إيبولا يربك العالم.. تفشي الوباء مستمر

02 أكتوبر 2014
إجراءات مشددة لدفن الجثث المصابة (GETTY)
+ الخط -

قال مسؤولو صحة في ولاية تكساس الأمريكية إن حوالى 80 شخصاً وضعوا تحت المراقبة، تحسباً لظهور أعراض من فيروس إيبولا عليهم، وهم أشخاص كانوا على اتصال بالرجل المصاب بالفيروس والمقربين منهم.

وقالت إريكا نيرويس، المتحدثة باسم خدمات الصحة في مقاطعة دالاس، اليوم الخميس، إن حوالى 80 شخصاً أصبحوا الآن جزءاً من "تحقيق بشأن من اتصلوا بهم".

وأضافت أن من هم تحت المراقبة، 12 إلى 18 شخصاً كانوا على اتصال مباشر بتوماس إريك دانكان، فضلاً عن آخرين كان هؤلاء الناس على اتصال بهم. وأشارت إلى أن لا أحد ممن هم تحت المراقبة أظهر أعراضاً للإصابة بالفيروس حتى الآن.

ويركز مسؤولو الصحة على احتواء الفيروس في محاولة لمنعه من الانتشار وإصابة آخرين إلى جانب دانكان، الذي سافر مؤخراً من ليبيريا إلى دالاس.

وفي ليبيريا وعلى بعد خمسة عشر كيلومتراً من العاصمة مونروفيا، تتوقف الشاحنة المحملة بالجثث، أمام مبنىً اسودَّت جدرانه العالية في وسط الريف. فمنذ بضعة أسابيع وبسبب وباء إيبولا، يُنقل المتوفَّون في العاصمة إلى هذه المحرقة. ويفتح شاب يضع على وجهه قناعاً من الورق باباً معدنياً مزدوجاً، فتدخل الشاحنة باحة كبيرة وتلتف حول كومة من الحطب. وتحت سقف من الصفيح المسنود على أعمدة إسمنتية، لا يزال الدخان يتصاعد من كومة من الرماد يبلغ ارتفاعها المترين، ويظهر من خلالها ما يشبه العظام.

وسواء ماتوا بهذه الحمى النزفية أو بمرض آخر، "نحرقهم جميعاً"، هذه هي تعليمات وزارة الصحة"، كما يقول فيكتور لاسكن، المتحدث باسم الصليب الأحمر الذي يأخذ على عاتقه مهمة جمع الجثث في العاصمة.

لدى حصول الوفاة، تصبح الجثة شديدة العدوى، كما تقول لورانس سايلي، منسقة الطوارىء في منظمة أطباء بلا حدود التي تتصدى لهذا الوباء. "عندئذ تصبح الجثة بيئة ملائمة لتكاثر وباء إيبولا بسبب انهيار نظام المناعة. لا نعرف كم من الوقت تبقى الجثث مصدراً للعدوى. لذلك من الضروري حرقها في أسرع وقت، أو دفنها على عمق مترين. وقد اتخذ القرار هنا بحرقها لأن طبقة المياه الجوفية عالية جداً".

وفي يوليو/ تموز، دُفنت بعض الجثث في مناطق مستنقعية، ثم ما لبثت أن عادت إلى سطح الأرض". لكن لورانس سايلي لاحظت أنه حتى مع تفشي الوباء في ليبيريا، التي سجل فيها نصف حالات الوفاة التي زادت على ثلاثة آلاف في غرب أفريقيا، وحتى ولو توقعت المنظمات غير الحكومية، مثل المنظمة العالمية للصحة، وفاة الآلاف، لا بل عشرات الآلاف في الأشهر المقبلة، "ما زال الناس غير قادرين على تقبّل حرق الجثث".

وأقر وزير الصناعة والتجارة الليبيري، أليكس أدي، "من الصعب أن تطلب من الناس ألا يكرّموا ذويهم ويقوموا بدفنهم وفق التقاليد" التي وصفها بأنها "طريق سريع" لتفشي الوباء. ويعرقل هذا كثيراً عمل جامعي الجثث. وقال رئيس إحدى الفرق، أليكس ويا، الذي كان يرتدي بزة عازلة قبل أن يذهب لجمع الجثث من حي مامبا بوينت في وسط مونروفيا، "ثمة كثير من الاحتجاجات، وتبدي العائلات مقاومة شديدة".

وأوضح جونسون شيا، العضو في "الوحدة الخاصة لدرء إيبولا" في الحي، "يتخذ الناس موقفاً عدائياً في بعض الأحيان. فهم خائفون ولا يثقون بالحكومة أحياناً". وأضاف أليكس "نتحدث معهم لطمأنتهم، عندئد يدرك الناس أنه من الضروري جمع الجثث".

ويبدو أن الرجل الذي يبلغ الثانية والثلاثين من العمر لم يفاجأ بمهنته الجديدة. "قبل الوباء كنت أعمل في إعداد الجثث للدفن" في جمعيات دفن الموتى.

ويقول زملاؤه، إن الراتب يسهل القبول بالرعب اليومي والمخاطر. فالألف دولار أميركي (788 يورو) شهرياً، تعتبر ثروة في ليبيريا.

ويعرقل موسم الأمطار مهمتهم كثيراً. وقال أليكس "تزداد المهمة صعوبة عندما تمطر. فالوباء (الذي ينتقل عبر السوائل) يتفشى بواسطة الماء". لذلك ينتظر الفريق توقف تساقط الأمطار. وبعد ساعة تتبدد الغيوم وتصفو الأجواء، عندئذ يستأنف جامعو الجثث الذين يرتدون بزات بيضاء عملهم.

وفي منزل صغير دهن سقفه باللون الأزرق، ترقد تيريزا جاكوبس (24 عاماً) التي أسلمت الروح. ويعمد جامعو الجثث إلى رش مبيدات في البيت وعلى الجثة التي يضعونها في كيس للجثث، ثم على حمالة ويخرجون. يضعون الكيس في شاحنة صغيرة ثم يبدأون عملية تبديل ملابسهم. فتغيير بزات الحماية يتطلب إجراءً محدداً لتجنب انتشار العدوى بصورة عرضية. وارتداؤها يحتاج إلى ربع ساعة وكذلك خلعها.

وتبدو هذه التدابير الوقائية غير مجدية في هذه الحالة. وقال جونسون شيا "لقد توفيت بسرطان الكبد. كانت مريضة منذ سنوات". وقد استغرقت عملية نقل هذه الجثة وحدها حوالى الساعتين، توجه بعدها موكب جامعي الجثث إلى مكان آخر لمتابعة مهمته الكئيبة التي لا تنتهي.

المساهمون