لم تغيّر أحداث جسام مرت بها سورية، على مدى أكثر من سبع سنوات، من طبيعة إعلام النظام أو ذاك الذي يدور في فلكه، حيث لا يزال مصراً على استغباء متابعيه من الموالين للنظام وإبقائهم ضمن دائرة مغلقة، وتكرار الحديث عن "انتصارات" ليست موجودة في أذهان القائمين على هذا الإعلام الذين تعيّنهم أجهزة المخابرات المتعددة التابعة للنظام.
وفيما يحبس العالم كلّه أنفاسه على وقع تهديد ووعيد أميركي بضربة ربما تفضي إلى خلخلة النظام برمّته، لا تزال وسائل إعلام النظام تتابع ما تسميه "انتصارات في طريق دحر الإرهاب"، وكأن النظام لم يقتل أكثر من مليون سوري، ويهجّر أكثر من 10 ملايين، ويحوّل البلاد برمتها إلى كتلة دمار وأحقاد، اتّخذت منها قوى إقليمية ودولية ميدان كباش سياسي وعسكري أدى إلى وضع سورية على طريق التشظي والتقسيم.
ومن يطالع عناوين الصحف "الرسمية" وغير الرسمية التابعة للنظام، يكتشف من دون عناء أنها في واد، والعالم في واد آخر، إذ لا تزال تصر على الإيحاء بأن "سورية منتصرة"، وأن التهديدات الأميركية "هدفها رفع السقف للحصول على مكاسب بعد انتصار الغوطة".
ولم تتطرق هذه الوسائل لمظاهرات مؤيدين خرجت في دمشق، مطالبة بتبيان مصير آلاف الأسرى الذين كانوا لدى فصائل المعارضة السورية في الغوطة. إذ تؤكد مصادر أن عددًا كبيرًا منهم قُتلوا بقصف طيران النظام على مدن وبلدات الغوطة على مدى أعوام. فيما يستقبل رأس النظام مشاركين في مؤتمر عقد في دمشق تحت عنوان "مؤتمر وحدة الأمة"، نظمته إيران في سياق استراتيجية محو هوية سورية الدينية والمذهبية والقومية.
ولا تزال صحيفة "الوطن" المملوكة لرامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد، مصرّة على تكرار نفس "الأكاذيب" على مدى سبع سنوات. إذ زعمت، الخميس، أن فصيل جيش الإسلام التابع للمعارضة سلّم قبيل انسحابه من دوما "قناصات متطورة، بعضها إسرائيلي الصنع"، في محاولة باتت مفضوحة لربط المعارضة السورية بدولة الاحتلال.
ووصفت صفحة "دمشق الآن" على موقع "فيسبوك" والتابعة للمخابرات الجوية في استخبارات النظام الرئيس الأميركي بـ "الرئيس المغرد"، معتبرةً التهديدات الغربية بضرب النظام "مجرد حرب إعلامية".
وكان أول شعارات الثورة السورية في عام 2011 شعار "كاذب كاذب كاذب.. الإعلام السوري كاذب"، وهو شعار يؤكد عدم ثقة السوريين بهذا الإعلام الذي يصرّ على تجاوز الحقائق، رغم الخراب الكبير.
واعتمد النظام على الإعلام في حربه ضد السوريين المطالبين بالتغيير في بلادهم. فقد أنشأ، في الشهور الأولى للثورة، ما سُمي بـ "الجيش الإلكتروني" الذي دأب على بث الأكاذيب والترّهات.
وباتت قناة "الدنيا" مثالاً صارخاً للدعاية المضادة التي تعتمد الكذب المفضوح أساساً لمادتها التي أسهمت، إلى حد بعيد، في شطر المجتمع السوري إلى قسمين: قسم مع النظام تعتبره المحطة "وطنياً"، وآخر مع الثورة اعتبرته "الدنيا" خائناً للوطن، حيث ساعد هذا التصنيف في تشظي المجتمع السوري.