إعلاميون سوريون ينتقدون "تسويق صورة الثورة"

27 ابريل 2014
المأساة الانسانية والجهاد" يتصدران الاعلام الغربي (مخيم اليرموك-أونروا)
+ الخط -

قلما يأتي"الاعلام الدولي" على ثورة السوريين من منطلق شعب ثار على الاستبداد والديكتاتورية، ليطالب بحقوقه في الحرية والكرامة والعدالة، بل باتت الثورة السورية، وعبر ما تضخه وكالات الأنباء الكبرى، مجرد حرب أهلية وجهاديين وإرهاب. الامر الذي خلق ردة فعل لدى"أولاد الكار" من الصحفيين السوريين، الذين رأوا أن الخطاب الإعلامي الذي واكب الصمت الدولي على جرائم النظام، لم يكن لافتقار معلومات أو استحالة وصول المراسلين كما كانوا يتعذرون.
يعتقد رئيس التحرير في تلفزيون "تي ار تي التركي" عدنان علي، بأن السياسة التحريرية لدى مجمل وكالات الانباء العالمية تجاه الاحداث في سوريا تنطلق من أن هناك اشتباكات عسكرية يومية بين قوات الاسد ومعارضيه، وهي من الكثرة بحيث باتت "اعتيادية" ولا يمكن الاحاطة بها وملاحقتها تفصيلاً.
يتابع علي، قوله: ما يتم الاهتمام به، هو التطورات الجديدة فقط، أي حصول تقدم لاحد الطرفين في جبهة ما، أو مقتل مجموعة كبيرة من الناس، أو مقتل قائد عسكري بارز، أو تصريح لافت .. إلخ .
أما ما يخص أخبار وتطورات "التنظيمات الجهادية"، فهي تحظى باهتمام خاص انطلاقاً من الاهتمام بتنظيم القاعدة ومشتقاته، الذي يشكل في الوعي الغربي خاصة منذ تفجيرات 11 أيلول، هاجساً وقلقاً، ومن السهل تالياً لدى الجمهور الغربي فهم، وتسويق أية فكرة مرتبطة بأنشطة هذا التنظيم، وهو ما أدركه النظام في سوريا ويعمل عليه باستمرار عبر ربط مجمل الانشطة العسكرية ضده بهذا التنظيم، واعتبار مجمل الحركات الاسلامية التي تقاتله مجرد توابع ومشتقات للتنظيم .

توجيه الخبر
في حين يرى الصحافي والباحث تيسير خلف، أن هناك عمدية في المسألة، وقال: من المؤكد بأن هناك سياسة تحريرية، فكما نعرف جميعاً نحن العاملين في وسائل إعلام، هناك من يصفي المقترحات من المراسلين ويوافق عليها أو يرفضها. لا توجد مؤسسة إعلامية تسمح لمراسليها أو محرريها ببث الأخبار كما يقررونها، وإلا تحول الأمر إلى ما يشبه المنتدى، وليس وكالة أنباء.. ثم إن الوكالة تقوم بعملية تحرير مركزية بهدف توجيه الخبر وتوحيد مصطلحاته، ولهذا لا يمكن أن يكون الخبر المنشور عبر الوكالة إلا خبراً موجهاً وفق سياسة تحريرية معينة.
ويتابع خلف قوله: لا يفهم من هذا التناغم بين الوكالات سوى أنه توجيه عام، وعلى أعلى المستويات، فليس من قبيل الصدفة أن تتفق وكالات أميركية ووكالة بريطانية وألمانية وفرنسية على موضوع واحد في يوم واحد، من دون أن يكون هناك إيحاء ما من جهة ما، تضبط إيقاع سياسات هذه الدول تجاه الموضوع السوري.
هو موقف إعلامي نابع من الرغبة في إقناع الرأي العام الغربي والعالمي، بأن ما يحدث في سوريا هو مجرد إرهاب، ولذلك "نحن مترددون في دعم الثورة السورية، ولذلك نحن صامتون عما يحدث"، كما يقول لسان حالهم. وهذا النوع من التغطية الاعلامية هو فقط لتبرير الموقف الحيادي الاميركي وما يتبعه من مواقف أوروبية، والاستمرار في السياسة الحالية القائمة على مبدأ عدم فعل شيء وتجميد الوضع وعدم السماح للثوار بتحقيق الانتصار، وغض الطرف عن المليشيات اللبنانية والعراقية وغيرها، التي باتت صاحبة القوة الفضلى في التصدي للثورة السورية بعد انهيارات قوات النظام العسكرية والمليشياوية.

ثورة، أحداث، أم أزمة؟
الإعلامية مزن مرشد، المقيمة الآن في فرنسا، تتفق مع فكرة أن المصالح وتأييد النظام السوري يقفان وراء تغيير الخطاب الاعلامي الدولي تجاه الثورة السورية، فمنذ فترة قليلة لاحظنا بعض التغيّر في تعاطي الاعلام العالمي والعربي مع الثورة السورية، بدأ يتوضح فيما بعد في خطاب إعلامي أعرج. استبدلت كلمة "ثورة" بكلمة "أزمة"، وهي الكلمة التي استخدمها إعلام نظام الأسد منذ اليوم الاول لاندلاع الثورة. ثم تحولت الكلمة لتصبح "الاحداث الدائرة في سوريا"، لينتهي بها المطاف الى تسمية فجة وفاقعة وهي "الحرب الدائرة في سوريا"، واستبدل الاعلام وصف "الثوار"، بـ"المعارضة المسلحة".
تضيف موضحة: المطلعون على القوانين الدولية والاتفاقيات الحربية، يعلمون
أن تسمية "المعارضة المسلحة" تعني الاعتراف بالنظام القائم وتبرر، قانونيا، لأي نظام مواجهة معارضته المسلحة حسب القوانين الدولية.
وما زاد الطين بلة وجعل الامر يدعو الى التدقيق والتحليل، هو انزياح الحديث باتجاه التنظيمات الاسلامية التكفيرية الناشطة في سوريا باتجاه جزائر التسعينات، أي أن الامر هو تمرّد إسلاميين متشددين، ليس أكثر.

مصالح بلبوس أخلاقي
يعتقد مدير التحرير السابق لتلفزيون"أورينت" بسام بلان، أن الجزء الأكبر من تركيز الوكالات الكبرى على أخبار الدم والتطرف، نابع من تركيزها على ما يهتم به جمهورها، فهي لا تخاطب السوريين في ما تكتب، وإنما تخاطب المجتمعات التي تصدر لأجلها. وكلنا يعرف أن فوبيا التطرف تجتاح المجتمعات الغربية منذ الحادي عشر من أيلول سبتمبر 2001. ونحن الصحفيين، ندرك تماماً أن الحكومات الغربية، لا تعير أي اهتمام لحقوق الانسان والديمقراطية كما تدّعي ليل نهار، وإنما تتبع مصالحها وتلبسها القيم الانسانية والاخلاقية ليسهل عليها تسويقها.
بسام بلان، يرى أن النظام يفعل كل ما يستطيع فعله لإثبات صواب وجهة نظره. وهو أثبت جدارة أكبر بكثير من المعارضة في هذا السياق، من خلال تعاقده مع شركات علاقات عامة قدمت له خدمات جليلة في هذا المجال، فيما لم تقتنع بعد المعارضة بجدوى اللجوء الى المتخصصين في صفوفها، فما بالك بلجوئها الى الاستعانة بمثل هذه الشركات!

المساهمون