إيران والإعلان عن قتلاها بسورية: تنافس مع الروس؟

07 نوفمبر 2015
همداني من أبرز القتلى الإيرانيين في سورية(عطا كناري/فرانس برس)
+ الخط -


منذ أن توالت التسريبات عن تواجد عسكري روسي في سورية، ومن ثم إعلان روسيا بدء ضرباتها العسكرية الجوية والتي طالت في معظمها مواقع المعارضة السورية، أخذت إيران لأول مرة منذ دخولها الحرب السورية إلى جانب النظام، بالإعلان عن أسماء قتلاها، الذين كان جلّهم من الضباط في الحرس الثوري الإيراني، على رأسهم مستشار قائد الحرس الثوري الإيراني حسين همداني.

كما نقلت مواقع مقرّبة من "حزب الله" اللبناني أنباءً عن مقتل نحو 32 عسكرياً للحزب في سورية خلال الشهر المنصرم فقط، وهم من الضباط والمستشارين العسكريين لقوات النظام السوري.

ويبدو أن خروج إيران عن تكتمها على قتلاها في سورية واستبداله بالترويج لكل من يُقتل من قواتها ومستشاريها وضباطها، ومحاولة القول للجميع إن إيران تدفع ثمناً بشرياً كبيراً في سورية بالإضافة إلى الثمن المادي الذي دفعته في سبيل المحافظة على نظام بشار الأسد، ما هو إلا دليل على استشعار الإيرانيين بالخطر الروسي على المصالح الاستراتيجية الإيرانية في سورية، ودليل على اختلاف المصالح بين الطرفين، خصوصاً بعد ظهور تضارب بين التصريحات الروسية والإيرانية في الفترة الأخيرة، ومنها تشكيك القائد العام للحرس الثوري الإيراني، الجنرال محمد علي جعفري، في موقف موسكو تجاه مستقبل الأسد، متهماً روسيا، التي وصفها بـ"الرفيق الشمالي"، بالبحث عن مصالحها في سورية، إذ قال "صديقنا الشمالي الذي حضر إلى سورية الآن، ويقدم مساعدات عسكرية، يلاحق مصالحه ومنافعه الشخصية بلا شك، ومن المحتمل ألا يكون مثلنا مصرّاً على بقاء الأسد".

ومن نقاط الخلاف بين الإيرانيين والروس حول سورية، أن الإيرانيين لا يزالون يرون في الأسد ضمانة لمصالحهم في سورية، بينما الروس على الرغم من تمسكهم به إلا أن وجوده من عدمه ليس هدفاً لهم بقدر ما يهدفون لعدم تغيير شكل النظام، وتطعيمه بشخصيات لها ولاء روسي يستطيعون من خلالها تأمين مصالحهم.

كما أن الروس غير مرتاحين لوجود "حزب الله" في سورية، ويسعون لتحجيم دوره فيها، فيما إيران تعتمد عليه بشكل رئيسي في تحقيق مصالحها.

اقرأ أيضاً: فاتورة التدخل الإيراني في سورية ترتفع وجنرالاتها يتساقطون تباعا

ويبدو أن إيران قد بدأت بالفعل باستشعار الخطر الروسي على مصالحها، بعد استقدام روسيا لقوات برية، وبنائها قواعد عسكرية جوية، ومنصات دفاع جوي، واستقدام قطع حربية بحرية للساحل السوري، الأمر الذي أفقد طهران الكثير من قدرتها على التحكّم بالنظام، وبالتالي كان لا بد لها من مجاراة هذا التدخّل الروسي بزجّ عدد أكبر من قواتها في المعارك إلى جانب النظام من أجل المحافظة على سطوتها عليه، الأمر الذي يبدو أنه أدى أيضاً إلى ارتفاع عدد قتلاها.

كما يبدو أن إيران قررت الإعلان عن قتلاها وقتلى أذرعها في سورية (حزب الله والمليشيات العراقية) من أجل تعزيز سطوتها على النظام وتذكيره بأن إيران دفعت دماً إلى جانب الثمن المادي في سبيل الدفاع عنه، وخصوصاً بعد حملات التهليل والتأييد للتدخل الروسي من قبل النظام وجمهوره.

ويلفت مراقبون إلى أن هذا الإعلان لم يكن يجري في السابق على الرغم من أن تدخّل إيران إلى جانب النظام السوري بدأ منذ العام 2012، ولقي عدد من العسكريين الإيرانيين حتفهم في سورية وسط تكتم من الجانب الإيراني على ذلك، وتم ربط ذلك أيضاً بمحادثات فيينا التي ضمت 17 دولة من بينها إيران بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

ويقول عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري المعارض بدر جاموس، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن إيران تسعى لتثبيت موقعها في سورية عبر سياسة ممنهجة من خلال الإعلان عن أسماء قتلاها بشكل يومي، وخصوصاً بعد التدخل العسكري الروسي المباشر وإشراكها في المفاوضات والحصول على مكاسب سياسية تضمن إكمال مشاريعها التوسعية في المنطقة.

ويرى جاموس أن إيران تخشى من تصدير روسيا نفسها للعالم على أنها هي الوحيدة القادرة على الضغط على النظام السوري، مشيراً إلى أن التنافس على النفوذ في سورية بين روسيا وإيران ما زال في بدايته، ولكنه سيتطور بعد فترة من الزمن، لافتاً إلى أن إيران لا تزال هي الأقوى على الأرض لوجود قوات برية لها في سورية منتشرة في كافة الجبهات منذ العام 2012، وهو ما أعطاها الخبرة، إضافة إلى تحكّمها بالمليشيات الطائفية الموجودة أيضاً وعلى الأخص في العاصمة دمشق، مركز الثقل.

اقرأ أيضاً: قتلى إيران في سورية: قادة عسكريون ومقاتلون أفغان

المساهمون