في أحيانٍ كثيرة، تثق تونسيّات بمستحضرات العناية بالبشرة التي تروّج عبر الإنترنت، ما قد يكلفّهن كثيراً، خصوصاً أنّ بعض هذه المستحضرات تكون مقلدة.
أغراها عرضٌ لمستحضرات عناية بالبشرة على إحدى شبكات وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً أنها ستحصل على عبوة مجاناً. وبعد شرائها واستخدامها، خضعت لعلاج على مدى سنتين. تقول معالي رابعي إنها لم تكن تعلم أنّ بعض مستحضرات العناية بالبشرة والوقاية من الشمس قد تكون مقلّدة، خصوصاً أنّها اختارت النوع الذي عادة ما تشتريه من الصيدليات. ورغم تجنّبها شراء تلك المواد من الأسواق في الشارع، إلا أنّها كانت ضحيّة سلع مغشوشة، وعبر الإنترنت هذه المرة.
عانت معالي من التهاب جلدي واحمرار في الوجه، لتدفع ثلاثة آلاف دولار ثمناً للعلاج. ورغم تحذير الأطباء من انتشار مساحيق العناية بالبشرة وغيرها على غرار مستحضرات الوقاية من الشمس وأخرى لعلاج حبوب الوجه، أو علاج البقع السوداء، إضافة إلى مستحضرات علاج تساقط الشعر، إلّا أنّ عشرات الأطنان من تلك البضائع وغيرها تباع في الأسواق وعلى طرقات غالبية المدن والمناطق التونسية. وتنقل وتعرض في ظروف غير آمنة، علماً أنّ بعضها يكون مقلّداً ومجهول المصدر. لكن مع ذلك، تقبل عليها التونسيات.
وزاد بيع تلك المواد، ليلجأ التجار إلى شبكات التواصل الاجتماعي لعرض منتجاتهم، مع شرح كيفية الاستخدام والفوائد والمدّة. ويكفي قراءة بعض تعليقات المتابعات حول فوائدها وكيفية الحصول عليها، لمعرفة مدى اهتمامهن بها، علماً أن وزارة الصحة كانت قد أصدرت بيانات حول مدى خطورة تلك المواد، على غرار المواد الملونة للشعر، والكحل الآسيوي الذي يحتوى على معدن الرصاص، إضافة إلى مواد مقلّدة للوقاية من الشمس.
وتساهم الرقابة الصحية والاقتصادية من حين إلى آخر في ضبط البضائع المقلدة، إلّا أنّ ذلك يبدو مستحيلاً على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، إذ ما من قانون يضبط هذا الأمر أو يجرم الترويج على تلك الشبكات.
وكان علي نصر (30 عاماً) قد أنشأ عشرات الصفحات على فيسبوك لعرض المنتجات التي يبيعها. يستغرب الاتهامات التي توجه لأمثاله حول الأضرار التي تسببها تلك المستحضرات، قائلاً إنّ غالبيّة الحملات التي تشن ضدهم يقودها صيادلة من جرّاء تراجع مبيعات بعض مستحضراتهم. ويشير إلى أنّه يشتري بضائعه من مندوبين يجلبونها من الخارج، ويعرفون في تونس بـ "تجار الشنطة".
رحمة شافع اشترت عبر وسائل التواصل الاجتماعي أحد مستحضرات إزالة البقع الداكنة في الوجه، لكن حصلت لها نتائج عكسية زادت من مشكلتها، وباتت تعاني من احمرار في الوجه وتقرّحات، لتعالج على مدى عام ونصف العام. تقول إنّها استخدمت الكريم من دون استشارة طبيب، هي التي كانت قد جربت علاجات عدة من دون الحصول على النتيجة المرجوة.
إلى ذلك، تقول طبيبة التجميل هاجر عذبي، لـ "العربي الجديد"، إنها استقبلت في عيادتها أشخاصاً استخدموا علاجات اشتروها عبر الإنترنت من دون استشارة طبيب، ليعانوا من مشاكل عدة. تضيف أنّ عدداً من الأشخاص لم يستجيبوا للعلاج لأن بعض المستحضرات التي استخدموها تحتوي على مواد كيميائية ضارة، عدا عن أنّها تنقل وتحفظ في ظروف غير آمنة.
على صعيد آخر، تستغرب عذبي انتشار مراكز التجميل والعناية بالبشرة، التي لا تتردّد في وصف علاجات أو إجراء عمليات ليزر، من دون أن يتمتع أصحابها بأي شهادات. وتشير إلى أنّ بعض النساء اللواتي خضعن لجلسات علاج بالليزر في مراكز غير متخصصة، أصِبن بمشاكل عدة استوجبت علاجاً لوقت طويل، مؤكدة أن الأمر يتعلق بغياب الوعي في بعض الأحيان، إضافة إلى انتشار ترويج آلاف المنتجات على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.
من جهته، يقول رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة، عبد الله جلال، لـ "العربي الجديد"، إن بيع هذه المواد لم يعد حكراً على الصيدليات، بل بات كثيرون يروجون لها ويبيعونها في الأسواق والشوارع أو عبر الإنترنت، مشيراً إلى قرار وزاري يتعلق باقتصار بيعها على الصيدليات، على أن تصادر من الأماكن الأخرى. يضيف أن العديد من المكملات الغذائية، والتي عادة ما تتطلب وصفة طبية، تباع بشكل عشوائي، ويستخدمها أو يتناولها الناس من دون معرفة التفاصيل المتعلقة بها، منها الكميات المسموحة على سبيل المثال.
من جهة أخرى، يشير إلى ارتفاع عدد ما يعرف بـ "الفارماسيري"، والتي تعمل من دون أية رقابة أو ترخيص مسبق من الجهات المعنية. ويؤكّد أنّ الهيئة طالبت بضبط عملها وتحديد المواد التي يسمح لهم ببيعها، ومصادرة تلك التي قد تسبب أضراراً للناس.