12 اغسطس 2020
+ الخط -

قد يكون لبنان على وشك تلقي مساعدات عاجلة بقيمة 298 مليون دولار بعد انفجار مرفأ بيروت، لكن ما يحتاجه لإعادة بناء اقتصاده المتداعي، والذي تشير تقديرات البعض إلى أنه قد يزيد على 30 مليار دولار، لن يأتي دون إصلاح.

وقد تعرقل استقالة حكومة لبنان مثل هذا التغيير، في حين من المرجح أن تخضع خطة إنقاذ مالي وُضعت في إبريل/نيسان للمراجعة، بل وقد تتخلى عنها الإدارة الجديدة، حسب ما قاله مصدران ماليان مطلعان على الخطة.

وأضاف أحد المصدرين أن خطة الإنقاذ، والتي كان دعمها متعثرا أصلا قبل الانفجار الدامي الذي وقع الأسبوع الماضي، تتضمن توقعات لم تعد واقعية لمقاييس مالية مثل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي وسعر الصرف في السوق الموازية. وسيقوض ذلك على الأرجح محادثات مع الدائنين لإعادة هيكلة دين لبنان السيادي الخارجي.

كان لبنان بدأ في مايو/أيار محادثات بشأن خطة إنقاذ مع صندوق النقد الدولي، بعد تعثره في سداد ديونه بالعملة الأجنبية. لكنها جُمدت بسبب عدم إحراز تقدم على صعيد الإصلاحات، ولوجود خلافات بشأن حجم الخسائر المالية.

وفي حين ما زالت حكومة رئيس الوزراء حسان دياب مستمرة كحكومة تسيير أعمال بعد استقالتها، من المنتظر أن يتسارع تناقص احتياطيات لبنان من النقد الأجنبي الضئيلة بالفعل بسبب الإنفاق على إعادة بناء مرفأ بيروت وبنى تحتية أخرى.

لذا، سيكون وضع خطة اقتصادية ذات مصداقية هو الاختبار الحقيقي لمن ستؤول إليه قيادة لبنان، الذي يواجه انحدارا في صافي تدفقات رؤوس الأموال في ظل تهافت متزايد على العملة الصعبة.

وقال كارلوس عبادي، مستشار جمعية مصارف لبنان، لرويترز: "المقياس الأمثل لقدرة الحكومة سيكون الخطة الاقتصادية التي تضعها".

وتشير تقديرات جاربيس إيراديان من "معهد التمويل الدولي" إلى أنه في أعقاب انفجار الرابع من أغسطس/آب، زادت احتياجات لبنان من التمويل الخارجي للأعوام الأربعة المقبلة إلى أكثر من 30 مليار دولار من 24 مليارا.

وقال عبادي: "للتغلب على حق النقض الذي تملكه الولايات المتحدة بصندوق النقد، سيكون على الحكومة المقبلة إيجاد خطة تركز على وضع الاقتصاد على مسار للنمو في المستقبل دون إمكانية تحويل المليارات لأغراض إجرامية".

وجدد الصندوق تأكيد دعمه للبنان يوم الأحد قبل أن تستقيل الحكومة، لكنه أكد أيضا الحاجة للإصلاحات، وهي النقطة التي ركز عليها الرئيس الفرنسي إيمانويل مارون الأسبوع الماضي.

ومع اقتراب عدد اللبنانيين الذين يعيشون في فقر من نصف عدد السكان، تتنوع هذه الإصلاحات من بناء شبكات أمان اجتماعي لحماية الأكثر ضعفا إلى ضمان مشاركة النخبة الثرية في عبء الخسائر المالية الناجمة عن إعادة رسملة البنوك.

ودعا ماكرون إلى تدقيق حسابات البنك المركزي والنظام المصرفي، وهو التعليق الذي أثار قلق بعض المصرفيين الذين يخشون من أن تستخدم الحكومة البيانات لإعفاء "العائلة والأصدقاء".

وقال عضو البرلمان الفرنسي لويك كيرفران رئيس لجنة الصداقة اللبنانية الفرنسية لرويترز، إن مثل هذا التدقيق سيهدف إلى الكشف عن ممارسات "غير قويمة" قد تكون أدت إلى الخسائر.

وقطع المانحون الأجانب بأنه بخلاف المساعدات الإنسانية، لن تُقدم أي أموال للبنان دون إصلاحات. وتعهد الرئيس ميشال عون، اليوم الأربعاء، بألا تعطل استقالة الحكومة عملية التدقيق في حسابات البنك المركزي.

وبعض الدول يساورها القلق بشكل خاص من تأثير إيران، من خلال جماعة حزب الله المسلحة وذات النفوذ والتي تصنفها الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية. وساعد حزب الله في تشكيل حكومة دياب.

وقال الخبير الاقتصادي توفيق كسبار إنه ما دام أن حزب الله يسيطر على مفاصل السلطة، فإن التعافي الاقتصادي لن تقوم له قائمة، إذ إن الجماعة لن توافق على إصلاحات مثل فرض ضوابط حدودية وجمركية. وأضاف كاسبار الذي عمل مستشارا لصندوق النقد ووزارة المالية اللبنانية: "هذا سيف دموقليس معلق فوق رؤوس الجميع... إذ لم يعالَج هذا الوضع، فلا يمكنني توقع كيف يمكن أن نحصل على حل مستدام".

وقال إيراديان من "معهد التمويل الدولي" إنه في غضون ذلك، وفي ظل محدودية دعم التمويل الخارجي وزيادة التضخم وتهاوي سعر صرف الليرة في السوق الموازية إلى 9290 للدولار الأميركي بحلول 2021 وفق أسوأ التصورات، فسيواصل لبنان السقوط.

وأخطر "مصرف لبنان" المركزي البنوك المحلية بتقديم قروض بفائدة صفرية بالدولار الأميركي للمتضررين من الانفجار للقيام بإصلاحات، وهو ما يقول المحللون إنه سيأتي من الاحتياطيات الرسمية. وقال نافذ صاووك من "أكسفورد إيكونوميكس" إن الاحتياطيات قد تقل 6 أو 7 مليارات دولار بنهاية 2020 من نحو 18 مليار دولار، متابعاً: "سيستنفد لبنان الاحتياطيات القابلة للاستخدام".

(رويترز)

المساهمون