إليكَ دمي

26 ابريل 2018
+ الخط -
(1)

هكذا يَصحو،
مُكتسياً عُشبَ النار
صَاعقةَ الدم.
يَتعثرُ التاريخُ بشهقتهِ
يَكونُ لظلِ الأشياءِ، ذَاكرة
وللشمسِ، شَهوة الغياب.
يَعبرُ بالأرقِ جُثّة السُؤال
يُطالع هجرةَ الروحِ،
في انفعالاتِ العدمْ.
يَتهجاهُ المصيرُ جُرحاً..
تَفتح في التعب.

(2)

ذلكَ لأنكَ تَطمئنُ إلى دَمي
أغترفْ أبديتكَ من هذا النَهر
تَشظى في حَدقةِ الشيطان
واعلُ بي نَجماً يَحرقُ،
مَفاصل الفراغ.
ستأتي كَرمادٍ يَتخبط
مُنهزماً في الريح.
وسَنأتي كنصلِ الضوء
في خاصرةِ السَحاب.
نَقتلعُ جُذور العَتمةِ من وطنٍ
يَتمزقُ على أعتابهِ الكَلام.
نرى إليهِ أولَ الصُراخ،
أولَ الانعتاق.

(3)

لِهذا الصوت المَنفى،
لَم نَبتكر غيرَ طُفولةِ الماء
طَرقت صُدورنا الغَيمة
فَمضينا، مثلَ غابةٍ من شمع
يَتموجَ في عُيوننا انتحارُها.
لو أنَّ وجوههمْ تَتساقطُ بَعيداً عن البُكاء
لأخرُجَ من هذا الاحتضار،
برقاً في شُحوبِ الوقتِ والشَجر.


(4)

أتُنذرني بأنَّ..
للريحِ أصابعَ تعبثُ بالأزل
تَرتدي حالةَ الموتْ،
لنبوءةٍ هشةٍ تُقيمُ..
في عَصبِ الأجنحةِ، فَلكاً.
تَتوحد مع صيغةِ الخَراب
تَتكئ على أسمائنا
وتَصعدُ مُصادفةَ الأبد!

(5)

ما كُنتُ في عُزلةِ الأزرق
أستَدعي ما لا يُلاقيني،
ولستُ أتعالى تَعويذةً عَصيةً
في ثَنيةِ السَماء..
وإنما يهبطُ إليَّ العمقُ حاداً
فآخذُ هيئةَ الصدى
في أنحائي يشتعلُ الطير
يخرجُ الوقتُ امتداداً يَقظاً
يعودُ بي انكساراً في لونِ الصُبح
يَحصدُني من جسدِ التيه،
ولا يُغادرني أرقُ الظلالِ البعيدة.

(6)

أيا كلمةً أتمددُ فيها ولا أصل
تسلكُ أقاصي ثَورتي والجَحيم.
لا تُصغي إليكَ النافذة،
تفرشُ الفضاءَ تهويدةً للفقد
وخُطاكَ فاتحةٌ للسَديم،
تتلاشى في لَعنةِ النُشوء
إشفاقاً على رُكامِ المعنى.

(7)

ليسَ معي غيرُ اليَمام،
خاشعاً يخفقُ بالبراءةِ
يَتطايرُ منهُ اللهب..
كأنَّ لِهذا أتقمصُ وشمَ القيامةِ
على جلدِ الماء.
كأنَّ لِهذا أستَشرفُ ضفةَ الغرقْ.

(8)

أخذتَ مني أشكالي
أروحُ وأجيء، أصطدمُ بالهواء.
أتخلعُني من السماءِ ضلعاً ضلعاً
تُدحرجُ في أوردتي فَصاحةَ الشُهبْ؟
أنا أقفُ بيني وبينَ موتكَ
أنسلخُ عن مَرايا النُواح،
قَتيل الخوف..
تهدمُ جِدارَ الكلمةِ،
تَهدمُني، فلا فَضاءَ يَرثيك.

(9)

أنا أرتجف
..
..
..
وحيدةً في رَمادي،
ورماد الفَراشات التي تساقطتْ.

(10)

يفصلنا وحيٌ يكشفُ هواجسَ وجهينا
يَنفذُ وجعاً نَحيلاً إلى الحُلم،
ينمو أبعد من القلق.
ها هُنا، أتفتحُ..
للأكثرِ عُلواً وحُزناً،
أرتدي حالةَ الله.
وإذ تفيضُ الخُطى بالعماء
فهذا دَمي،
إليكَ دَمي..
احفر مَلامحكَ في هذهِ الهاوية
وليسقُط العالمُ وحيداً ولا نهائياً
لعلّكَ في زَهوةِ السُقوط،
في الموتِ، تَلقاني.

73659ADD-FAF3-4534-917E-15B33C80F7B2
غاردينيا الحسين

خريجة أدب إنكليزي قسم الترجمة - جامعة قطر، شاعرة سورية تهوى الرسم والتصوير، مقيمة حالياً في ألمانيا.

مدونات أخرى