خصصّت يومية "إنفارماسيون" الدنماركية، عددها "نهاية الأسبوع"، الجمعة، للقضية السورية على كامل صفحاتها، حيث أعادت سرد القصة من حيث بدأت، وليس إلى حيث انتهت. وفي القسم الثقافي ألقت الضوء على واقع السوريين ودور المثقفين في الثورة، إلى جانب نصوص شعرية ونثرية لكتّاب سوريين شباب.
تعتبر صحيفة "إنفارماسيون" من أكثر الصحف الدنماركية رزانة في التعاطي العميق مع الشأن العربي، وقد كتبت رئيسة تحرير العدد لوتا فولك كارسلهولم، افتتاحية مطوّلة تعرض فيها أسباب اختيار "إنفارمسيون" كامل صفحاتها لأصوات سورية والثورة السورية.
في تغطيتها للجانب الثقافي، عرّجت الصحيفة على دور المثقفين السوريين من خلال حوارات مطوّلة مع الروائية سمر يزبك والشاعر أدونيس.
تناول أدونيس رؤيته لما يحدث في بلاده، وقال إن "سورية لعبت دائماً دوراً في تاريخ العالم، فمنها خرجت الأبجدية ومنها أبحر الفينيقيون. لكنها لم تشهد أبداً، في أحلك ظروفها مثل هذه البربرية التي تجد نفسها في منتصفها".
بدورها، وجّهت يزبك جملة انتقادات للمثقف السوري الذي اتخذ مواقف غربية تجاه السوريين، وخصّت بالتحديد "التركيز الدائم على داعش، وتغييب ماكينة عنف النظام"، ورأت أن المثقفين "خذلوا الشعب وفشلوا. قبل الثورة كانت الأصوات النقدية تعيش حياة هادئة، وانتقاداتها للنظام كانت بعبارات متلعثمة، وغير مفهومة، وغير مباشرة. لم تصل أصواتهم إلى الشارع، ولهذا هناك فجوة بين النخب والشارع".
تضمّن العدد نصوصاً وقصائد لشعراء وكتّاب شباب من بينهم الطبيبة والكاتبة الدنماركية من أصل سوري هيفاء عوض، والشعراء مصطفى إسماعيل وجان خرطو، كما ترجمت أستاذة اللغة العربية في جامعة كوبنهاغن، الدنماركية - السورية جُون ضاحي ثماني قصائد، منها أبيات مختارة للمتنبي يخاطب فيها سيف الدولة. من جهة أخرى، شاركت الكاتبة الدنماركية، لورا فريس فانغ، التي عاشت في سورية بنصٍ عن تاريخ حلب. فانغ ذهبت في عرضها لتاريخ ثقافي وحضاري لحلب من خلال حوارها ونقاشها مع بعض وجوه سورية شابة في مجال الأدب والثقافة والتنقيب لتقول: "سورية ليست ما نعرفه عنها من حروب فحسب، بل هي قوة ثقافية وحضارية كبرى، بلد تقاليد شعرية أعطت سكانها دائماً العيش وهم يحلمون... عرضنا هذا هو لإعادة سرد حكاية السوريين من أولها".
في العموم، فإن أهمية هذه الإطلالة لصحيفة غربية بتخصيص كامل عددها لأصوات السوريين على اختلاف توجهاتهم، من دون أن تغفل التغطية السياسية والإنسانية والثقافية لما سمته "(التروما) الصدمة السورية"، تكمن في أنها حاولت سرد الحكاية كاملة، ولم تنس لحظة البداية وأحلامها الكبيرة، ولم تتشبث بصور الرعب الداعشي كما هو متوقع من صحيفة غربية، لتقول إن هذا ما يهمّنا كبلدان تستقبل المهاجرين. لقد أعادت الصحيفة للحكاية بدايتها المنسية.