"منذ سبعة عشر عاماً وأنا أعمل في نظافة مجمع الشفاء الطبي، لكن لم نَمُر في ظروف أسوء من هذه التي نمر بها الآن"، بهذه الكلمات البسيطة عَبّر عامل النظافة الستيني رمضان أبو خريس عن استيائه من قطع راتبه منذ 7 أشهر.
البؤس الذي بدا واضحاً على المُسِن أبو خريس لحق بمئات عمال نظافة المستشفيات في قطاع غزة، الذين أعلنوا اليوم الأربعاء، اضراباً مفتوحاً عن العمل، نتيجة عدم تلقي رواتبهم منذ تسلم حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني مهامها، قبل نحو 6 أشهر.
ويقول أبو خريس لـ"العربي الجديد": "عملت في كل الشركات التي تعاقدت مع مستشفى الشفاء، ولم يتأخر راتبنا شهراً من الشهور، إلا في حرب الفرقان، حيث تأخر راتبنا شهرين، وبعد فترة بسيطة حصلنا على مستحقاتنا، أما الآن فنحن بدون رواتب منذ سبعة شهور".
ويضيف: "أعيل ثمانية أشخاص، وحالنا صعب جداً، أنا أسكن في منطقة التوام شمال مدينة غزة وأحضر للمستشفى مشياً على الأقدام"، مبيناً أن الراتب الذي يحصل عليه قليل جد ولا يكفي لشئ، إلا أنه يسد بعض الاحتياجات الهامة.
وأشار إلى أنه لن يعود للعمل قبل أن يتم صرف مستحقاته ومستحقات بقية العمال كاملة.
أما زميله بشير سعد، والذي يعيل تسعة أشخاص، قال:"اعتصمنا اليوم بعد أن مللنا من الوعود التي لم يتحقق منها شئ، ووضعي الآن تحت الصفر ولا يوجد لدي أي دخل سوى كوبونة (كرت غذائي) من وزارة الشؤون وبعض الصدقات التي يتصدق بها علينا فاعلي الخير".
ويوضح عامل النظافة بسام سالم لـ"العربي الجديد"، أنه يسكن وباقي أسرته بالإيجار، وأن راتبه يذهب لإيجار المنزل الذي يؤويه وباقي أفراد أسرته، ويقول: "لا يوجد لدي مصدر رزق، وقطع الراتب البسيط زاد من وضعنا سوءاً، خاصة بعد أن هددنا صاحب البيت بالطرد في حالم عدم دفع الإيجار".
وقال رئيس اتحاد نقابات العمال في غزة، سامي العمصي، أن اعتصام عمال النظافة سيبقى مفتوحاً بعد أن وصلت الأمور الى حد اللاعودة، في ظل اقتراب انتهاء عقود عمال النظافة مع نهاية العام الجاري، وقال: "أضطررنا آسفين الى اعلان الاضراب العام الذي حذرنا منه مراراً".
وأوضح في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن عمال النظافة الذين يعملون في مختلف مستشفيات القطاع عن طريق شركات خاصة لا يتجاوز عددهم 750 عامل راتب الواحد منهم 200 دولار، مبيناً ان قضيتهم لا تشكل عبئاً كبيراً على ميزانية الحكومة، بقدر العبء الذي سيشكله توقفهم عن العمل، والذي سيعرض مرافق المستشفيات الى الخطر.
وأشار إلى أن الاتحاد تواصل مع رئاسة الحكومة ومع وزير العمل ووزير الصحة والجهات المعنية كافة من أجل انهاء معاناة عمال النظافة لكن أحداً لم يحرك ساكناً، مشدداً على ضرورة وقوف كل الأطراف أمام مسئولياتها حتى انهاء ملفهم.
ويضيف: "ندرك مدى الألم والمعاناة التي يمر بها أبناء شعبنا الفلسطيني، والوضع الصعب الذي تمر به مستشفيات القطاع لكن لا يوجد أمامنا طريق آخر لإنهاء معاناتهم المتفاقمة.. يجب على جميع الأطراف تجنيب هذه الفئة عن التجاذبات والمناكفات السياسية".