إعلام السيسي فاشل... لكن إعلامكم أفشل

27 اغسطس 2015
إعلام السيسي فاشل... لكن إعلامكم أفشل (مواقع التواصل)
+ الخط -
ليس من الإنصاف تشبيه إعلام عباس كامل بإعلام المعارضة، أو ما يعرف بإعلام الشرعية، ولكن من العدل أن نرفض العنصرية والاستقطاب والسباب والتحريض والتخوين الصادر من كليهما.


إعلام عباس كامل والشؤون المعنوية يدار بالهاتف ليمنع أي صوت مخالف. وهذا طبيعي من نظام ديكتاتوري جاء بانقلاب عسكري قتل واعتقل وشرد وشتت عشرات الآلاف، وصادر الحريات، وأقام دولة الخوف، وهدم الدستور والقانون، وأسس لعصر الفساد والاستبداد. 
فهل ينبت الشوك ورداً؟

لكن على الجانب الآخر، ومع مرور الذكرى الثانية لاعتصام رابعة العدوية، منذ أيام قليلة، لا يزال خطاب منصة رابعة السلبي بكل المقاييس مستمرا، بل ويعاد إحياؤه وتجديده من على فضائيات ما يعرف بإعلام الشرعية.

وإذا كان من بديهيات المنطق أنه لا يستقيم العود والضلع أعوج، فإنه لا يستقيم الإعلام والخطاب أسود. السواد الأعظم من جماهير الشرعية لا تزال تستنكر لهجة الخطاب المزدوج، تارة يقدم لهم من على منصة الخطاب التوافقي بلهجة الاصطفاف الوطني، وتارة أخرى يسود خطاب التخوين بلهجة الإقصاء والتهديد.

تزامناً مع ذلك ومنذ فترة قصيرة، امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بما أطلق عليه كشف حساب السيسي بعد عام من استيلائه على السلطة بشكل رسمي، وتناول الكشف الحديث عن تقييم إعلام نظام السيسي، فيما تجاهلت نفس المواقع إصدار كشف حساب لقادة العمل التنظيمي للمعارضة وأداء إعلامها وخطابها، والذي فشل في استقطاب شرائح جديدة، بفعل استمراره في تصدير لغة اليأس والاستقطاب واللطميات والصراخ إلى الناس، وكأن أداء هؤلاء كان مشرفا ومنجزا من وجهة نظر تلك المواقع التي تعتبر نفسها منصفة.

وهنا تبقى لغة الخطاب السلبي مستمرة على الجانبين، ما يعني أننا في معجنة يبقى فيها النظام ناجحا في فشله، ومعارضوه فشلة في نجاحهم.

وتبقى الكارثة الكبرى، وهي استمرار ذلك الخطاب الممتد لهزلية ما حدث في منصتي رابعة العدوية والنهضة، والذي كان فرصة عظيمة للانقلاب العسكري ليصطاد فيه، وهو بطبيعته عكر، بألفاظ التحريض والتهديد والتخوين والتعميم، ومن ثم تم تصديره إلى الرأي العام كخطاب تحريض إرهابي لتسهل المذبحة.

وقد يبرر البعض خطاب منصة رابعة العدوية بالقول إن القيادة فقدت فعلا السيطرة عليه مع توافد الآلاف على المنصة والتعبير عن الواقع بخطاب متأثر بصدمة الانقلاب العسكري، لا سيما أن طائفة كبيرة من جماهير الإسلاميين صدمت فعلا بالانقلاب، إذ إن خطابا إعلاميا محسوبا عليهم في ظل أحداث الانقلاب كان يطمئنهم بأن الجيش بقيادة الفريق السيسي نزل إلى الشارع كي يحمي شرعية الرئيس محمد مرسي.

ولا يختلف معك كثيرون ممن شهدوا رابعة العدوية في أن خطاب المنصة كان سلبيا، ولم يكن تحت السيطرة، بل واعتمد هذا الخطاب أيضا على الرؤى والمنامات، وعلى المبالغة والخزعبلات، وعلى تضليل معلوماتي لكثير من الأحداث.

ومع الوقت لم يبق في ذاكرة الناس عن هذا الإعلام إلا الصورة السلبية، لتعلو أيضا نماذج لا تقل حماقة على نماذج عباس كامل والتي تعتمد على الخطابة والتحريض وترويج الشائعات، وتجهيل المصادر، والتخوين والسباب والشتيمة التي انتشرت وتم تبريرها كرد فعل على الإعلام المقابل لتلك الجبهة.

والواقع هو فشل المعارضين في فتح قنوات جديدة يكون خطابها جاذبا لشرائح جديدة إلى جبهة رفض الحكم العسكري، كما فشلوا في تنقية خطابهم الإعلامي وتحديثه ليكون جامعا مطبطبا معتذرا على ما سبق.

وتزامن ذلك مع إغلاق الجزيرة مباشر مصر التي كانت تحاول أن تضبط الأداء وتجذب الجمهور الأكبر إليها، لتخلو الساحة فقط لخطاب منصات إعلام الدعاية من الهواة وخطباء المساجد ومراهقي الشهرة الذين تصدروا المشهد كإعلاميين جدد.

(مصر)
المساهمون