إنهاء خدمات "أونروا" كارثة

24 يوليو 2015

من مقرات "أونروا" في مخيم في فلسطين (أ.ف.ب)

+ الخط -
إذا لم تتوصل وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة "أونروا" مع الدول المانحة إلى اتفاق على تسديد العجز المالي الضخم للمنظمة الدولية الذي تجاوز مائة مليون دولار، وعلى تمويل أعمال المنظمة للسنوات المقبلة، فإننا لا نبالغ إذا قلنا إن انفجاراً سياسياً سيهزّ منطقة الشرق الأوسط نهاية الصيف الحالي، بعدما أبلغت "أونروا" اللاجئين الفلسطينيين أنها قد تتوقف عن العمل مطلع فصل الخريف، بسبب العجز المالي.
في أوائل فصل الصيف الحالي، رفضت الدول المانحة تسديد العجز المالي لـ "أونروا"، ورفضت التعهد باستمرار دعم البرامج المقبلة، ما اضطر المنظمة الدولية لوقف كثير من المساعدات الإنسانية للنازحين الفلسطينيين القادمين من سورية.
نقلت "أونروا" شكواها إلى اجتماع اللجنة الاستشارية الذي انعقد في عمّان في يونيو/حزيران الماضي، فسمعت الجواب نفسه "لا مساعدات بعد اليوم، نحن ندفع منذ 67 عاماً.. كفى".
لا تزال وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين تسعى إلى إيجاد حلول، وتنتظر أجوبة قبل شهر سبتمبر/أيلول المقبل، وإن استمر رفض تقديم المساعدات فإن اللاجئين الفلسطينيين سيكونون أمام كارثة حقيقية، ستنعكس آثارها على كل دول المنطقة. ذلك أن "أونروا" مسؤولة عن تقديم خدمات الرعاية والإغاثة لما يقارب سبعة ملايين لاجئ فلسطيني في لبنان وسورية والأردن والضفة الغربية وقطاع غزة (الأقاليم الخمسة).
ووقف التمويل يعني: إلغاء كل خدمات الرعاية الصحية لسبعة ملايين لاجئ، إلغاء التعليم، إغلاق 700 مدرسة، طرد نصف مليون طالب إلى الشارع، فصل حوالى 30000 موظف تدريجياً، التوقف عن جمع النفايات من المخيمات، وقف المنح الدراسية، وقف البرنامج الخاص بالمساعدات للأسر الفقيرة جداً، والتي يستفيد منها حوالى 300 ألف شخص.
هذا في الشق الإنساني. وفي الشق السياسي، فإن قرار الدول المانحة وقف تمويل "أونروا" يعني التخلي عن أهم وأخطر قضية في منطقة الشرق الأوسط، وهي قضية اللاجئين، وإسقاط حق عودتهم إلى ديارهم التي احتلت في العام 1948، وتجاهل مصيرهم، فلا يتم إعادتهم إلى ديارهم، ولا توجد خطة لدمجهم في مجتمعاتهم، ولا توجد اتفاقيات دولية تؤسس لتفاهم بين المجتمع الدولي والدول التي تستضيفهم على كيفية التعامل معهم في المرحلة المقبلة.
والأسوأ أن قرار وقف تمويل "أونروا" يأتي في وقت صعب للغاية، فالصراع في المنطقة يشتد وكيانات الدول مهددة، والحدود تتغير، والصراع الطائفي يزداد، ولا توجد بوادر حلول للقضية الفلسطينية، ولا لإقامة دولة فلسطينية، والاهتمام بالقضية الفلسطينية يتراجع على المستوى العربي الرسمي، وحكومات المنطقة مرهقة بسبب الانشغال بأزمة النازحين السوريين، والأزمة في المنطقة قد تطول سنوات.
وهذا ما يجعل من قرار وقف التمويل، في هذا الوقت، يثير عدة احتمالات، أهمها: التخلي فقط عن قضية اللاجئين، والتخلص من ملف أرهق الدول المانحة. دفع الفلسطينيين إلى الهجرة، بحيث ينقل ملفهم إلى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين UNCHR. القرار خطوة من أجل إدخال الفلسطينيين في صراعات المنطقة وحروبها. تذويب الفلسطينيين في المجتمعات التي يعيشون فيها، ونقل الأزمة إلى الحكومات المحلية التي يُترك لكل واحدة منها اتخاذ القرار المناسب.
والمفارقة أن كل هذا يجري في ظل صمت رسمي عربي، وتجاهل منظمة التحرير الفلسطينية، وعدم اكتراث شعبي فلسطيني. والمطلوب مؤتمر فلسطيني جامع، لأن الأزمة ستطال جميع الفلسطينيين، وإعداد خطوات للمواجهة، والتنسيق مع الدول المستضيفة، حتى لا تصبح الأزمة فلسطينية عربية.
يجب أن تستخدم كل الأساليب لإجبار الدول المانحة على العودة عن قرارها، وإلا فنحن أمام كارثة جديدة في المنطقة.

094EB68E-F674-4A07-817B-B8C3EE187B88
رأفت مرّة

مسؤول سياسي في حركة حماس