إيران ظريف أم سليماني؟

12 نوفمبر 2016
زيارات سليماني أكبر وقعاً من الجولات البروتوكولية لظريف (Getty)
+ الخط -
تترجم إيران المقولة العربية "لكل مقام مقال" بحرفيتها في ممارسة السياسية الخارجية مع الدول المحيطة بها. ويبرز في هذا المقام وجهان إيرانيان يكادان يُمثلان معاً السياسية الخارجية الإقليمية لدولة تصدير الثورة. الأول وجه وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، والثاني وجه قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، قاسم سليماني. وقد وُفّق الإيرانيون إلى حد كبير في اختيار وزير الخارجية، حتى إن اسم عائلته "ظريف". وعلى ما يظهر عليه، فإن صفات الظُرف ليست من ضمن مقتضيات مهمته الدبلوماسية فحسب، بل من خصاله الذاتية التي يُحاول تجميل صورة نظام إيران بها. وقد حوّل الوزير من ابتسامته التي وزعها خلال المفاوضات النووية في مدينة جنيف إلى جزء لا يتجزأ من الحدث. كما يحمل ظريف في مؤتمراته الصحافية الكثير من الود الإيراني لدول الجوار، ولا تخلو تصريحاته من التشديد على احترام سيادة واستقلال الدول.

وضع ينفيه تماماً وجه إيران الثاني، أو الأول، قاسم سليماني، والذي يظهر في مؤتمرات عسكرية صامتة في العراق وسورية ولبنان. ونجحت الدعاية الإيرانية في تحويل سليماني إلى شبح بلا وجه طوال عقود طويلة، قبل أن تتبدل الغايات الإيرانية ويصبح للشبح وجه بملامح قاسية وبنية عسكرية رشيقة. ولا تُقلل الصور المنشورة للقائد العسكري الإيراني، بمظاهر متواضعة، من حجم المهمات العسكرية التي ينجزها باسم الجمهورية الإسلامية في البلدان التي يطأها ويكون فيها على خطوط الجبهات. يقود سليماني المعارك العسكرية التي تشنها إيران بواسطة حلفائها السوريين والعراقيين واللبنانيين بشكل مباشر، وتسمو تعليماته التي ينقلها بالعربية والفارسية على تعليمات كل القادة العسكريين في تلك البلاد. اللهم إلا التعليمات الروسية التي تأتي من أعلى. ومن الجو تحديداً.

يبقى أن أفعال سليماني أبلغ وأفصح من نوايا الانفتاح الإيرانية التي ينقلها المترجم الأمين عن ظريف في مؤتمراته الصحافية. وتبقى الزيارات غير المُعلنة للجنرال الإيراني أكبر وقعاً من الزيارات البروتوكولية التي يبدأها ظريف وينهيها ضمن مواعيد وأجندات مُعلنة. فأي إيران يجب أن نُصدّق؟

المساهمون