احتمالات لجوء مصر لصندوق النقد تتزايد

06 يوليو 2016
أي اتفاق لن يخلو من تشديد السياسة المالية(Getty)
+ الخط -

قالت مؤسسة للأبحاث في لندن، إن احتمالات توصل مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي زادت عن أي وقت في السنوات الخمس الأخيرة منذ ثورة 2011 التي أطاحت حسني مبارك من سدة الرئاسة.
كما توقعت المؤسسة - كابيتال إيكونوميكس للأبحاث - في تقريرها، أن مصر تواجه نقصاً في العملة الأجنبية يقارب 20 مليار دولار على مدى السنة المقبلة".

وأشارت إلى أن أي اتفاق لن يخلو من تشديد السياسة المالية بما في ذلك خفض الدعم، ورجحت أن يصر مسؤولو الصندوق على خفض الجنيه، لكنها تعتقد أن هذه العقبات لن يصعب تجاوزها مثلما كان الحال في السابق.

وذكرت المؤسسة في تقريرها - صدر اليوم الأربعاء - أن الحصول على حزمة مالية سيساعد على سد العجز في ميزان المدفوعات المصري وتعزيز آفاق نمو البلاد في الأمد المتوسط، لكنه قد يتطلب المزيد من إجراءات التقشف في الموازنة ومزيداً من خفض سعر صرف الجنيه في الأجل القصير.

 ضغوط على ميزان المدفوعات

 وأشارت كابيتال إيكونوميكس في تقريرها إلى أن الضغوط استمرت على ميزان المدفوعات المصري على الرغم من خفض الجنيه أمام الدولار في مارس بنسبة 13% بهدف تضييق الفجوة بين سعري الصرف في السوق الرسمية والموازية.

وعزت المؤسسة هذه الضغوط إلى عاملين رئيسيين، أولهما تزايد المخاوف الأمنية الذي أدى إلى هبوط عائدات السياحة. ويتمثل العامل الثاني في تراجع تحويلات المصريين المقيمين بالخارج، وهو ما وصفته المؤسسة البحثية أنه إحدى القنوات الرئيسية المرجح أن ينتقل خلالها ضعف النمو في الخليج إلى مصر.

وأضافت أنه نتيجة لهذه العوامل زاد العجز في ميزان المعاملات الجارية المصري إلى أكثر من 5% من الناتج المحلي الإجمالي.


وقالت "بجانب العجز الكبير في ميزان المعاملات الجارية تواجه مصر مدفوعات ضخمة لسداد ديون خارجية. ووفقاً للبنك الدولي فإن الديون الخارجية المستحقة في الأمد القصير، وهو ما يعني أنها تستحق السداد في الأشهر الاثني عشر المقبلة، بلغ 9.1 مليار دولار في نهاية العام الماضي".

وتقدر كابيتال إيكونوميكس وصول إجمالي المتطلبات المالية الخارجية لمصر التي تشمل العجز في ميزان المعاملات الجارية والديون الخارجية التي أوشك موعد استحقاقها إلى ما يعادل نحو 25 مليار دولار أو نحو 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المقبلة.

وأشارت إلى أنه بينما تستطيع معظم الدول تمويل العجز الكبير في موازين معاملاتها الجارية وخدمة ديونها الخارجية عن طريق جذب تدفقات رأسمالية من القطاع الخاص بالخارج إلا أن القلاقل السياسية والعملة المقومة بأعلى من قيمتها حتى بعد خفض مارس يجعل مصر "وجهة غير جذابة للمستثمرين الأجانب".

وقالت كابيتال إيكونوميكس، إن تدفقات الاستثمارات المباشرة واستثمارات المحافظ انخفضت لما يقارب 1 إلى 2 % من الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات الخمس الأخيرة.

 وقالت المؤسسة "بفرض استقرار تدفقات الاستثمارات الأجنبية والمباشرة نتوقع أن تواجه مصر نقصاً في العملة الأجنبية يقارب 20 مليار دولار على مدى السنة المقبلة".

 خيارات محدودة

تقول كابيتال إيكونوميكس، إن السلطات أمامها خياران لسد العجز والاستمرار في إحكام سيطرتها على الجنيه.

أحد هذه الخيارات يتمثل في السحب من احتياطي النقد الأجنبي، لكن الاحتياطيات استنزفت بالفعل على مدى السنوات الخمس الأخيرة لتصل إلى أكثر قليلاً من 17 مليار دولار وهو ما يكفي بالكاد لتغطية واردات ثلاثة أشهر، وهو الحد الأدنى الآمن الذي يوصي به صندوق النقد الدولي مقارنة مع 36 ملياراً قبل انتفاضة 2011.

وأظهرت بيانات البنك المركزي المصري، يوم الإثنين، أن الاحتياطيات الأجنبية ارتفعت إلى 17.546 مليار دولار في نهاية يونيو مقارنة مع 17.521 مليار دولار في نهاية مايو. ويعني ذلك أن احتياطيات مصر من العملة الصعبة زادت نحو 25 مليون دولار في مايو.

أما البديل الثاني من وجهة نظر كابيتال إيكونوميكس، فهو أن تسعى الحكومة للحصول على تمويل من شركائها.

وكانت دول الخليج أول من لجأت إليه مصر في السنوات الأخيرة. وفي وقت سابق من العام الحالي أعلنت السعودية والإمارات العربية المتحدة أنهما ستقدمان تمويلات إضافية بقيمة 6.5 مليارات دولار.

وتعهدت الصين، أيضاً، بتقديم تمويل نقدي قدره مليار دولار للبنك المركزي في حين اتفقت مصر على بعض التمويلات الإضافية من البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية.

غير أن سخاء دول الخليج يتراجع على ما يبدو مع هبوط أسعار النفط الذي فرض ضغوطاً على المالية العامة لتلك الدول.

وأوضحت كابيتال إيكونوميكس، أن الخيار الثالث والأخير الذي يبقى أمام السلطات المصرية هو السعي للاتفاق على تمويل من صندوق النقد. وقالت "التمويل المباشر من الصندوق سيوفر للقاهرة دعماً مالياً مباشراً. علاوة على ذلك سيساهم الاتفاق في تحسين معنويات المستثمرين تجاه مصر.

"حقيقة أن تقديم هذه التمويلات سيكون مشروطاً بتلبية الحكومة لأهداف محددة تعني أنها ستكون مرتكزاً لإصلاحات اقتصادية. وقد يساعد هذا في جذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية الخاصة إلى البلاد ومن ثم وضع المركز الخارجي لمصر على أسس أكثر استدامة إلى جانب تحسين آفاق النمو الاقتصادي في الأمد المتوسط".

غير أن المؤسسة أشارت إلى أن أي اتفاق لن يخلو من تشديد السياسة المالية بما في ذلك خفض الدعم ورجحت أن يصر مسؤولو الصندوق على خفض الجنيه، لكنها تعتقد أن هذه العقبات لن يصعب تجاوزها مثلما كان الحال في السابق.

واختتمت كابيتال إيكونوميكس تقريرها بالقول "الاتفاق بين مصر وصندوق النقد الدولي يبدو أكثر احتمالاً من أي وقت في السنوات الخمس الأخيرة. هذا الاتفاق سيساهم في تحسين وضع ميزان المدفوعات المصري وتعزيز آفاق النمو في الأمد المتوسط، ولكن على حساب بعض المعاناة في الأجل القصير بسبب تشديد السياسة المالية ومزيد من الخفض للجنيه".

المساهمون