ازدياد غير مسبوق لأعداد المتسوّلين في كابول
كابول
مثل غيرها من مدن أفغانستان، تعاني العاصمة كابول من ازدياد غير مسبوق في أعداد المتسوّلين خلال شهر رمضان. كلّ شارع يجمع عشرات المتسوّلين من رجال ونساء وأطفال يلاحقون الناس أثناء الذهاب إلى المساجد والأسواق، ويطرقون أبواب المنازل للحصول على المال.
كذلك، لا تكاد تجد أي نقطة في السوق المكتظ إلاّ ويقف عندها عدد كبير من المتسوّلين، مستخدمين طرقاً تقليدية وجديدة لجلب أنظار الناس إليهم والحصول على أكبر قدر من المال. هذا الأمر يثير حفيظة عامة المواطنين، خصوصاً أنّ ملاحقة النساء من قبل المتسوّلين الرجال في المجتمع الأفغاني المحافظ مسألة حساسة.
هنا، أمام مسجد أيوب في منطقة تيمني القريبة من سوق شهر نو (السوق الجديد) يقف عشرات المتسوّلين مع العلم أنّه مسجد صغير لا يحضره أثناء الصلاة أكثر من 50 شخصاً. يتشاجر المتسوّلون في ما بينهم في بعض الأحيان، وكلّ واحد منهم يحاول أن يجد لنفسه مكان جلوس عند البوابة الرئيسية. وعند انتهاء الصلاة يتوزع هؤلاء على الشوارع، ويبدؤون في طرق الأبواب والهتاف أمام المنازل طلباً للمال. معظمهم لا يقبلون الطعام، بذريعة أنّه كثير في رمضان، بل جمع النقود هو همهم الوحيد.
محمد ياسر أحد سكان منطقة تيمني، وهو أحد من يعانون من كثرة المتسوّلين، فبيته قريب من مسجد أيوب، وكلما انتهى هؤلاء من جمع المال من الناس بعد أداء الصلاة يبدؤون في طرق الأبواب. منزل ياسر من أقرب المنازل إلى المسجد، لذلك فإنّه مقصد دائم للمتسوّلين، إذ يطرق بابه أكثر من عشرة متسوّلين يومياً. يقول ياسر إنّ المشكلة ليست في إعطائهم مالاً أو طعاماً إنما في عدم تحركهم من أمام المنزل عند الإفطار، وكلما أخرج لأحدهم الإفطار جاء عدد آخر منهم ليطلبوا المال والطعام. وهكذا يجتمع كلّ يوم متسوّلون كثر أمام منزله.
عدد كبير من المتسوّلين نزحوا إلى العاصمة من المناطق التي تضررت بفعل الحروب الدامية، خصوصاً بعد تشرد آلاف الأسر. من هذه المناطق إقليم هلمند في الجنوب وقندوز في الشمال. أحد المتسوّلين النازحين محمد زرمت (67 عاماً). تعيش أسرته مع أسرة أحد أقاربه في مخيم النازحين في منطقة كمبني بضواحي العاصمة الأفغانية كابول. منزله دمرته المعارك بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، ومعه دمرت منازل أقاربه في مديرية سنكين بإقليم هلمند.
اقــرأ أيضاً
كانت أسرة زرمت في حالة معيشية جيدة، وكان ابنه الوحيد فيض الله (25 عاماً) يشتغل في مدينة لشكركاه عاصمة الإقليم. وفي أحد الأيام عندما عاد فيض الله إلى منزله بدأت المعركة بين الطرفين المتخاصمين. وفي أثناء المعركة سقط صاروخ على منزل زرمت، ما أدى إلى مقتل ثلاثة من أفراد عائلته منهم فيض الله المعيل الوحيد.
بعد فقده ابنه، ومع استمرار الحروب الدامية وخراب المنزل، لم يبقَ أمام زرمت من خيار سوى ترك المنزل والنزوح إلى كابول ليعيش فترة قصيرة مع أحد أقاربه في المخيم. حاول الرجل في بداية الأمر أن يمارس أيّ مهنة يكسب منها لقمة العيش لأولاده وأولاد وأرملة ابنه فيض الله، لكنّ وضعه الصحي لم يسمح له بذلك. أخيراً لجأ إلى سوق شهر نو وبدأ في التسوّل.
يقول زرمت بنبرة حزن: "عشت أياماً جميلة في حياتي، وكنت في وضع حسدني عليه أقراني، ولمّا كبر ابني كانت حالتي جيدة فكنت أزرع قطعة أرض ورثتها من الوالد، ويعمل ابني في مدينة لشكر كاه، كنا ننتظر أيام الجمعة ليحضر ويجلب معه كلّ ما نحتاج إليه. أما الآن، وبعدما رحل ابني ودمّر منزلي بات العيش مستحيلاً في القرية. هنا أستعطف الناس، وبشق نفسي أكسب لقمة العيش لعائلتي".
آخرون جعلوا التسوّل حرفتهم. منهم رضوانه التي تسوق معها ابنتها وهي بملابس مدرسية، وتصرخ في الناس أن يعطوها شيئاً من المال. لا ترجع رضوانه إلى منزلها في المساء، خصوصاً في أيام رمضان، إلاّ ومعها نحو ألف أفغانية (14 دولاراً أميركياً). وفي بلد يعاني من الحروب الدامية ومن تبعاتها يصعب للرجل أن يحصل على هذا المبلغ.
كذلك، تتولى عصابات منظمة التسوّل مستغلة الفقراء ووضعهم السيئ لجمع المال، خصوصاً الأطفال منهم. يقول أحد الأطفال المتسوّلين في منطقة شير بور إنّ شخصاً يدعى نذير يسكن في منطقة هوتخيل جمع عدداً من الأطفال من الأقاليم، ويدفع لكلّ واحد منهم 500 أفغانية ما يعادل (سبعة دولارات) مقابل تشغيلهم في التسوّل لمصلحته.
ومن المتسوّلين كذلك من لا يعرفون اللغة الأفغانية حتى، معظمهم من إقليم البنجاب الباكستاني.
اقــرأ أيضاً
كذلك، لا تكاد تجد أي نقطة في السوق المكتظ إلاّ ويقف عندها عدد كبير من المتسوّلين، مستخدمين طرقاً تقليدية وجديدة لجلب أنظار الناس إليهم والحصول على أكبر قدر من المال. هذا الأمر يثير حفيظة عامة المواطنين، خصوصاً أنّ ملاحقة النساء من قبل المتسوّلين الرجال في المجتمع الأفغاني المحافظ مسألة حساسة.
هنا، أمام مسجد أيوب في منطقة تيمني القريبة من سوق شهر نو (السوق الجديد) يقف عشرات المتسوّلين مع العلم أنّه مسجد صغير لا يحضره أثناء الصلاة أكثر من 50 شخصاً. يتشاجر المتسوّلون في ما بينهم في بعض الأحيان، وكلّ واحد منهم يحاول أن يجد لنفسه مكان جلوس عند البوابة الرئيسية. وعند انتهاء الصلاة يتوزع هؤلاء على الشوارع، ويبدؤون في طرق الأبواب والهتاف أمام المنازل طلباً للمال. معظمهم لا يقبلون الطعام، بذريعة أنّه كثير في رمضان، بل جمع النقود هو همهم الوحيد.
محمد ياسر أحد سكان منطقة تيمني، وهو أحد من يعانون من كثرة المتسوّلين، فبيته قريب من مسجد أيوب، وكلما انتهى هؤلاء من جمع المال من الناس بعد أداء الصلاة يبدؤون في طرق الأبواب. منزل ياسر من أقرب المنازل إلى المسجد، لذلك فإنّه مقصد دائم للمتسوّلين، إذ يطرق بابه أكثر من عشرة متسوّلين يومياً. يقول ياسر إنّ المشكلة ليست في إعطائهم مالاً أو طعاماً إنما في عدم تحركهم من أمام المنزل عند الإفطار، وكلما أخرج لأحدهم الإفطار جاء عدد آخر منهم ليطلبوا المال والطعام. وهكذا يجتمع كلّ يوم متسوّلون كثر أمام منزله.
عدد كبير من المتسوّلين نزحوا إلى العاصمة من المناطق التي تضررت بفعل الحروب الدامية، خصوصاً بعد تشرد آلاف الأسر. من هذه المناطق إقليم هلمند في الجنوب وقندوز في الشمال. أحد المتسوّلين النازحين محمد زرمت (67 عاماً). تعيش أسرته مع أسرة أحد أقاربه في مخيم النازحين في منطقة كمبني بضواحي العاصمة الأفغانية كابول. منزله دمرته المعارك بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، ومعه دمرت منازل أقاربه في مديرية سنكين بإقليم هلمند.
كانت أسرة زرمت في حالة معيشية جيدة، وكان ابنه الوحيد فيض الله (25 عاماً) يشتغل في مدينة لشكركاه عاصمة الإقليم. وفي أحد الأيام عندما عاد فيض الله إلى منزله بدأت المعركة بين الطرفين المتخاصمين. وفي أثناء المعركة سقط صاروخ على منزل زرمت، ما أدى إلى مقتل ثلاثة من أفراد عائلته منهم فيض الله المعيل الوحيد.
بعد فقده ابنه، ومع استمرار الحروب الدامية وخراب المنزل، لم يبقَ أمام زرمت من خيار سوى ترك المنزل والنزوح إلى كابول ليعيش فترة قصيرة مع أحد أقاربه في المخيم. حاول الرجل في بداية الأمر أن يمارس أيّ مهنة يكسب منها لقمة العيش لأولاده وأولاد وأرملة ابنه فيض الله، لكنّ وضعه الصحي لم يسمح له بذلك. أخيراً لجأ إلى سوق شهر نو وبدأ في التسوّل.
يقول زرمت بنبرة حزن: "عشت أياماً جميلة في حياتي، وكنت في وضع حسدني عليه أقراني، ولمّا كبر ابني كانت حالتي جيدة فكنت أزرع قطعة أرض ورثتها من الوالد، ويعمل ابني في مدينة لشكر كاه، كنا ننتظر أيام الجمعة ليحضر ويجلب معه كلّ ما نحتاج إليه. أما الآن، وبعدما رحل ابني ودمّر منزلي بات العيش مستحيلاً في القرية. هنا أستعطف الناس، وبشق نفسي أكسب لقمة العيش لعائلتي".
آخرون جعلوا التسوّل حرفتهم. منهم رضوانه التي تسوق معها ابنتها وهي بملابس مدرسية، وتصرخ في الناس أن يعطوها شيئاً من المال. لا ترجع رضوانه إلى منزلها في المساء، خصوصاً في أيام رمضان، إلاّ ومعها نحو ألف أفغانية (14 دولاراً أميركياً). وفي بلد يعاني من الحروب الدامية ومن تبعاتها يصعب للرجل أن يحصل على هذا المبلغ.
كذلك، تتولى عصابات منظمة التسوّل مستغلة الفقراء ووضعهم السيئ لجمع المال، خصوصاً الأطفال منهم. يقول أحد الأطفال المتسوّلين في منطقة شير بور إنّ شخصاً يدعى نذير يسكن في منطقة هوتخيل جمع عدداً من الأطفال من الأقاليم، ويدفع لكلّ واحد منهم 500 أفغانية ما يعادل (سبعة دولارات) مقابل تشغيلهم في التسوّل لمصلحته.
ومن المتسوّلين كذلك من لا يعرفون اللغة الأفغانية حتى، معظمهم من إقليم البنجاب الباكستاني.