إضراب ستين جامعة في المملكة المتحدة

25 نوفمبر 2019
في جامعة "كارديف" مع بداية الإضراب (مارك هاوكينز/ Getty)
+ الخط -

عاد الإضراب مجدداً إلى جامعات المملكة المتحدة. المطالب كثيرة تتعلق بالأساتذة والموظفين، وتمسّ العديد من القضايا الأساسية التي لم يجرِ حلّها بعد في لعبة التجاذب ما بين هؤلاء ونقابة الجامعات والكليات

بدأ، الاثنين، 25 نوفمبر/ تشرين الثاني، إضراب شمل ستين جامعة في المملكة المتحدة، ومن المقرر أن يستمر لمدة ثمانية أيام. وهو ليس الإضراب الأول من نوعه، بل سبق لأساتذة الجامعات في هذه البلاد المطالبة بالحقوق نفسها تقريباً في فبراير/ شباط ومارس/ آذار 2018. ويتخذ أعضاء اتحاد الجامعات والكليات (UCU) إجراءات حول قضيتين منفصلتين، إحداهما تتعلق بالرواتب التقاعدية والثانية تتمحور حول شروط الأجور. وستؤثر هذه الإضرابات على نصف جامعات المملكة المتحدة ومليون طالب تقريباً. وتقول الجامعات إنّ الإضراب ليس الطريق إلى الأمام، وتعد ببذل قصارى جهدها لتقليل تأثير هذا التعطيل على الطلاب. بحسب ما أوردت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".




بالإضافة إلى الإضراب، يقول أعضاء النقابات إنّه عند عودتهم إلى العمل، سيعملون وفق العقد بصرامة، ولن يقوموا بتغطية الزملاء الغائبين كما سيرفضون إعادة جدولة المحاضرات التي خسرها الطلاب أثناء الإضرابات. ويشير اتحاد الجامعات والكليات إلى أنّ الموظفين قد وصلوا إلى "نقطة الانهيار"، بشأن عدد من القضايا، بما في ذلك أعباء العمل، وتخفيضات الأجور، وفجوة الأجور بين الجنسين التي تصل إلى 15 في المائة، والتغييرات في الرواتب التقاعدية للموظفين في نظام التقاعد الجامعي، الذي تقول النقابة إنّه سيترك الأعضاء يدفعون مبالغ مخصصة للتقاعد أكثر من تلك التي سيحصلون عليها عند التقاعد.

في هذا السياق، يقول جو جرادي، الأمين العام لاتحاد الجامعات والكليات، إنّ حوالي 43.600 عضو سيشاركون في الإضراب من أجل "التغيير المنهجي". يضيف أنّ قطاع التعليم العالي "كسب كثيراً من المال على مدى السنوات العشر الماضية" وفي المقابل انخفض الإنفاق على الموظفين في تلك الفترة، وكان هناك نوع من الهجوم على ظروف العمل في القطاع. ويعبّر أعضاء اتحاد الجامعات والكليات عن غضبهم بسبب رفع اشتراكات التقاعد إلى 9.6 في المائة من الراتب، بعدما كانت 8 في المائة، ويطالبون الجامعات بدفع هذه الزيادة الكاملة بدلاً عنهم.

"يوجد نزاعان هنا، نزاع يتعلق بالتقاعد، والآخر يتعلق بتوجه الجامعات لتوظيف المحاضرين بعقود مؤقتة، وهذا يعتبر استغلالاً، ولا يضمن أي نوع من الأمان الوظيفي والحقوق، فضلاً عن الفارق الكبير في الأجور بين الجنسين" يقول الدكتور مازن المصري، وهو محاضر في جامعة "لندن" لـ"العربي الجديد". ويشير إلى أنّ المحاضرين يطالبون أيضاً بزيادة الأجور بنسبة تتماشى مع التضخّم، إذ إنّ الأجور اليوم أقل بنحو 20 في المائة مقارنة بعام 2010 إذا ما أخذنا بعين الاعتبار نسبة التضخم المالي.

يتابع المصري أنّ النزاع المتعلق بالتقاعد يعود إلى عام 2018، حين قرّر صندوق التقاعد وبتأييد من الجامعات، تغيير طريقة حساب التقاعد بأسلوب سوف يؤدي إلى انخفاض الراتب التقاعدي بنحو 200 ألف جنيه إسترليني للمحاضر الواحد، على امتداد سنوات التقاعد. ولم يحلّ إضراب عام 2018، سوى بعدما اتفق جميع الأطراف على تشكيل لجنة لبحث القضية، وقد نشرت اللجنة تقريراً أولياً يوصي بعدم التغيير أو زيادة مساهمة الموظفين. لكنّ الجامعات وصندوق التقاعد تجاهلا التوصيات وقررا بشكل أحادي الجانب زيادة مساهمات الموظفين في إبريل/ نيسان الماضي وزيادتها مرة أخرى في عام 2020.

تحدّثت "العربي الجديد" أيضاً إلى عبد الله أبو ملحم، رئيس قسم دراسات الماجستير وأستاذ الاقتصاد والمالية في جامعة "إنستيتيوتو مارانغوني" في لندن، الذي يرى أنّ الأوضاع الاقتصادية في البلاد ضعيفة، خصوصاً وسط تحذيرات من أزمة عالمية قد تبدأ العام المقبل. يتابع أنّ مطالب أساتذة الجامعات في بريطانيا، ترتبط بسياسات التقشّف الموجودة في الوقت الحالي في البلاد، وقد تأثّر بها القطاع الأكاديمي، مثل رواتب الجامعات الثابتة على حالها إجمالاً، وهناك أيضاً تراكم العديد من الأمور منها سوء تطوير القطاع الأكاديمي وتغيير عقود عمل الكثير من أساتذة الجامعات من دوام كامل لتصبح عقود بدوام عمل مؤقت ووضع أناس على عقود صفر ساعات عمل، وهي قضايا يثيرها أساتذة الجامعات، كونها مضرّة جداً ومقلقة، حيث المستقبل غير مضمون وينبغي تجديد عقد العمل كلّ عام.

يوضح أبو ملحم، أنّ العمل بشروط عقد صفر ساعات، هو طريقة للابتعاد عن عقود العمل بدوام جزئي التي انخفضت في الجامعات، لأنّ العمل فيها لا يقدّم الفوائد والتعويضات نفسها. لذلك، هناك نوع من القلق لدى أساتذة الجامعات الذين يشعرون أنّ مستقبلهم المهني غير مضمون.

في المقابل، تقول نقابة الجامعات والكليات في المملكة المتحدة، إنّ أصحاب العمل زادوا من مساهماتهم في رواتب التقاعد من 18 في المائة إلى 21.1 في المائة من الراتب، ويدفعون 250 مليون جنيه إسترليني إضافية كلّ عام. يضيف هؤلاء، أنّ زيادة مساهماتهم إلى 22.7 في المائة من الراتب ستكلفهم 373 مليون جنيه إسترليني سنوياً. وحذروا من أنّه من أجل تلبية المطالب الحالية لاتحاد الجامعات والكليات، يتعين على أرباب العمل، تحويل مبالغ غير مستدامة من الأموال من ميزانيات، مع عواقب محتملة قد تؤثّر على الوظائف، ودعم الطلاب، وإغلاق دورات أو اختصاصات تعليمية فضلاً عن صفوف بأعداد أكثر من الطلاب.




من بين الجامعات الستين المشاركة في الإضراب، هناك 43 جامعة مضربة بسبب قضيتي التقاعد وشروط الأجور من بينها "برمنغهام" و"كامبريدج" و"كوين ماري" و"غلاسكو". وهناك جامعات أخرى تساهم في الإضراب بسبب قضية شروط الأجور فقط مثل "أوكسفورد" و"شيفيلد هالام" فضلاً عن جامعات أعلنت إضرابها بسبب رواتب التقاعد وحدها مثل "الرابطة الاسكتلندية لعلوم البحار" و"أبردين" و"أنجليا" و"معهد دراسات التنمية". ويستمر الإضراب حتى 4 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وذلك بعد تصويت 79 في المائة من أعضاء اتحاد الجامعات والكليات لصالح الإضراب.
المساهمون