن، وتدهور الأوضاع داخله هو مثال للأوضاع بكافة مستشفيات الحكومة على مستوى الجمهورية.
وزعم الحسيني أن السيسي هو نموذج للعمل والاجتهاد، وفي المقابل لا يعمل العديد من الوزراء بنفس الوتيرة من الأداء، بل إنهم "يكبرون رؤوسهم" على المواطن، مشيراً إلى أنه من أبناء المناطق الشعبية، وما حدث من تجاهل على مدار أربع سنوات ماضية، وعدم الرد على مطالبه بشأن تطوير المستشفى، هو أمر غير مقبول، ورسالة سلبية تستوجب سحب الثقة من الوزيرة.
وقال الحسيني: "المرضى يموتون على السلم بسبب تعطل المصاعد، وغياب أطباء الرعاية داخل المستشفى"، وهو ما عقبت عليه الوزيرة بالحديث بعيداً عن موضوع الاستجواب. وقالت زايد: "لدينا 3 مبادرات قومية لرئيس الجمهورية خلال 2020 سيُعلن عن موعدها قريباً، والمبادرة الأولى حول السيدات الحوامل لمنع الأمراض التي تنتقل من الأم إلى الطفل وعلاجها".
وأضافت أن المبادرة الثانية هي للكشف عن اعتلال الكلى لمنع انتشار الفشل الكلوي في مصر، من خلال توفير 3100 جهاز غسيل كلوي، و1300 كرسي متحرك، وإحلال وتجديد 100 % من أجهزة الفشل الكلوي المتهالكة بدعم من صندوق "تحيا مصر" (غير خاضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات).
وقالت زايد إنه من المستهدف تخصيص 150 مليون جنيه لتطوير مستشفى بولاق الدكرور، في شكل إدخال خدمات عاجلة، ولكن عبر إمدادات مالية متعاقبة، مستطردة: "لقد تسلمنا مبنى عليه نزاع قضائي منذ 17 عاماً، واشترينا 100 مصعد لتوزيعها على المستشفيات التي تحتاج إلى ذلك بشكل عاجل، ووجهنا 6 مصاعد لمستشفى بولاق الدكرور لتركيبها بحلول عام 2021".
من جهتها، قالت النائبة مي محمود: "وزيرة الصحة لا تستحق أن تكون مسؤولة عن صحة وحياة المواطنين، بسبب حالة الإهمال التي تعاني منها كافة المستشفيات على مستوى الجمهورية"، متابعة "لا يجب أن يقف الأمر عند سحب الثقة من الوزيرة، ولكن لا بد من محاسبتها بتهمة إهدار حياة الكثير من المصريين".
وأشارت محمود إلى أن كلام الوزيرة بشأن زيارة كافة المناطق على مستوى الجمهورية غير صحيح، لأنها لو كانت تمر بالفعل على المستشفيات، "ما وصل حال الصحة في مصر إلى هذا الوضع المتدهور"، وهو الحديث الذي أيده النائب محمود بدر، متهماً الوزيرة بإهدار ما يربو على مليار و54 مليون جنيه في قطاع الصحة، بسبب غياب رؤيتها إزاء التطوير.
ودعا بدر إلى سحب الثقة من الحكومة بأكملها "لأنها لم تؤدِ دورها على الوجه الأكمل"، منتقداً حصول وزارة الصحة على العديد من القروض الخارجية، وعدم استغلالها بالشكل الأمثل. واتفق معه النائب مجدي ملك، متمسكاً بسحب الثقة من الوزيرة، بسبب حالة الإهمال الجسيم بجميع المستشفيات على عموم الجمهورية. واستشهد برسالة وصلته من أحد المواطنين، الذي توفي أحد أقاربه، يقول فيها: "حسبي الله ونعم الوكيل فيكم"، في إشارة إلى نواب البرلمان.
فيما قال النائب ضياء الدين داوود إنه "لا يمكن إلقاء اللوم على وزيرة الصحة، ولكن إلقاء اللوم على من اختارها لتتولى مسؤولية هذه الحقيبة المهمة"، موضحاً أن "الأغلبية البرلمانية ممثلة في ائتلاف (دعم مصر)، وحزب (مستقبل وطن)، هي التي منحت الثقة للحكومة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولاحقاً تعرضت الدولة لهزة كبيرة جراء سياساتها".
ورفض عبد العال ما ذكره داوود، قائلاً: "هذه الكلمة لا يجب أن تُقال، البلد صامدة وقوية، ولا تهتز إطلاقاً"، الأمر الذي ردّ عليه داوود، بالقول: "بدلاً من أن ترد الوزيرة على الاستجواب بهذه الكلمات، كان يجب عليها أن تتحمل المسؤولية السياسية، وتتقدم باستقالتها من الوزارة. فما تتشدق به من منظومة التأمين الصحي في بورسعيد لا يعتمد عليه، في ظل ما تعانيه المستشفيات هناك".
واستشهد داوود بالحادث المروع الذي وقع في بورسعيد أخيراً، وراح ضحيته 23 مواطناً، وكان التكييف في العناية المركزة مُعطلاً، وواجهات المستشفى مُنهارة على الرغم من مرور أشهر قليلة على إنشائها.