ارتفاع الدولار يحرم المغاربة من فوائد الهبوط

29 أكتوبر 2014
يستورد المغرب 96% من احتياجاته النفطية (أرشيف/getty)
+ الخط -

خاب أمل المغاربة الذين اعتقدوا أن انخفاض أسعار النفط في السوق الدولية، سيؤدي إلى تراجع أسعار منتجات الوقود، بشكل كبير، في السوق المحلية، وبرر مسؤولون حكوميون عدم خفض الأسعار محلياً، بارتفاع سعر صرف الدولار.

ويعتبر خبراء أن الحكومة تبقى المستفيد الأكبر من تدهور أسعار النفط، التي ستؤدي إلى تقليص فاتورة مشترياتها من الخارج.
ويتحدد سعر المنتجات البترولية للمستهلك في المغرب تبعاً لأسعار المنتجات المكررة في السوق الدولية للنفط بمدينة روتردام الهولندية وسعر الدولار لدى المصرف المركزي المغربي.

ويتبنى المغرب طريقتين في تحديد الأسعار، إذ يتم تسعير البنزين الممتاز، حسب أداء السوق الدولية نزولاً أو صعوداً، بينما يخضع تحديد سعر المازوت بشكل جزئي لأداء تلك السوق، في انتظار التحرير الكلي للسعر اعتباراً من العام المقبل.

واعتبر وزير الشؤون العامة والحكامة، محمد الوفا، خلال ندوة صحافية مؤخراً، أن انخفاض تلك الأسعار يصاحبه دائماً ارتفاع سعر صرف الدولار، ما يحول دون انخفاض الأسعار في السوق المحلية، خاصة على المدى القصير.

ويستورد المغرب 96% من احتياجاته النفطية، وشهدت السنوات العشر الأخيرة ارتفاعاً كبيراً لفاتورة استيراد الطاقة من 1.37 مليار دولار إلى نحو 11.4 مليار دولار.

وإذا كانت الحكومة تتجه إلى خفض أسعار المحروقات في بعض الأحيان، إلا أن الانطباع السائد لدى الكثيرين، أنه لا يعكس حقيقة ما يحدث في السوق الدولية، ما يعني عدم حدوث انفراجة كبيرة في القدرة الشرائية للمغاربة، خاصة في ظل عدم وفاء الحكومة بما سبق أن التزمت به من تمكين الفقراء من دعم مالي مباشر وعدم وضوح النية نحو دعم بعض القطاعات الإنتاجية أو الخدمية، التي تحمّل عبء الزيادة في سعر المحروقات للمواطنين.

وأكد الخبير في البترول، عمر الفطواكي، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن الحكومة لا تبادر إلى خفض أسعار المنتجات النفطية بما يواكب مستوى هبوطها في السوق الدولية، لأنها تعول كثيراً على الموارد الضريبية التي تجنيها من تلك المنتجات، والتي تصل إلى مليار دولار.

وكانت المندوبية السامية المغربية للتخطيط، في دراسة تقييم لآثاره خلال الفترة الممتدة من عام 2012 إلى 2017،‬ نبهت إلى أن اتخاذ قرار تحرير أسعار المنتجات النفطية سيساهم في تحسين رصيد الموازنة والميزان التجاري، ولكنه سيؤدي، إلى ارتفاع الأسعار، ما يضعف القدرة الشرائية للأسر التي سيتراجع حجم استهلاكها، كما توقعت المندوبية انخفاض حجم الاستثمار الذي قد يؤثر على مستوى التشغيل.

ولم توفّر الحكومة المغربية جهداً في سبيل التخلص من الدعم عبر تحرير أسعار المنتجات النفطية، حيث مضت في ذلك بالكثير من الإصرار، رغم التخوفات التي أبداها الكثيرون على القدرة الشرائية للمغاربة. ولن تتعدى نفقات الدعم العام المقبل بفعل رفع الدعم عن المنتجات النفطية 2.6 مليار دولار، مقابل 4 مليارات دولار في العام الجاري.

وتسعى الحكومة لزيادة الأجور لمعالجة رفع الدعم وتراجع القوة الشرائية للمواطنين، ومن المرتقب حسب إحصائيات رسمية، أن ترتفع نفقات الأجور في موازنة 2015 إلى 105.5 مليار درهم (12.13 مليار دولار)، ما يعادل 10.8% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك للمرّة الأولى في تاريخ المغرب، حيث سيتم خلق 22.500 وظيفة جديدة، وذلك مقابل نفقات في حدود 100 مليار درهم (11.5 مليون دولار) العام الجاري، و86 مليار درهم (9.9 مليار دولار) قبل ثلاث سنوات.

وأكد خبراء أن الحكومة تبقى المستفيد الأكبر من تراجع أسعار النفط، الذي سينتج عنه تقليص فاتورة المشتريات من الخارج، ويساعدها على المضي في تقليص عجز الموازنة، عبر الاستمرار في رفع الدعم عن المنتجات النفطية. وتسعى الحكومة المغربية إلى خفض العجز في ميزانية 2015 إلى 4.9% من 5.5% في 2013.

وفي المقابل، يتصور خبراء آخرون أن انخفاض سعر البترول في السوق الدولة لا صدى حقيقياً له في المغرب بسبب ارتفاع أداء تلك المادة الأولية بسعر صرف العملات العالمية.
وينتظر أن يكون لانخفاض سعر برميل النفط في السوق الدولية تأثير إيجابي على الميزان التجاري المغربي، الذي يعزى تدهوره في السنوات الأخيرة، إلى فاتورة البترول.

غير أن ذلك سيكون له أثر إيجابي على موازنة الدولة، خاصة إذا ما حررت الحكومة بشكل تام سعر المازوت الذي مازال مدعوماً بشكل جزئي. بل إن من المراقبين من لاحظ أن خزينة الدولة يمكن أن تجني من وراء ذلك أرباحاً على مستوى الضريبة على القيمة المضافة والرسم الداخلي على الاستهلاك.
المساهمون