إمبراطورية الجيش المصري.. كيف توسّعت القدرات المالية بعد الانقلاب؟

02 سبتمبر 2015
اقتصاد الجيش المصري نما بشكل كبير بعهد السيسي(العربي الجديد)
+ الخط -
يشعر الشاب المصري الثلاثيني أحمد يسري، بالدهشة إزاء سرعة بناء القوات المسلحة المصرية لمجمع رياضي متكامل يضم ملاعب لكرة القدم، وفندقا ضخما، ومسجدا يحمل اسم المشير محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع السابق، على مساحة آلاف الأفدنة، في الفترة من يونيو/حزيران من العام 2013، إلى مارس/آذار من العام الجاري.

خلال تلك الفترة، توسعت الإمبراطورية الاقتصادية للقوات المسلحة المصرية، ومازالت تتوسع، ما دفع "العربي الجديد" إلى البحث عن إجابة لسؤال: كيف توسعت إمبراطورية الجيش المصري الاقتصادية، في أعقاب عزل الرئيس المُنتخب محمد مرسي؟ عبر رصد أدوات هذا التوسع، وطرقه المختلفة، بالإضافة إلى الكشف عن الكيفية التي حصد فيها الجيش المصري ثمار المعونات الخليجية.

اقرأ أيضا: صراع الجيش والداخلية في مصر.. المعركة على النفوذ

القروض المصرفية

تعد القروض المصرفية إحدى الوسائل التي اعتمدت عليها المؤسسة العسكرية المصرية، لتوسيع إمبراطوريتها الاقتصادية. يمكن رصد بداية الأمر، مع إعلان النتائج الرسمية لعملية التصويت في استفتاء دستور عام 2013، الذي أبقى على حصانة الجيش قانونياً وعدم إخضاع ميزانية القوات المسلحة لكافة الجهات الرقابية، إذ كشف البنك الأهلي المصري عن تقديمه قرضاً بقيمة 20 مليون دولار في يناير/كانون الثاني 2014 لفرع من شركة ثروة للبترول (سينو ثروة)، التي يمتلك الجيش حصة مباشرة فيها، لتمويل خططها الاستثمارية، حسب ما جاء في البيان الصادرعن البنك.
في إطار جمع معلومات حول كافة المشاريع الاستثمارية المدنية التي حصلت عليها القوات المسلحة، تم توثيق كافة الامتيازات التي حصلت عليها الشركة في الفترة التي تلت عزل مرسي، إذ وقعت في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 امتيازاً حصلت بموجبه على الحق في تطوير حقل النفط "طائر البحر" (إلى جانب شركة "تنمية" والمؤسسة المصرية العامة للبترول)، كما وقعت عقد استكشاف مع وزارة البترول في أكتوبر/تشرين الأول 2014.

حصول القوات المسلحة المصرية على قروض لتمويل مشاريعها المدنية، لم يقتصر على شركة ثروة للبترول، لكن يمكن رصده كذلك عبر بيان بنك القاهرة في شهر مايو/أيار الماضي، حول قرض مشترك بقيمة 565 مليون دولار، لتمويل الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، في عملية حفر تفريعة قناة السويس الجديدة.

يقول اللواء عادل سليمان، الخبير العسكري، لـ"العربي الجديد" إن: "موارد المؤسسة العسكرية، ومصادر دخلها، لا تمر عبر الخزينة العامة للدولة، مثل إيراداتها التي لا تخضع للأجهزة الرقابية، فيما تتمتع بامتيازات كبيرة في العطاءات والمناقصات والحصول على القروض".

المناقصات العامة

خلال فترة تولّي المستشار عدلي منصور إدارة المرحلة الانتقالية بعد عزل الرئيس مرسي، أصدر قانوناً في سبتمبر/أيلول 2013 لتعزيز سلطة المؤسسة العسكرية في الحصول على مناقصات المشاريع بالأمر المباشر، تضمّن المرسوم تعديلا للقانون الصادر في عام 1998 بشأن المناقصات والمزايدات العامة، بحيث يسمح للمسؤولين الحكوميين بتخطّي إجراءات المناقصة العامة في الحالات "العاجلة"، ورفع قيمة الخدمات أو الممتلكات التي يمكن للمسؤولين في الدولة شراؤها وبيعها بالأمر المباشر.

عبر استخدام هذا القانون، شهدت إمبراطورية الجيش الاقتصادية مزيدا من التوسع، إذ وقعت وزارة الدفاع، في أعقاب صدوره، اتفاقية مع وزارة النقل، في 23 أكتوبر/تشرين الأول من العام 2014 تنص على أن الشركة الوطنية لإنشاء وتطوير وإدارة الطرق، (إحدى شركات جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة) ستبني وتدير وتؤجّر طريقين لمدة تسعة وتسعين عاماً، والطريق الثالث لمدة خمسين سنة.

وتشير الاتفاقية المنشورة بالعدد 42 مكرر بالجريدة الرسمية، (اطلعت عليها "العربي الجديد")، إلى القرار الصادر عن مجلس الوزراء بشأن دفع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للحكومة، مبلغ 843 ألف دولار سنوياً. وقد أبرمت هذه الصفقات بعد صدور القانون المعدّل بشأن المناقصات.

تعلّق على هذه المسألة شانا مارشال، مديرة مساعدة لمعهد دراسات الشرق الأوسط، وباحثة عضو في كلية إليوت للشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن، قائلة في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد": "التعديلات جرى إصدارها لمنح هذه العقود التي حصلت عليها المؤسسة العسكرية شرعية قانونية، خصوصاً مع سهولة الشروط المتوفرة للطعن عليها من المنافسين في ظل غياب شروط المنافسة ومعايير الشفافية في هذه المناقصات".

وثقت "العربي الجديد" كذلك القيم المالية للعقود التي حصلت عليها الشركات التابعة للمؤسسة العسكرية دون إجراءات تنافسية مع بعض الوزارات من خلال استغلال هذا القانون لتوسيع استثماراتها، وذلك بمراجعة كافة القرارات الحكومية المنشورة في جريدة الوقائع المصرية بعد إصدار هذا القانون، إذ وقعت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة عقدا بقيمة 616 مليون دولار لبناء 27 جسراً ونفقاً، و288 مليون دولار لخطة استثمارات سيناء خلال العام المالي 2013-2014، 357 مليون جنيه لمشاريع الإسكان في العريش؛ لتدشين 132 مبنى، 22.3 مليون دولار لمشاريع الإسكان في رأس سدر؛ لتدشين 62 مبنى، و262 مليون دولار لتطوير 14 نفقاً في كافة أنحاء البلاد.
وفي 21 ديسمبر/كانون الأول 2013، خصصت وزارة التنمية المحلية مليارَي جنيه لمشاريع تنمية الأحياء الفقيرة، ستتولى هذا الأمر إحدى الشركات التابعة لجهاز الخدمات العامة الوطنية وفقًا لمذكرة تفاهم بين الطرفين تم توقيعها بعد صدور هذا القانون. وفي 28 نيسان/إبريل 2014 أسندت وزارة الصحة المصرية تطوير 31 مستشفى بعدد من المحافظات الحدودية والوجه القبلي والبحري، بتكلفة إجمالية مليار جنيه، لجهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، بعد توقيع بروتوكول تعاون بين الطرفين، كما حصلت شركة SEMAF، وهي فرع من الهيئة العربية للتصنيع التابعة للجيش، على حق تطوير السكك الحديد في مصر، وبناء مقطورات جديدة بقيمة 130 مليون دولار، تحصل عليه الشركة بموجب الاتفاق الموقع بين الجانبين.

ووفقاً للمادة 47 من قانون ضريبة الدخل لعام 2005، فإن أرباح المؤسسة العسكرية عن هذه المشاريع، معفاة من الضرائب ومتطلّبات الترخيص التجاري، كما أن واردات وزارة الدفاع ووزارة الدولة للإنتاج الحربي، معفاة كذلك من أي ضريبة، حسب ما تنص عليه المادة الأولى من قانون الإعفاءات الجمركية لعام 1986.

عمر عاشور، أستاذ الدراسات الأمنية بجامعة إكستر البريطانية، وزميل زائر بمركز بروكنغز للأبحاث، قال في تصريحات لـ"العربي الجديد" إن "إمبراطورية الجيش الاقتصادية تمثل ثقباً أسود في الاقتصاد المصري، إذ تستفيد من معاملات تفضيلية في الجمارك وأسعار صرف مخفضة للعملات الأجنبية بالإضافة إلى إعفاء ضريبي لهذه الشركات، التي تنافس في السوق المدني كما تستخدم حق مصادرة الأراضي من قبل القوات المسلحة، في إقامة مشاريع تجارية وسياحية دون الدفع في مقابلها للخزينة العامة للدولة".

ويضيف عاشور أن الضرر الأساسي من هذه المشاريع هو وجود اقتصاد موازٍ في حد ذاته يمثل "دولة داخل الدولة"، بجانب أن الهم الأكبر لقادة الجيش أصبح تحقيق أعلى قدر من الأرباح بعيدا عن المراقبة، وهو ما يجعل من هذه الإمبراطورية الاقتصادية سببا من أهم أسباب تمسكهم بالسلطة، واحتكارهم كافة المناصب المدنية من أجل تدعيم نفوذهم".



اقرأ أيضا: التجنيد الإجباري في مصر.. الخدمة في صالات الأفراح

المنح الخليجية

في الفترة من شهر يوليو/تموز 2013 وحتى نهاية 2014، حصلت مصر على مجموعة من المساعدات الخليجية قدّرها وزير الاستثمار أشرف سلمان، في مؤتمر بدبي انعقد في فبراير/شباط الماضي، بـ 23 مليار دولار، وكانت المؤسسة العسكرية صاحبة الحصة الأكبر في هذه المعونات خصوصاً من المنح الإماراتية، التي بلغت 4.63 مليارات دولار؛ تم إنفاقها على 54 مشروعًا، حسب الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي، وزيرة التنمية والتعاون الدولي بالإمارات، إذ أشارت الجريدة الرسمية في تشرين/ أكتوبر 2013، إلى توقيع الحكومة المصرية ودولة الإمارات العربية المتحدة اتفاقا لتقديم منحة، تموِّل بموجبها دولة الإمارات عدة مشروعات تنموية في مصر.

ويعهد الاتفاق إلى وزارة الدفاع على وجه التحديد بالإشراف على بناء وتنفيذ عدد من المشاريع الحيوية. وتبلغ قيمة المنحة عدة مليارات من الدولارات في شكل مساعدات اقتصادية وتنموية، ولم تنشر الجريدة الرسمية قيمة المنحة.

كذلك وقعت وزارة الدفاع والإسكان والتنمية المحلية اتفاقاً مع شركة إعمار مصر، وهي شركة تابعة لشركة إعمار العقارية في الإمارات، لبناء مشروع "إعمار سكوير"، كجزء من المشروع الإسكاني "أب تاون كايرو". وتتضمّن صفقة "إعمار سكوير" نقل معسكرات تابعة للجيش إلى أماكن جديدة وتطوير مستوى البنية التحتية في المنطقة.

كيف تحصل القوات المسلحة على المعونات الخليجية؟

يجيب عن هذا السؤال سيد العشري، رئيس الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي، الذي أوضح لـ"العربي الجديد" أن الدول الخليجية تضع المنح الخاصة بالمرافق تحت رقابة الهيئة الهندسية للقوات المسلحة على أن تقوم الأخيرة بتقديم هذه التمويلات إلى كل من الهيئة القومية والجهاز التنفيذي والمسؤولين عن طرح المشاريع على شركات المقاولات"، موضحاً أن كافة المشاريع في المرافق الصحية خلال العامين المنقضيين تم تنفيذها عن طريق هذه الآلية.

تفسر شانا مارشال هذا التوسع اللافت في مشاريع المؤسسة العسكرية بدفاع الجيش عن مكانته الاستثنائية وعن المصالح الجوهرية للمؤسسة العسكرية، ليؤكد في النهاية أنه الحَكَم الأخير في النظام الاقتصادي والسياسي في مصر.

تضيف مارشال أن القوات المسلحة المصرية كانت المُشرِف والمُراقِب الأول على الاقتصاد المصري خلال السنوات الماضية، مؤكدة أن إطاحة مرسي، مكنت القوات المسلحة المصرية من تحويل أموال الدولة إلى المشاريع التي لها فيها مصالح اقتصادية للحصول على أرباحها، وكذلك نشر مزيد من القادة العسكريين في أروقة النظام الاقتصادي والسياسي المصري.

وتؤكد مارشال أن قدرة الجيش على الاستحواذ على النصيب الأكبر من المشاريع الاقتصادية في مصر، تجعله شريكاً في كافة الاستثمارات الأجنبية، خصوصاً مع تمتعه بالعديد من المميزات مثل القدرة على استخدام المجنّدين كأيد عاملة رخيصة. كما أن أرباحه معفاة من الضرائب ومتطلّبات الترخيص التجاري.

اقرأ أيضا: مصر.."العربي الجديد" يكشف من هو والد قاضي "الرشوة الجنسية"

الجيش المستفيد الأول من مشروع القناة

مع تولّي عبدالفتاح السيسي إدارة شؤون البلاد، أعلن عن عدد من المشروعات القومية ضمن خطته التنموية، كان على رأس هذه القائمة "مشروع تفريعة قناة السويس الجديدة"، عبر تتبع وفحص التقارير الصادرة عن هيئة قناة السويس منذ بداية الإعلان عن المشروع في وسائل الإعلام، توصلت "العربي الجديد" إلى استنتاج موثق بالأرقام يكشف أن الشركات التابعة للجيش هي المسؤول الأول عن تمويل عقود البنى التحتية الأساسية لهذا المشروع، إذ أعلنت الهيئة العامة لقناة السويس أن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة هي المسؤولة عن حفر هذه القناة، والتي وصلت تكلفتها الإجمالية إلى 8.2 مليارات دولار.

ومن بين 14 تحالفاً تجارياً تقدم للفوز بمناقصة المشروع، وقع الاختيار على التحالف الاستشاري "دار الهندسة المصري السعودي" الذي يعد الجيش المصري شريكاً فيه من خلال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، لوضع مخطط مشروع تطوير ممر قناة السويس.

ويكشف أحد العاملين بشركة "المقاولون العرب" (أكبر الشركات الحكومية في مجال الإنشاء)، والتي كانت أحد المنافسين في المناقصة، أن المسألة كانت محسومة بشكل مُسبق لدار الهندسة شريك القوات المُسلحة في مصر. ويوثق ما قاله، بنسخة من عقد مشروع تنمية إقليم قناة السويس اطلع عليه كاتب التحقيق، ولم يذكر العقد ضمن بنوده هوية الطرف الثاني (تحالف دار الهندسة المصري السعودي)، أو بنود العقد والحقوق والواجبات الملزم بها، وهو ما دفع قسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة إلى تأجيل مراجعة عقد استشاريي محور القناة للمرة الثانية وذلك في آب/أغسطس من العام 2014، ما اضطر هيئة قناة السويس إلى تسجيل تحالف دار الهندسة طرفا ثانيا في العقد لتمريره.

تؤكد مارشال أن خطة توسيع الممر المائي كانت النقطة الرئيسية للصراع بين القوات المسلحة والرئيس السابق محمد مرسي، مؤكدة أنها كانت أحد الأسباب الرئيسية وراء انقلاب المؤسسة العسكرية على مرسي.

اقرأ أيضا: "عقيدة الصدمة".. عصا السيسي السحرية لتمرير قوانينه وقراراته

الاتصالات

من أجل المزيد من توسعة إمبراطورية الجيش الاقتصادية خلال العام الأول من ولاية السيسي، حصلت إحدى الجهات السيادية، كما ذكرت تقارير إخبارية، على حصة الشركة المصرية للاتصالات، في شركة فودافون، التي تبلغ نسبتها 45%، للحفاظ على حصة الدولة في الشركة إلى جانب دواعي الأمن القومي، كما ذكرت مصادر سيادية بحسب ما نشر وقتها.

يقول أحمد عزت، الباحث في مجال الحريات الرقمية، إن رغبة المؤسسة العسكرية في السيطرة على كافة شركات الاتصالات، تأتي لتمكين الأجهزة الأمنية من مراقبة الاتصالات، بما يتضمن إمكانية الاطلاع على المحتوى السري للمستخدمين، ومراسلاتهم السرية، وبياناتهم الشخصية، والاستحواذ على البيانات السرية، قائلا "قانون الاتصالات يشير في المادتين 2 و4 منه إلى اضطلاع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، بتنظيم خدمات الاتصالات وتشجيع الاستثمار في هذا القطاع مع "حماية الأمن القومي والمصالح العليا للدولة"، الأمر الذي يتيح اختراق خصوصيات المواطنين.



اقرأ أيضا: مقاطع مصورة تدين المعارضين في مصر..حتى لو ثبتت براءتهم

خارج الرقابة

في ظل غياب البرلمان، الجهة التشريعية المنوط بها إصدار القوانين، سعت المؤسسة العسكرية خلال الفترة الانتقالية، وما تلاها من انتخاب ممثلها في السلطة، لتدعيم سلطاتها على مقاليد الحكم، عبر إصدار مجموعة قوانين تضمن لها توسيع حدود إمبراطوريتها الاقتصادية، إذ وافقت الحكومة في نيسان/أبريل 2014، على القانون الذي يقيّد حق الأطراف الأخرى في الطعن على العقود التجارية والعقارية الموقّعة مع الدولة، وهي المسألة التي ترى شانا مارشال، أنها ستجعل المؤسسة العسكرية لاتخضع للقضاء، وتقلص الرقابة على كافة العقود التي حصلت عليها المؤسسة العسكرية بالأمر المباشر.
في ذات الإطار، تم إصدار قانون برقم 72 لسنة 2013 أضاف تعديلا هاما على قانون الموازنة العامة، إذ قال نص التعديل إن ما يدرج كاعتمادات إجمالية في الموازنة العامة لا يجوز أن يزيد على 5% من إجمالي الاعتمادات المدرجة لإنفاق الجهة بالموازنة العامة للدولة، مع استثناء وحيد وهو الموازنة العامة للقوات المُسلحة التي تدرج كرقم واحد، وهو ما يعيق معرفة الغرض من نفقات القوات المسلحة ويميز بين الجوانب المدنية والعسكرية فيها، على سبيل المثال تم إدراج تقديرات للدفاع والأمن القومي تحت باب المصروفات الأخرى في ميزانية 2014- 2015، بلغت قيمتها 6.43 مليارات دولار، حسب ما ورد في البيان المالي المنشور على موقع وزارة المالية المصرية، في صفحة 104.

كذلك أصدر المشير السيسي القرار رقم 68 لسنة 2015 والمنشور بالجريدة الرسمية، الذي ينص في المادة الأولى على "أن تعفى من الضريبة على العقارات المبنية وحدات القوات المُسلحة الموضحة بالكشوف المُرفقة بهذا القرار والتي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من هذا القرار، كما لا تخضع أي من هذه الوحدات لأعمال لجان الحصر والتقدير وفقاً لما تقتضيه اعتبارات شؤون الدفاع ومتطلبات الأمن القومي".

يساهم تعديل قانون القضاء العسكري، رقم 25 لسنة 1966، والصادر في عهد المجلس العسكري، في شهر مايو/أيار 2011 في جعل منظومة البزنس العسكري خارج إطار المحاسبة، إذ قصَر التعديل حق مساءلة الضباط المنتمين للقوات المسلحة على القضاء والنيابة العسكرية، وجعل ضباط القوات المسلحة لا يخضعون للمحاكمة أمام محاكم القضاء المدني، وجهاز الكسب غير المشروع في حال تورطهم في قضايا فساد مالي.

ويري روبرت سبرينغبورغ، الخبير الأميركي في الشؤون العسكرية المصرية، والأستاذ السابق لشؤون الأمن القومي في كلية الدراسات العلية البحرية أن "المصالح التجارية والاقتصادية هي الدافع الرئيسي لتوسيع المؤسسة العسكرية الاقتصادي، مرجعاً التراجع في الاحتراف المهني لدى القوات المسلحة المصرية وفاعلياتها العملياتية إلى هذا التحول الهام".

ويضيف سبرينغبورغ، أن المؤسسة العسكرية صارت على استعداد للتضحية بكل شيء في مقابل عدم المساس بتلك الإمبراطورية الضخمة، وتمثلت تلك التضحية بالاستحواذ على حصة أكبر في النظام السياسي تحمي بموجبها مكتسباتها الاقتصادية موضحا لـ"العربي الجديد": "جانب هام من هذه العوائد، ينفق على إدخال تحسينات على أوضاع القيادات الكبرى في الجيش، خاصة أنها لا تخضع للرقابة من أي جهة".

-------
اقرأ أيضا:
إعادة تموضع الإخوان (5/1)..أربع مراحل للتغيير ترسم المستقبل