اجتماعات ليبية فاشلة في القاهرة وحفتر يهدد بالحسم العسكري

15 فبراير 2017
حفتر رفض لقاء السراج أمس: سنلتقي بالميدان (فرانس برس)
+ الخط -
رغم مرور ساعات على صدور بيان الخارجية المصرية الذي أعلنت فيه نتائج يومين من المحادثات بشأن ليبيا، إلا أنّ كلاً من رئيس المجلس الرئاسي لحكومة "الوفاق الوطني" فايز السراج، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، لم يعلن موقفه الرسمي من صحة البنود المتفّق عليها.

وكشفت مصادر خاصة مقرّبة من المجلس الرئاسي، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، إنّ "السرّاج غادر القاهرة متوجّهاً إلى العاصمة الليبية طرابلس على عجل، بعد أن وصله رفض حفتر مقابلته بشكل مباشر".

وقالت المصادر، إنّ "الوفد المرافق للسراج، وصل أمس الثلاثاء، إلى مكان الاجتماع كما هو مقرّر ليتفاجأ بإعلان حفتر رفض اللقاء، مما حدا بالسراج التوجّه مباشرة إلى المطار ومغادرة العاصمة المصرية"، في إشارة لانزعاجه من فشل جهود القاهرة التي كانت وعدته بالعمل على تليين موقف حفتر.

لكنّ صحيفة مقرّبة من حفتر أوردت، اليوم الأربعاء، أنّ حفتر أرسل إلى السراج رسالة شفهية قال فيها "سنلتقي في الميدان والحسم العسكري هو الخيار"، معلناً رفضه المضيّ في المشاركة بأي مشاورات حول قواته.

وبعيداً عن هذه التسريبات، يبدو أنّ بيان خارجية الحكومة المصرية الذي صدر في وقت متأخر مساء الثلاثاء، يحمل في طياته الكثير من الرسائل الضمنية التي تؤشر إلى أنّ القاهرة لم تتخلّ عن حليفها حفتر، وأنّ مساعيها الأخيرة كانت من أجله.

ولعلّ النتيجة النهائية لمساعي القاهرة، كانت معلومة لدى مراقبين للشأن الليبي، بحسب مواكبتهم لمسار الأحداث في البلاد، وتوجّهات الأطراف خاصة تلك الموالية لحفتر، والذي رفض على مدى سنوات، أن يكون طرفاً مباشراً في أي لقاء، مدعّياً أن لا شأن له بالعمل السياسي.

وبحسب قراءة محللين لبيان الخارجية المصرية، فإنّ القاهرة سعت إلى "تجميد المشهد الليبي لصالح حفتر" عندما دعت في إحدى فقرات بيانها، إلى استمرار شاغلي المناصب السيادية في ليبيا بأعمالهم، إلى حين الوصول لانتخابات برلمانية في فبراير/ شباط العام 2018.

ويرى المحللون أنّ القاهرة، والتي استحوذت على قيادة المبادرة الثلاثية لدول الجوار الليبي (مصر تونس الجزائر) لم تحد عن مسارها المؤيد لحراك حفتر العسكري، إذ إنّها تعلم جيداً أنّ السراج يترأس مجلساً يتألف من أعضاء يمثلون كافة التوجّهات الليبية غير المتوافقة، ولا يسيطر على أكثر من قاعدة بوستة مقر حكمه في طرابلس، وبالتالي فإنّ أيّ نتائج يفرزها اللقاء مع حفتر، لن تكون ملزمة للأطراف المعارضة لدور الأخير، وعلى رأسها مصراته ذات الوزن العسكري والسياسي الأكبر والمؤثر في غرب البلاد.

ولم تقدم القاهرة على إرسال دعوة لممثلي أطراف في طرابلس ومصراته، إلا في وقت متأخر قبيل الاجتماع بين السراج وحفتر المقرر أمس، وبعد مضي 24 ساعة على وجود الرجلين في القاهرة.

وعبّرت دعوة القاهرة لثلاث شخصيات تمثّل المجلس الأعلى للدولة ومصراته في ليبيا، عن رسالة متوقعة من العاصمة المصرية، لجهة رفض وجود حفتر لوحده متحكّماً في منصب القائد العام للجيش، بحيث بدت الأطراف المعارضة لحفتر وكأنّها هي المعرقلة لجهودها.

كما انبنى بيان الخارجية المصرية، على عدد من المغالطات البعيدة عن الواقع، ومنها تكوين لجنة مؤلفة من ثلاثين عضواً نصفهم يمثل البرلمان، والنصف الآخر يمثلهم المجلس الأعلى للدولة، لتحديد المناصب السيادية التي سيبقى شاغلوها فيها حتى الوصول إلى مرحلة إطلاق انتخابات برلمانية مطلع العام المقبل، فالقاهرة تعلم أنّ مقترحها هذا غير قابل للتنفيذ، لا سيما وأن البرلمان لم يتمكّن منذ أكثر من عام، من عقد جلسة بنصاب قانوني، فضلاً عن فشله بالاجتماع منذ شهر لاختيار لجنته الجديدة الممثّلة له في جلسات الحوار السياسي، كما أنّ البرلمان لا يعترف بالمجلس الأعلى للدولة، ويعتبر أنّ قرار تشكيله غير قانوني، وأنّ من يشغله الآن "قافزون على السلطة" من أنصار التيار الإسلامي المعارض لمؤسسة الجيش التابعة له في طبرق.

ولعل نتائج اجتماعات القاهرة، سيكون لها تأثير على نتائج اللقاء الثلاثي الذي سيجمع قادة مصر والجزائر وتونس، خلال الأيام المقبلة في العاصمة التونسية، إذ إنّ القاهرة تعوّل على نتائج هذا اللقاء، للتأثير على الموقف الدولي، خصوصاً موقف الولايات المتحدة الأميركية الذي لم يتبلور بعد بشكل واضح بشأن الأزمة الليبية، بعيد تنصيب الرئيس الجديد دونالد ترامب، والذي من المقرر أن يلتقيه قريباً في واشنطن، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.


المساهمون