احتقان في غازي عنتاب والسلطات التركية ترحّل السوريين للمخيمات

18 اغسطس 2014
هوجمت بيوت السوريين وجرى تكسير محلات وسيارات(مصطفى أوزير/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

تقوم الحكومة التركية بترحيل المئات من اللاجئين السوريين من مدينة غازي عنتاب إلى مخيمات اللجوء القريبة من الحدود السورية، بعدما شهدت المدينة، على مدار الأيام الأربعة الماضية، احتجاجات وأعمال شغب في حيي دوز تبه، وياوز لار، وأحياء أخرى ضد وجود السوريين.

وجاءت الاحتجاجات على خلفية إقدام لاجئ سوري على قتل مواطن تركي، ما أسفر عن اندلاع اشتباكات عنيفة أدت أيضاً إلى مقتل خمسة سوريين، بينهم فتاة، وسقوط أكثر من 100 جريح يعالجون في مستشفى يشام، حسب ما صرح أحد السوريين المقيمين في ياوز لار، عمار خليل، لـ"العربي الجديد".

وبحسب الإعلام التركي، يجري ترحيل السوريين الذين يقيمون في الحدائق العامة والشوارع والذين يعيشون في ظروف معيشية سيئة وأصحاب المشاكل أو مَن عليهم قضايا جنائية، إلى مخيمي أورفا وماردين في جنوبي البلاد.

خلفية الأحداث

وكان أحد اللاجئين السوريين المقيمين في مدينة غازي عنتاب قد أقدم على قتل مواطن تركي يبلغ من العمر 60 عاماً بطعنات متكررة بالسكين.

وحسب ما نقل أحد السوريين في غازي عنتاب، لـ"العربي الجديد"، فإن "سبب إقدام الرجل السوري على قتل التركي هو قيام الأخير بابتزازه، وطلب يد ابنته للزواج ومن ثم التحرش بها"، في حين ذكرت قناة "Dha" التركية المقرّبة من الداعية التركي المعارض، فتح الله غولن، في تقرير لها، أن "الحادثة حصلت نتيجة الإيجار".

وأضافت القناة أن "صاحب المنزل، خضر جالار، طالب السوري بالخروج من منزله وتسليمه، إلا أن الحادث تطور ليقوم السوري بطعن صاحب المنزل في أماكن عدة من جسده ويلوذ بالفرار".

الأتراك يطردون السوريين

وشهد حيّا دوز تبه وياوز لار، في مدينة غازي عنتاب، احتجاجات على مقتل الرجل التركي جالار. ووفقاً لما وصفه الشاهد السوري، عمار خليل، لـ"العربي الجديد"، فإن "أتراكاً غاضبين منهم حملوا الهراوات وهجموا على بيوت السوريين لطردهم، وقاموا بتكسير محلات وسيارات السوريين".

وأضاف خليل أن "الشرطة التركية وصلت متأخرة، وكانت تمهل السوريين المعتدى عليهم نصف ساعة لترحيلهم في حافلات جلبوها معهم من دون أن يسمح لهم بنقل محتويات وأثاث منازلهم".

أما في المنطقة الصناعية، فقد نصب بعض الأتراك ما يشبه الحواجز، واعتدوا على عمال سوريين ما أدى لإصابة البعض منهم بجروح. وأوضح خليل أن "مدراء بعض المصانع يقومون بتوصيل عمالهم السوريين إلى منازلهم بسياراتهم الخاصة خوفاً عليهم".

وقال خليل إن "مستشفى يشام وثّق مقتل خمسة سوريين في حي دوز تبه، بينهم فتاة، وإصابة أكثر من 100 شخص"، مشيراً إلى أن "والي عنتاب المختص بشؤون السوريين زار الجرحى في المستشفى".

السلطات التركية تتصرف

وعقدت رئيسة بلدية غازي عنتاب، فاطمة شاهين، يوم الجمعة الماضي، مؤتمراً صحافياً، دانت فيه الحادثة، وقدمت العزاء لعائلة المغدور، وأشارت إلى "إلقاء القبض على القاتل وهو بحوزة السلطات التركية الآن".

وأعلنت عن جملة قرارات بدأت السلطات التركية بتنفيذها، ومنها "نقل كلّ السوريين الذين لا يملكون إقامة رسمية والقاطنين ضمن (الكراجات والأبنية المهجورة والحدائق داخل المدينة) إلى المخيمات".

ويقدّر عدد المرحّلين إلى المخيمات بسبعة آلاف سوري، بالإضافة إلى "إغلاق كلّ محلات عمل السّوريين الذين لا يستوفون الشّروط المطلوبة من الجهات المختصة والتي تسبب إزعاجاً لسكان المدينة، مع التأكيد على عدم التساهل مع السّوريين وأخطائهم في المدينة".

ونددت شاهين بتغطية وسائل الإعلام التي "ركزت على التوتر الذي حدث ولم تلقِ الضوء على الإجراءات التي اتخذتها السلطات في المدينة". وطالبت أهالي المدينة بـ"استمرار دعم ومحبة السوريين والتي أظهروها منذ بداية استقبالهم لهم في المدينة".

أين تقف الحكومة السورية المؤقتة؟

من جهتها، أصدرت الحكومة السورية المؤقتة، أمس السبت، بياناً دانت فيه التصرفات التي وصفتها بـ"غير المسؤولة" من قبل بعض اللاجئين السوريين في مدينة غازي عنتاب.

وناشدت الحكومة المؤقتة الشعب التركي وقيادته "أن لا يحمّلوا اللاجئين السوريين مسؤولية أخطاء بعض الأفراد المسيئين"، معبّرة عن "بالغ أسفها إزاء حالات الاحتكاك العنيف التي جرت أخيراً بين بعض اللاجئين السوريين والأتراك".

واعتبرت الحكومة أن الأحداث والاحتقان الحاصل بين الشعبين الضيف والمستضيف "يستغله النظام السوري الحاكم لتحريض شعوب الدول المضيفة ضدّ ثورة الشعب السوري"، داعية القيادة التركية أن "تهدّئ من روع مواطنيها، وأن تعمل على تخفيف حالة الاحتقان التي سببها بعض الأفراد المسيئين الذين لا يمثلون الشعب السوري".

المعارضة التركية تتّهم الحكومة

واستغلّ الحزب الشيوعي التركي الحادثة لشن هجوم على الحكومة التركية، إذ أصدر الحزب بياناً تحت عنوان: "العداء السوري التركي ليس الحل"، اتهم فيه الحكومة بأنها "داعمة للإرهاب" ولتنظيم الدولة الإسلامية، "داعش"، وطالب الشعبين السوري والتركي بالتوحّد.

المساهمون