بعد الهبوط بما يزيد على 50% في أسعار النفط الخام منذ يوليو/تموز الماضي، جذب النفط الخام الاهتمام بصورة متزايدة من المستثمرين الذين يرون الأسعار المنخفضة في الوقت الحالي على أنها غير قابلة للاستمرار على المدى الطويل، وكنتيجة لذلك، وحسب البيانات القادمة من بلومبيرج، شهدنا تدفقات صافية لأكثر من خمسة مليارات دولار أميركي في صناديق الاستثمار المتداولة في الطاقة، منذ بداية شهر نوفمبر، حيث شهد أكبر صندوق استثمار متداول في النفط الخام، صندوق النفط الأميركي أل بي، حجماً كبيراً من الأسهم تحلق بالقرب من ستة أضعافها في غضون ثلاثة أشهر فقط، وارتفعت، حالياً، لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ 2009.
شهدنا إقبالاً مشابهاً على صناديق الاستثمار المتداولة في النفط، بعد انهيار السعر في 2008/2009، عندما توقفت العديد من الاقتصادات الرئيسية تزامناً مع احتدام الأزمة المالية. وكنتيجة لهذا، هبط الطلب على النفط الخام من حافة الجرف وانخفض سعر خام غرب تكساس الوسيط إلى أدنى مستوياته في أربع سنوات بتاريخ 19 سبتمبر 2008 عند 32.40 دولاراً أميركيّاً وتضاعف سعر خام غرب تكساس الوسيط، خلال الأشهر الستة اللاحقة، لكن عوائد المستثمرين في صناديق الاستثمار المتداولة في النفط خلال نفس الوقت كانت أقل من 20%.
تنشأ في هذه الآونة حالة مشابهة والجدل الدائر حول ارتفاع أسعار النفط في المستقبل في ازدياد ولا سيما بسبب حجم مشاريع النفط الأولية الضخمة، التي تم إلغاؤها حالياً. وسواء كانت عمليات البيع الشرهة مدفوعة بانخفاض الطلب، كما كان الحال في 2009 أو بسبب ارتفاع العرض في هذه المرة، فإن تأثيرها مشابه على منحنى النفط، وهو ما سنسبر أغواره أدناه.
التسلم المؤجل وزيادة سعر التسليم المؤجل
في الحالة التي تكون فيها أسعار النفط الآجلة أعلى من الأسعار الحالية، ستتكبد صناديق الاستثمار المتداولة خسارة عند نهاية كل شهر بسبب قيام مزود صندوق الاستثمار المتداول بشراء العقود التالية بسعر أعلى من سعر المبيع. ويدعى هذا الشكل في منحنى العقود المستقبلية بالتسلم المؤجل، ويحدث في الحالات المشابهة للحالة الراهنة، حيث تبقي وفرة التوريدات الأسعار العاجلة تحت الضغط.
ويسمى السيناريو العكسي بزيادة سعر التسليم المؤجل، حيث ترفع الندرة في السوق الفعلية الأسعار العاجلة فوق الآجلة منها. وازدادت هذه الحالة تكراراً خلال السنوات القليلة الماضية، خصوصاً بعد الربيع العربي الذي رفع عدد اضطرابات العرض، بغض النظر عن رؤية تداول أسعار النفط الخام في أغلب الأحيان على الهامش خلال السنوات الثلاث، إلا أن ذلك خلق بيئة الإدراج الإيجابية لصناديق الاستثمار المتداولة في النفط مع تحقيق المستثمرين عوائد ضخمة.
عاث فخ تأجيل التسليم، المشار إليه أعلاه، فساداً في النفط الخام، خلال الأشهر الستة الماضية، لا سيما في خام برنت، وأخيراً في خام غرب تكساس الوسيط. ويمكن أن ترتفع التخمة الحالية في العرض، والمقدرة بحوالي 1.5 إلى 2 مليون برميل يومياً، أكثر من ذلك خلال الأسابيع القادمة، وبالتالي يتوجب على المستثمرين الباحثين عن الانتعاش التحلي بالصبر، وفي هذه الأثناء عدم الشعور بالإحباط حول عدم رؤية العائد الذي تشير إليه عقود النفط الآجلة في نهاية المطاف.
نورد فيما يلي أكبر صناديق الاستثمار المتدالة في النفط المقاسة بالتدفقات الصافية منذ مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي:
يسعى صندوق النفط الأميركي أل بي (USO:arcx) إلى الحصول على نتائج استثمار تعكس التغيرات في سعر العقود الآجلة الخاصة بخام غرب تكساس الوسيط.
يسعى خام بلومبيرج ألترا بروشيرز (UCO:arcx) إلى الحصول على نتيجة استثمار تتماشى مع ضعف الأداء الفعلي للمؤشر الفرعي لنفط بلومبيرج الخام.
يسعى النفط الخام الخاص بساكس جولدمان آي باث (OIL:arcx) إلى الحصول على نتيجة استثمار تتماشى مع مؤشر عائد النفط الإجمالي الخاص مع أس أند بي جي أس سي آي.
يتمثل هدف صندوق نفط دي بي باورشيرز (DBO:arcx) في تتبع العائد الفائض لمؤشر العائد الأمثل للنفط الخام دي في آي كيو.