وبدأت الفعاليات، وفق مخطط لجنة المتابعة العليا لشؤون الفلسطينيين في الداخل، بزيارة لضريح الشهيد رامي حاتم غرة، والذي استشهد في أول أيام هبة القدس والأقصى.
وشارك وفد عن لجنة المتابعة العليا، برئاسة النائب السابق محمد بركة، ورئيس "القائمة المشتركة"، أيمن عودة والنواب العرب، جمال زحالقة، ويوسف جبارين، ونائب رئيس "الحركة الإسلامية" كمال خطيب، وممثلو لجنة الدفاع عن الحريات عبد الحكيم مفيد وقدري أبو واصل، بزيارة ضريح الشهيد رامي.
وأكد المشاركون على إحياء ذكرى الشهداء، مطالبين بمحاكمة القتلة، في ظل استفحال السياسات العدائية لحكومة إسرائيل تجاه الفلسطينيين في الداخل، وتجاه الشعب الفلسطيني ككل.
وعقب ذلك، انطلق الوفد متوجهاً إلى كل من أم الفحم ومعاوية لزيارة أضرحة الشهداء فيها ومنها إلى الناصرة، وكفر كنا، وكفر مندا، وصولاً إلى عرابة، وأخيراً سخنين، إذ أقيم المهرجان الرئيسي فيها في الخامسة من بعد عصر اليوم.
وانتهت الفعاليات في مهرجان خطابي افتتح بدقيقة صمت على أرواح الشهداء، تحدث خلاله رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير، محمد بركة، ووالد الشهيد وليد أبو صالح.
وفي السياق قال محمد بركة: "اليوم نؤكد مجددا أن لا نسيان ولا غفران لهذه السياسة وهذا النهج الذي يحرمنا من حقنا بالحياة الطبيعية على أرض الوطن والأجداد. ونستذكر شهداءنا، شهداء شعبنا عامة، والذين سقطوا على مذبح عقلية الحرب والاحتلال والعنصرية".
وأضاف "رسالتنا في إحياء الذكرى هي التأكيد مجدداً على رسالتنا إلى المؤسسة الحاكمة بأننا لن نتهادن ولن نسكت على كل السياسات التي تستهدف شعبنا في جميع أماكن تواجده، وسياسة التمييز العنصري التي تستهدف وجودنا، وبالذات في هذه المرحلة التي يتصاعد فيها خطاب ونهج التحريض العنصري على جماهيرنا".
من جهته، قال عبد المنعم أبو صالح: "سقط وليد الشهيد بيوم 2 أكتوبر/تشرين الأول 2000، كان ابن 21 عاما وسقط مع الشهيد عماد غنايم في نفس اللحظة بسخنين. نحن نتابع المسيرة النضالية مع الجماهير العربية بقيادتها من رؤساء بلديات ومجالس وذوي الشهداء ونستمر في النضال حتى يقدم المجرمون إلى المحاكمة، وحتى يعرفوا أن القدس لنا والقيامة لنا والأقصى لنا، ولن نفرط بذرة تراب من القدس والأقصى لأنه تابع لنا؛ للإسلام والمسيحيين والعرب، واليهود ليس لهم شيء من الأقصى".
وبرز جيل الشباب بمشاركته في المظاهرة، وقال الشاب عز عودة ابن 17 عاما المشارك في المظاهرة: "اليوم بالنسبة لي يوم ذكرى بداية هبة القدس والأقصى، يوم نستحضر فيه ذكرى الشهداء الذين وهبوا حياتهم للوطن ودفاعاً عن حقهم. هم دائما في البال والذاكرة، وطبعا هم أكبر بالنسبة إلينا من يوم أو مسيرة فقط".
وأضاف: "سمعت عن الأحداث، والشهداء من جيل الطفولة؛ الشهيد إياد لوابنة من حينا في الحارة الشرقية الذي أقطن به في الناصرة كان دائما حاضرا بين أهل البلد، وسمعت دائما من أهل الحي أن فقده كان خسارة، فقد كنت ابن عام عند انتفاضة القدس والأقصى ولكن الأحداث كانت في حينا وقريبة من بيتنا".
ويحيي الفلسطينيون في الداخل في كل عام، ذكرى هبة القدس والأقصى التي تفجرت في الأول من أكتوبر/تشرين الأول عام 2000، احتجاجاً على قيام زعيم المعارضة الإسرائيلية، آنذاك أرئيل شارون باقتحام المسجد الأقصى بموافقة رئيس الحكومة، إيهود باراك، مما أشعل نيران احتجاجات فلسطينية، سقط على إثرها الشهداء برصاص الجيش الإسرائيلي.
واشتعلت نيران هبة الأقصى في الداخل الفلسطيني أيضاً، إذ أعلنت لجنة المتابعة العليا عن إضراب عام احتجاجاً على اقتحام شارون للأقصى وتضامناً مع الشعب الفلسطيني، وخرجت التظاهرات الغاضبة في مختلف أنحاء الجليل والمثلث، وسقط في اليوم الأول شهيدان، وتوالى سقوط الشهداء في المواجهات حتى الثامن من أكتوبر/تشرين الأول.
وحاولت حكومة إسرائيل الادعاء أن الشهداء شكلوا خطراً على عناصر الشرطة، لكن شهود العيان أثبتوا كذب الرواية الإسرائيلية، وسرعان ما اتضح أن عدداً من الشهداء سقطوا بنيران القناصة، فيما أطلقت النيران على عدد منهم من مسافة قصيرة جدا.
ورفض الفلسطينيون بعد الهبة وسقوط الشهداء القبول بلجنة فحص ضمن وزارة العدل، وأصروا على مطلب لجنة تحقيق رسمية، وتم تشكيل لجنة برئاسة القاضي ثيودور أور، لكن اللجنة اكتفت بتوجيه انتقادات لأسلوب تعامل الشرطة مع المتظاهرين العرب ولم توص بتقديم أي من القتلة للمحاكمة، وأحالت أوراقهم إلى قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة في وزارة العدل، والذي أعلن عن إغلاق الملفات كلياً.
في المقابل أصدرت اللجنة تحذيرات وإنذارات لثلاثة من قادة الفلسطينيين في الداخل اتهمتهم اللجنة بتحريض الفلسطينيين في الداخل على العنف وعلى الإخلال بالنظام، وهم قائد "التجمع الوطني"، المفكر العربي عزمي بشارة، ورئيس "الحركة الإسلامية الشمالية"، الشيخ رائد صلاح والنائب عن "الحركة الإسلامية الجنوبية"، عبد المالك دهامشة.