إغلاق مكتب منظمة التحرير: نصف تراجع أميركي والسلطة الفلسطينية تسعى لحوار استراتيجي

26 نوفمبر 2017
قيدت واشنطن عمل مكتب المنظمة (ساوول لويب/فرانس برس)
+ الخط -
تراجعت إدارة دونالد ترامب عن تهديدها بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وإن قيدت عمله وربطت السماح بابقائه مفتوحاً بـ"البحث في السلام مع إسرائيل، قبل أن يستأنف نشاطاته بالكامل"، في وقت تريد السلطة بدء حوار استراتيجي مع الولايات المتحدة يتيح رفع منظمة التحرير الفلسطينية عن لائحة الإرهاب.

وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية، طالباً عدم كشف هويته، يوم الجمعة، إن الفلسطينيين دُعوا إلى جعل نشاطات بعثتهم الدبلوماسية تقتصر على عملية السلام إلى أن يتم تمديد استثناء من القانون. وأضاف هذا المسؤول "نظراً لانتهاء استثناء من القيود المفروضة على نشاط منظمة التحرير الفلسطينية في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، نصحنا مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بأن تقتصر نشاطاته على تلك المرتبطة بسلام قابل للاستمرار بين الإسرائيليين والفلسطينيين". وتابع المسؤول نفسه أن "القانون ينص على أنه إذا رأى الرئيس بعد تسعين يوماً أن الفلسطينيين ملتزمون بمفاوضات مباشرة وذات معنى مع إسرائيل، فيمكن رفع القيود عن منظمة التحرير الفلسطينية ومكتبها في واشنطن". وقال "نحن متفائلون بأنه في نهاية فترة التسعين يوماً، ستكون العملية السياسية قد حققت تقدماً كافياً ليتمكن الرئيس من السماح لمكتب منظمة التحرير الفلسطينية باستئناف نشاطاته".

ويخضع مكتب المنظمة لقرار الكونغرس الأميركي الذي أقر قانوناً في عام 1988 يضع فيه منظمة التحرير الفلسطينية على لائحة المنظمات الإرهابية، وفي ذات الوقت يحق للرئيس الأميركي أن يوقع على تجميد العمل بقرار الكونغرس ويمدد وجود مكتب منظمة التحرير كل ستة شهور.

وفي عام 2015، بعد انضمام الفلسطينيين لميثاق معاهدة روما والمحكمة الجنائية، أضاف الكونغرس الأميركي للقانون، فقرة تفيد أنه "من غير المسموح للفلسطينيين دعم أو مساعدة أو تقديم أي تحرك تجاه محكمة الجنائية الدولية، أو أي جهد يؤدي إلى ملاحقة إسرائيل قضائياً أو ملاحقة أي من الأفراد الإسرائيليين"، الأمر الذي استغلته إدارة ترامب قبل أيام لعدم التجديد للمكتب إذ اتخذت من خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، ذريعة، بعد أن دعا عباس المحكمة الجنائية الدولية إلى "فتح تحقيق وملاحقة المسؤولين الإسرائيليين لمشاركتهم في الاستيطان والاعتداءات" على السكان الفلسطينيين. 

على الرغم من ذلك، تسعى القيادة الفلسطينية لعقد "حوار أميركي فلسطيني استراتيجي في الفترة المقبلة"، يحدد العلاقات الأميركية الفلسطينية، من خلال التأكيد على ضرورة رفع منظمة التحرير الفلسطينية عن لائحة الإرهاب، وإلغاء القوانين الأميركية المتعلقة باعتبارها إرهابية.

وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني لـ"العربي الجديد"، إن "القيادة الفلسطينية تفكر حالياً بإرسال وفد إلى الولايات المتحدة الأميركية، في حال موافقة الولايات المتحدة على استضافته، والهدف من إرسال الوفد هو بحث العلاقات الأميركية الفلسطينية بشكل استراتيجي".

وشدد مجدلاني على أن "هذا الحوار والمحادثات من المفترض لها أن تؤدي إلى رفع اسم منظمة التحرير الفلسطينية عن لائحة الإرهاب، وإلغاء القوانين التي تدين منظمة التحرير، فلا يعقل أن يعتبرونا كفلسطينيين طرفاً بعملية سلام وبذات الوقت أن يعتبرونا إرهابيين".

وحول عمل مكتب منظمة التحرير في واشنطن، أكد مجدلاني أن مكتب المنظمة ما زال يعمل كالمعتاد، وأن علم فلسطين يرفرف فوقه كالمعتاد، فيما نفى أن تكون الولايات المتحدة قد وجهت دعوة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس للذهاب إلى أميركا لمناقشة موضوع المكتب.

كما نفى مجدلاني أن رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية العامة، ماجد فرج، سيذهب إلى الولايات المتحدة لمناقشة موضوع مكتب المنظمة، مشدداً على أن المكلف بهذه المهمة هو أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، والموجود حالياً في أميركا. وكانت مصادر أكدت أن  فرج يخطط للسفر إلى أميركا ليحل أزمة مكتب المنظمة مع الأميركيين ويطالب بإعادة فتح المكتب وإلغاء اعتبار منظمة التحرير "إرهابية" عن قائمة الإرهاب.

وفي ما يتعلق بتجميد الاتصالات مع الأميركيين، قال مجدلاني: "الاتصالات سوف توقف نهائياً بحال تم إغلاق المكتب، لكنها لم تجمد لغاية الآن، بالنسبة لنا نحن في حوار مع الأميركيين، لكن ما جرى أصبح مشكلة الأميركيين أنفسهم لأنهم لم يمددوا فتح المكتب".

وفي السياق، تحدثت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن المقصود بقرار القيادة الفلسطينية تجميد الاتصالات مع الأميركيين رداً على إغلاق مكتب المنظمة في واشنطن، والذي لوح به عريقات، هو فقط منع أي مسؤول فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة أن يتحدث مع أي مسؤول أميركي"، قبل أن تؤكد المصادر "أن الاتصالات الفلسطينية الأميركية لم تتوقف لأية لحظة".

في غضون ذلك، أكد مصدر دبلوماسي فلسطيني لـ"العربي الجديد"، أن الأميركيين علموا جيداً، بعد أن أخبرهم الفلسطينيون بذلك، بأنه لا يمكن مقايضة مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، ولا يرتقي لكونه سفارة كبقية السفارات، بما تطلبه أميركا.

ووفقاً للمصدر نفسه، فإن "إبقاء مكتب المنظمة مغلقاً كان أحد الخيارات المطروحة بقوة لدى القيادة الفلسطينية". وأضاف "هم يريدون ابتزازنا بالمكتب، وهو لا يرقى أن يكون نقطة قوة للأميركيين ليقايضونا أو يبتزونا فيه، لذا كان إغلاقه بالنسبة للقيادة الفلسطينية خياراً لتجاوز أي ابتزاز أميركي، وهو ما أدركته الإدارة الأميركية، من أن الفلسطينيين سوف يغلقون المكتب، ولن يقبلوا أن يدفعوا ثمناً باهظاً من خلاله".

دلالات