استمع إلى الملخص
- تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701 يتطلب خلو جنوب لبنان من الأسلحة باستثناء الجيش اللبناني، لكن موافقة حزب الله ضرورية نظرًا لنفوذه، مما يضع الجيش في موقف حساس.
- تأخيرات في المساعدات الدولية للجيش بسبب الخلافات السياسية، مع الحاجة إلى دعم مالي وتفاهمات داخلية لتحديد دور حزب الله.
من المرجح أن يكون الجيش مطالَباً بنشر آلاف الجنود في الجنوب
أي اقتحام للجيش للمنازل بحثاً عن أسلحة حزب الله كفيل بإشعال حرب
الأميركيون سعوا لوقف تمويل الجيش لحين الاتفاق على وقف إطلاق نار
نقلت "رويترز" عن سبعة مصادر قولها إن تكثيف الجهود للتوصل إلى هدنة في لبنان سلّط الضوء على دور الجيش اللبناني الذي من المفترض أن يحمل على عاتقه مهمة ضمان خلوّ جنوب لبنان من أسلحة حزب الله، زاعمة أنه "غير مستعد ولا قادر" على مواجهة حزب الله. وتحدّث دبلوماسيون للوكالة، دون أن تكشف عن هويتهم، عما يمكن وصفه بضغوط أميركية لوضع حزب الله بمواجهة الجيش اللبناني.
وبينما من المرجّح أن يكون الجيش مطالَباً بنشر آلاف الجنود في الجنوب بعد أي اتفاق لوقف إطلاق النار، فإن ذلك سيحتاج إلى موافقة من حزب الله، وسيتجنّب الجيش أي مواجهات قد تؤدي إلى صراع داخلي، حسبما قالت المصادر التي تضم ثلاثة أشخاص مقربين من الجيش وأربعة دبلوماسيين، بما في ذلك من دول مانحة.
وقال العميد اللبناني المتقاعد حسن جوني إن "الجيش اللبناني في موقف حسّاس وصعب. لا يستطيع أن يمارس المهام العادية مثل جيوش الدول الأخرى لأن هناك قوة عسكرية أخرى في البلاد"، في إشارة إلى حزب الله الذي يتمتع بوضع عسكري شبه رسمي باعتباره قوة مقاومة.
وقال مسؤول لبناني كبير لـ"رويترز" إن الحكومة وحزب الله وافقا هذا الأسبوع على اقتراح هدنة أميركي، لكنه نبه إلى أن لبنان لا يزال لديه "تعليقات" على المسودة. وموافقة حزب الله ضرورية لتنفيذ أي وقف لإطلاق النار، نظراً لترسانته ونفوذه في الدولة اللبنانية. وقال مسؤول ثانٍ إن كيفية نشر الجيش في الجنوب بشكل محدد لا تزال قيد المناقشة.
وقال دبلوماسيان غربيان وأحد المصادر المقربة من الجيش إن الولايات المتحدة حريصة على رؤية الجيش يواجه حزب الله مباشرة بشكل أكبر، وعبّرت عن هذا الرأي للمسؤولين اللبنانيين. لكن المصادر قالت إن القوة العسكرية لحزب الله والتمثيل الذي يتمتع به في مجلس الوزراء والبرلمان ونسبة المسلمين الشيعة بين قوات الجيش تعني أن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تؤدي إلى صراع داخلي.
وقال أحد الدبلوماسيين إن أي مشاهد "لاقتحام الجيش للمنازل بحثاً عن أسلحة حزب الله" كفيل بأن يشعل حرباً أهلية، وأضاف أن الجيش يمكنه بدلاً من ذلك أن يعمل جنبا ًإلى جنب مع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة للقيام بدوريات في الجنوب دون أن يخوض أي مواجهة مباشرة مع حزب الله. ولم يرد الجيش أو حزب الله أو جيش الاحتلال الإسرائيلي على أسئلة تتعلّق بهذه التغطية.
وخلال الأسبوع الماضي، قال مسؤول العلاقات الإعلامية بحزب الله محمد عفيف للصحافيين في مؤتمر صحافي إن علاقة حزب الله بالجيش لا تزال "متينة". وأضاف، موجّهاً حديثه لمن قال إنهم يحاولون دفع الجيش لمواجهة حزب الله، أنهم لن يستطيعوا "فك الارتباط بين الجيش والمقاومة". واغتيل عفيف في غارة إسرائيلية على بيروت يوم الأحد.
وامتنع البيت الأبيض كذلك عن الإدلاء بتعليق لإضافته بهذه القصة. ورداً على سؤال من "رويترز" عن دور الجيش اللبناني، قالت وزارة الخارجية الأميركية إنها لا تستطيع التعليق على "مفاوضات سرية جارية".
ويتفق المسؤولون اللبنانيون والإسرائيليون والأميركيون على أن حجر الزاوية للهدنة الدائمة يكمن في تنفيذ بطريقة أفضل لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الذي أنهى الجولة السابقة من الصراع بين حزب الله وإسرائيل في عام 2006. وينص القرار 1701 على خلوّ جنوب لبنان من الأسلحة فيما عدا أسلحة الجيش اللبناني، وعلى نشر ما يصل إلى 15 ألف جندي لبناني في الجنوب.
"الجيش اللبناني الضامن للسلم الداخلي"
قال دبلوماسيون ومصدر مطلع إن الغبار تراكم على أبراج مراقبة تبرعت بها بريطانيا للجيش لإقامتها في الجنوب، وهي موجودة في مستودع بالقرب من بيروت منذ شهور تنتظر التوصل إلى هدنة، في وقت يتفاوض فيه دبلوماسيون على طريقة لنصبها بما لا يُثير غضب إسرائيل أو حزب الله. وتسلط أزمة أبراج المراقبة الضوء على بعض التحديات التي سيواجهها الجيش مع أي انتشار للقوات على الحدود الجنوبية.
وردّاً على أسئلة حول دور الجيش في لبنان، قالت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الذي يتولى منصبه في يناير/ كانون الثاني المقبل، إن ترامب بمجرد عودته إلى البيت الأبيض سيعمل على استعادة "السلام بدعم من القوة في أنحاء العالم".
وتأسس الجيش اللبناني عام 1945 وتنقسم قواته بالتساوي تقريباً بين المسلمين السنة والمسلمين الشيعة والمسيحيين، وهذا يجعله رمزاً راسخاً للوحدة الوطنية. وقال مصدر أمني لبناني ومصدران مطلعان على تفكير الجيش إن الجيش الذي يتألف من نحو 40 ألف جندي يعتبر نفسه في المقام الأول الضامن للسلم الداخلي، خاصة مع تزايد التوترات نتيجة نزوح مئات الآلاف من الشيعة إلى مناطق ذات أغلبيات مسيحية وسنية ودرزية في الحرب الحالية.
وخاض الجيش أيضاً حرباً ضد جماعات سنّية متشددة في المخيمات الفلسطينية في عام 2007 وعلى طول الحدود اللبنانية مع سورية في عام 2017. وانقسم الجيش على أسس طائفية في عام 1976، في السنوات الأولى من الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 15 عاماً، ما أدى إلى وقوع لبنان في قبضة حكم المليشيات، وهو ما انتهى في 1990 بتخلي الجماعات المسلحة عن أسلحتها، باستثناء حزب الله.
تأخر المساعدات
قال ثلاثة دبلوماسيين آخرين إن بعض المساعدات الدولية للجيش جرى تعليقها بالفعل. وتعهّدت قوى عالمية في باريس الشهر الماضي بتقديم 200 مليون دولار للجيش من المتوقع أن تُخصص لتجنيد قوات جديدة، لكن ظهرت خلافات.
وقال دبلوماسي أوروبي ودبلوماسي كبير في الأمم المتحدة لـ"رويترز" إن المسؤولين الأميركيين سعوا إلى وقف التمويل إلى حين الاتفاق على وقف إطلاق النار للضغط على لبنان لتقديم تنازلات، في حين يقول لبنان إنه يحتاج إلى التجنيد أولاً حتى يتمكّن من تنفيذ وقف إطلاق النار.
ونفى مسؤول أميركي استخدام واشنطن المساعدات وسيلة للضغط. وقالت وزارة الخارجية إن واشنطن ملتزمة بدعم الدولة اللبنانية ومؤسساتها السيادية. وأحجم البيت الأبيض عن التعليق. وأوقف المشرعون الأميركيون في 2010 لفترة وجيزة تمويل الجيش اللبناني بعد اشتباكات بين الجيش اللبناني وجيش الاحتلال الإسرائيلي. وفي أواخر سبتمبر/ أيلول الفائت، قدم أحد النواب الجمهوريين في الكونغرس الأميركي مشروع قانون يهدف إلى وقف كل المساعدات المالية، بما في ذلك الرواتب، للجيش حتى تحظر الدولة اللبنانية العمل السياسي لجماعة حزب الله. ومنحت البيانات الوزارية منذ 2008 حزب الله الشرعية ككيان مقاومة مسلح في البلاد إلى جانب الجيش، دون تفصيل واضح للقيود المفروضة على دوره. وقال العميد المتقاعد حسن جوني "الوضع يحتاج إلى تفاهمات سياسية داخلية لتحديد دور حزب الله في المجال الأمني والعسكري في لبنان".
(رويترز)