كشف استطلاع للرأي في تونس، أُنجز بمناسبة اليوم العالمي للابتسامة، الأسبوع الماضي، أنّ سكّان العاصمة تونس والقصرين هم الأقلّ ابتساماً من بين التونسيين. فيما احتل سكان محافظة جندوبة المرتبة الأولى في الابتسام في ذلك اليوم، بنسبة 90 في المائة، يليهم سكّان ولاية قفصة بنسبة 88 في المائة ثمّ المهديّة فسوسة. ولفتت الدراسة إلى أنّ الشريحة العمريّة الأكثر ابتساماً هي التي تتراوح أعمارها بين 15 و24 عاماً بنسبة 76.2 في المائة، والأقلّ من تتجاوز أعمارهم 65 عاماً بنسبة 60.8 في المائة.
وعلى الرغم من أن الأرقام لا يمكن أن تكون مقياساً حقيقياً يعكس الوضعية النفسية لهذه المناطق ومزاجها العام، فإنها كشفت أن الشباب في تونس يبتسم أكثر من شيوخه، ولعله يعكس أيضاً، أو يلمّح على الأقل، إلى أن شباب تونس الذي أنجز ثورة بلا زعماء ولا أحزاب، يسخر من طبقة سياسية هرمة، ويستبشر بالمستقبل أكثر من شيوخه، ولا يزال يرى أن في أيامه المقبلة إمكانية متاحة لتحقيق بعض أحلامه، على الرغم من كل القنوط واليأس الذي تروِّج له الأرقام، وكل مشاكل النخبة التونسية التي تكرر خطاب الفشل منذ سنوات، على الرغم من أن هذا البلد أنجز أكبر مهامه، الحرية.
ولعل بعض الأحزاب، غير المصابة بداء الصمم، تنصت لهذه الأصوات، وتتلقى بعض رسائل هذا الشباب، الذي لم يشارك بكثافة في الانتخابات الماضية، ما عكس رفضاً لذلك المناخ السياسي وطروحاته. ولكنه رفضَ في المقابل أن يستقيل من الشأن العام، بدليل نشاطه الكبير في الحركات الاحتجاجية من ناحية، وفي النشاط المدني الاجتماعي المكثف من ناحية أخرى، وهو ما يدل على أنه لا يزال معنياً بقوة، بثورته التي أنجزها، على الرغم من كل إحباطاتها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. ويدرك بحماسة الشباب الكامنة فيه، وبصيرة الآمل في المستقبل، أنها أقواس ظرفية يمكنه أن يتجاوزها، إذا ما انسحب جيل من إدارة الشأن العام، ولو نسبياً، أو إذا سمح له على الأقل بالمشاركة في صنع قرار بلادٍ، حرّرها من قيودها وفتح أمامها أبواب أمل جديد، وأتاح أمامها فرصة جديدة للسعادة، ولذلك ربما، يبتسم هو بينما يكشّر الآخرون.