اختفاء آلاف الأدوية في مصر رغم زيادة الأسعار

19 يناير 2017
تعاني المستشفيات الحكومية نقصاً حاداً في الأدوية (Getty)
+ الخط -
يبدو أن قرار الزيادة على أسعار الدواء الذي اتخذته الحكومة المصرية لن يساهم بالحد المتوقع في فتح شهية المنتجين على تغطية النقص الحاصل في الصيدليات والمستشفيات، والذي قدرته مصادر مهنية بآلاف الأصناف.

وقال مسؤولون في نقابة الصيادلة وصناع أدوية، إن أزمة نواقص الأدوية ستظل مستمرة بالسوق المصري رغم رفع الأسعار، مرجعين ذلك إلى أن شركات الأدوية ستنتج الأصناف التي تم زيادتها فقط وستتجاهل باقي الأصناف والمستحضرات الرخيصة التي لم يشملها قرار الزيادة.

ووافقت الحكومة المصرية الأسبوع الماضي على رفع أسعار ثلاثة آلاف صنف دوائي، بنسبة 15% للأدوية المحلية و20% للمستوردة، وهذه هي الزيادة الثانية في أسعار الدواء في أقل من عام.

وقال عضو شعبة الدواء بالغرف التجارية، محمد غنيم: "أزمة نقص الأدوية لن تنتهي، بل ستتعمق خلال الفترة المقبلة رغم زيادة أسعار الدواء".

وأوضح غنيم لـ "العربي الجديد"، أن كل الشركات بلا استثناء ستنتج الأصناف والمستحضرات الطبية التي تم زيادة أسعارها مقابل التوقف عن إنتاج الأدوية التي لم يشملها قرار الزيادة.

وأضاف أن معظم شركات الأدوية، لاسيما متعددة الجنسيات التي تستحوذ على نحو 60% من مبيعات الأدوية في مصر، رفعت أسعار الأصناف الأكثر مبيعا، وتركت الأصناف الأخرى ولم تدرجها في قرارات الزيادة، وبالتالي لن تنتجها.

وأشار إلى أنه تم إرسال مقترح بتثبيت كل مجموعة مماثلة بأسعار محددة، فهو يرى أن المنتجات التي تحتوي على نفس المادة الفعالة يجب أن تخضع لزيادة واحدة في الأسعار، معتبرا أن قرار زيادة الأدوية "تم بعشوائية ورضوخ من الحكومة للشركات الأجنبية التي تسعي للأرباح فقط".

وشهدت الآونة الأخيرة نقصا في بعض الأدوية، خاصة المستوردة، مع ارتفاع أسعارها، فيما دخلت الحكومة في مفاوضات استمرت أسابيع حول الزيادة المناسبة بعد تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إذ تعتمد مصانع الأدوية الموجودة في مصر على استيراد أكثر من 95% من مدخلات الإنتاج من الخارج.

وبعد تحرير العملة المحلية زادت تكاليف الاستيراد بأكثر من 110% حيث تحرك سعر الصرف من 8.8 جنيهات للدولار قبل التعويم إلى حدود 18.5 جنيها للدولار في المتوسط حاليا.

وذكر غنيم، أن السوق الآن يعاني من نقص قرابة ألفي صنف دوائي، وهي أصناف رخيصة ستواصل الاختفاء نتيجة عزوف المنتجين عنها، لافتا إلى أن عدد المستحضرات الطبية في مصر يقترب من 12 ألفا يُتداول منها 10 آلاف، وما يتم البيع فيه بشكل كبير يبلغ قرابة 7 آلاف صنف، تستحوذ على نحو 90% من المبيعات والتداول.

وأضاف أن مطالب شركات الأدوية بالزيادة في الأسعار لن تنتهي إلا في حالة تثبيت سعر الدولار لهم، نظراً لأن مصر تستورد أكثر من 95% من مستلزمات الإنتاج الخاصة بالأدوية، وتستورد نحو 20%‏ من الأدوية تامة الصنع، كما تعيد تصدير جزء من الإنتاج مرة أخرى، وبالتالي، في حالة استمرار ارتفاع الدولار بالبنوك المحلية ستستمر مطالب الشركات بالزيادة، ما يعد تحريرا لأسعار الدواء بشكل غير صريح.

وتقدم المركز المصري للحق في الدواء بمذكرة لرئاسة الجمهورية، قبل أيام، حول ما سماه "تشوهات تسعيرية" في قرار زيادة أسعار الأدوية، الذي شمل رفع أسعار 47% من الأدوية المتداولة في مصر آخر خمس سنوات، واصفا إياه بأنه "يصل إلى درجة الفساد التسعيري في الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة".

وأشار المركز، في بيان صحافي إلى قيام مجلس الوزراء بزيادة أسعار نحو 7 آلاف صنف في مايو/أيار الماضي، بحجة استكمال نقص الدواء، وعلى الرغم من مرور 7 أشهر، زادت أزمة النواقص حتى وصلت لأكثر من 1800 صنف بالأسماء التجارية والعلمية معا.

وأوضح المركز أن بعض أدوية الأمراض المزمنة زادت أسعارها بنسبة تصل إلى 100%، لافتا إلى أن هناك أصنافا ارتفعت في مايو/أيار وفى التسعيرة الأخيرة أكثر من 100%، وعددها نحو 2500 صنف ومع هذا لم تنتج حتى الآن.

وقال عضو نقابة الصيادلة أحمد السقا، إن أصحاب الصيدليات في مصر يرفضون قرار زيادة الأسعار ورضوخ وزارة الصحة لمطالب شركات الدواء، لافتا إلى أن قرار الزيادة سيجعل الشركات تنتج الأصناف الرابحة فقط، وتحجم عن إنتاج الأصناف الخاسرة.

ويرى السقا في تصريح لـ "العربي الجديد" أن قرار الزيادة الأخير جاء متخبطا وغير مدروس، كما أنه لا يتضمن عقوبة على الشركات حال عدم توفيرها النواقص، وبالتالي ستظل أزمة اختفاء مئات الأدوية مستمرة وستتعمق أكثر خلال الفترة المقبلة، خاصة أن الحكومة لم ترفع أسعار المنتجات الناقصة فقط، وإنما تركت الحرية للشركات في اختيار الأصناف التي ترغب في زيادة أسعارها.



المساهمون