اتفاق إدلب يفاجئ واشنطن ولا يريحها

18 سبتمبر 2018
واشنطن لن تتدخل باتفاق إدلب(Getty)
+ الخط -
جاء اتفاق الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، لإعفاء إدلب السورية من هجوم عسكري وشيك، حصيلة تحرك تركي، تقاطع مع تهيّب روسي كان بحاجة إلى مخرج ولو مؤقت يعفيه من تداعيات وكلفة عملية عسكرية مفجعة. ومع أنه قد لا يكون سوى محاولة تركية اضطرارية لشراء الوقت ومناورة روسية لتوظيف فشل تطبيقه في تبرير مواجهة لاحقة، إلا أن ذلك لم يقلل من أهميته كخطوة لم يكن من المتوقع أن تأتي عن طريق طرفين كانت قضية إدلب مرشحة لزيادة التباعد بينهما وليس التوافق.

وقبل أقل من أسبوع كان الرئيس التركي يتحرك في كل اتجاه، ويطالب الغرب عبر مقالته في صحيفة "وول ستريت" الأميركية، "بوضع حد لرئيس النظام السوري بشار الأسد وحلفائه (موسكو وطهران) والعمل لمنع الهجوم على المحافظة". غير أن عودته لعقد صفقة مع من كان يهدد بضرب إدلب، فاجأ المراقبين الذين اختلفوا في قراءتها. فمنهم من يرى أن أردوغان نجح في تليين موقف بوتين من خلال تلويحه بالانكفاء عن موسكو بسبب قضية إدلب. ومنهم من يرجح أن الرئيس التركي عاد إلى بوتين ليقينه بأن المفتاح بيده وليس في واشنطن. في أي حال يبقى الاتفاق تحت الامتحان.


صيغة الاتفاق الضبابية والملتبسة تركت أسئلة كثيرة سواء حول بنوده المعلنة أو حول ما بقي منه طي الكتمان، وبما يطرح علامات استفهام بشأن إمكانية نقله إلى حيز التنفيذ. فالنصّ غير واضح بحيث بدا وكأنه حصل تحت ضغوطات مختلفة اقتضت الاكتفاء بالخطوط العريضة. ليس واضحاً كيف سيتم انسحاب المسلحين المتشددين ولا إلى أين وبضمانة من؟ كما أن المهلة الزمنية المحددة للتنفيذ أقل من شهر، قد لا تكون كافية لإخلاء المحافظة من عدة آلاف من المقاتلين ومعهم أسلحتهم الثقيلة، إلا إذا كان قد جرى التفاهم معهم على الخروج. لكن هذا الاحتمال لا يتطابق مع ما قاله أردوغان إن "تركيا وروسيا معاً ستبذلان الجهود لتنظيف المنطقة من العناصر الراديكالية". وبذلك تبقى مسألة "التنظيف" مبهمة أو تم استخدامها للتمويه.

مع ذلك، مالت الردود الأميركية الأولية نحو الترحيب الفاتر والحذِر، "فالاتفاق خطوة إلى الأمام وفي الاتجاه الصحيح"، كما يرى لاري كورب، الخبير في شؤون الدفاع في "المركز التقدمي الأميركي" للدراسات بواشنطن.

وقال كورب، لـ"العربي الجديد": "إنّ التشدد الأميركي الأخير بشأن إدلب ربما لعب دوره في ولادة هذا الاتفاق، لأن الروس قد تكون لديهم خشية من استخدام السلاح الكيميائي في المعركة وبما يفتح الباب للتدخل الأميركي".

هكذا كان أيضاً موقف الإدارة، وإن بدا أكثر تحفظاً، ففي رد مكتب المتحدثة الرسمية بوزارة الخارجية هيذر ناورت، على سؤال خطي طرحه "العربي الجديد" بشأن الاتفاق، قال مصدر دبلوماسي أميركي: "نحن لم تكن لنا علاقة بالموضوع".


وأضاف: "لكن الخطوات التي اتخذها الروس والأتراك لإحباط العمل العسكري مشجعة، ونأمل أن يستمر خفض العنف في تلك المنطقة، فالولايات المتحدة تدعم أية جهود جدّية للحيلولة دون عودة العنف"، مذكراً بأهمية "عودة اللاجئين إلى ديارهم" وبوجوب العمل لتحقيق "الحل السياسي، لأنه لا يوجد حل عسكري للأزمة السورية".

لا تقوى الإدارة على الوقوف ضد اتفاق من هذا النوع، لكن التنصل غير المباشر منه يعكس عدم الارتياح إلى تزخيم التقارب الروسي التركي الذي تستعجله موسكو التي تردد أنها تنوي تسليم أنقرة شبكة الدفاع الجوي أس – 400 في العام المقبل.